أثار تقريرُ الأمم المتحدة الذي يُندد بإعدام تنظيم “داعش” الإرهابي العديدَ من المدنيين في العراق، وبخاصة النساء، تساؤلات حول دوافع التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها “تنظيم الدولة” المعروف إعلاميًّا بـ”داعش” و”جبهة النصرة” في سوريا، للمعاملة القاسية تجاه النساء، والتي تتخذ أبعادًا ومسارات ونتائج متشابهة بين كلا التنظيمين الإرهابيين، وإن اختلفت في التفاصيل.
ويومًا تلو آخر، تتوالى الأخبار التي تنقل أبشع الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية باسم الدين في حق الآلاف من الأبرياء في العراق وسوريا. ويأتي النساء في مقدمة هؤلاء الأبرياء ضحايا هذه التصرفات الإرهابية المتطرفة؛ حيث يلقون مصيرًا قاتما حافلا بالاغتصاب والخطف والقتل والجلد والرجم، وخلال الفترة الأخيرة الماضية ازداد تنظيم “داعش” توحشًا وتبجحًا بإعادة إحياء عمليات السبي والزيجات القسرية بحق هؤلاء النساء.
فبحسب تقرير صدر أمس، الثلاثاء (20 يناير 2015) عن الأمم المتحدة، فإن تنظيم داعش أعدم العديد من المدنيين في العراق، وأنه يستهدف بشكل خاص النساء المثقفات، كما أكدت المتحدثة الأممية “رافينا شامداساني” للصحفيين أن النساء المثقفات والمهنيات، وخصوصًا اللواتي رشحن أنفسهن للانتخابات العامة يتعرضن للخطر بشكل خاص، وأنه “في أول أسبوعين من هذا العام أشارت التقارير إلى إعدام ثلاث محاميات، وقالت يبدو أن النساء المثقفات والمهنيات، خصوصًا اللواتي رشحن أنفسهن للانتخابات العامة، يتعرضن للخطر بشكل خاص، كما وردت تقارير عن إعدام العديد من النساء مؤخرًا في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم بما فيها الموصل، بحسب ما صرحت المتحدثة “شامداساني”.
وقد دفع قيام تنظيم “الدولة الإسلامية” بسبي النساء والفتيات الإيزيديات بضحاياه إلى الانتحار أو الإقدام على محاولة ذلك، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية نشر في (23 ديسمبر 2014).
وبالرغم من أن اهتمام أعضاء تنظيم “جبهة النصرة” بالزي النسائي الذي يلجؤون إلى ارتدائه عند محاولاتهم الهروب من أماكن فقدوا سيطرتهم عليها، فإن نظرتهم إلى النساء لا تختلف عن نظرة الدواعش، فعلى غرار تعامل تنظيم “داعش” مع نساء العراق يمارس “النصرة” انتهاكات بحق نساء سوريا في المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيم الإرهابي.
فقبل نحو أسبوع نقل ناشطون شريط فيديو مصورًا لتنفيذ “الجبهة” حكم إعدام بحق امرأة في بلدة معرة مصرين في ريف إدلب، حيث كانت التهمة هي امتهان الدعارة حسب قول الرجل المسلح الذي ظهر في الفيديو وأمر بتنفيذ حكم الإعدام بحقها، ويعتقد أنه من جبهة النصرة بحسب عبارة (تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام جبهة النصرة) والتي كتبت على الحائط في مكان تنفيذ الحكم.
وفي بداية المقطع المصور تطلب المرأة وهي مكبلة الأيدي من عناصر جبهة النصرة الذين أحاطوا بها من كل جانب تطلب وتتوسل إليهم رؤية أولادها قبل أن تعدم، ولكن ما من مجيب، ورفضوا طلبها.
لكن هذا الفيديو أثار سخط عدد من النشطاء لافتقاره للضوابط الشرعية في التنفيذ حسب قولهم، فيسأل أحدهم: أين الشهود الأربعة العدول؟ ويسأل آخر: وهل اعترفت هي بذلك؟ ولماذا لم تبين جبهة النصرة في مقطع الفيديو ما هي الأدلة القاطعة التي استندت عليها ضد المرأة؟.
فيما ردّ آخرون أن هذا الحكم لم يؤخذ في يوم وليلة، بل إن المرأة كانت في دار القضاء التابعة لجبهة النصرة، وأخذ هذا الحكم عن تمعن ودراية وإجماع لجنة شرعية مختصة.
وبالعودة إلى العراق فإن تنظيم “داعش” أحيا من جديد قضية” استرقاق البشر” بعرضه النساء المختطفات للبيع في سوق السبايا، وتوزيع بعضهن على أمراء التنظيم الإرهابي، وغيرهن يتم قتلهن لرفضهم ممارسة جهاد النكاح، وهذا بالتحديد ما تعيشه النساء في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي؛ حيث حدد التنظيم الإرهابي مهر النساء في محافظة “نينوى” العراقية بمبلغ مليون ونصف مليون دينار، متوعدًا المخالف بالجلد 30 جلدة، وصلب كل رجل دين يقوم بإبرام عقود الزواج خارج محكمتهم في المحافظة، كما عرض التنظيم نساء الطوائف للبيع في أسواق نينوى، واحتفظ بالجميلات منهن للزواج بأمراء التنظيم.
ومؤخرا تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي المئات من مقاطع الفيديو، ومنها ما يوضح أسعار السبايا من النساء الإيزيديات والمسيحيات، وبحسب وثيقة نشرها تنظيم “داعش”، وتبدأ أسعارهن من 75.000 دينار وفق العمر حتى تصل إلى200.000 دينار، كما أنه لا يسمح بشراء أكثر من ثلاث غنائم، ويستثنى من ذلك الأجانب من الأتراك والسوريين والخليجيين.
غير أن نظرة تنظيم “داعش” للمرأة لا تقتصر على عملية “السبي” أو الاتجار بها، حيث سعى التنظيم إلى ضم النساء إلى صفوف قواته، ترغيبا أو ترهيبا.
وبحسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية الأربعاء (3 سبتمبر 2014 )، فإن هذه المساعي بدأت تثمر، مع تزايد عدد النساء المنخرطات في القتال في صفوف حركة داعش الإرهابية.
ويرجع عدد من الخبراء سبب انضمام النساء لصفوف داعش، لاعتقادهن بأن انضمامهن سيجعلهن محصنات ضد الاعتداءات والعنف، وأنه سيعطيهنّ موقع قوة على سائر النساء، وسيعزز ثقتهن بأنفسهن، وبأنهن مساويات للرجل.