لا يزال تحقيق تقدم سريع على طريق تسوية الأزمة السورية، يصطدم بعقبات كبيرة في ظل انعدام الثقة والتدخلات الإقليمية من جهة، ومراهنة بعض الأطراف على الحسم العسكري للصراع من جهة أخرى.
ولكن الجديد في الأزمة، هو ما ذكرته إذاعة صوت ألمانيا “DW”، حيث أوضحت أن روسيا تحولت من داعم لنظام بشار الأسد إلى “وسيط” يسعى لطرح مبادرة لحل الأزمة السورية.
تواصل موسكو مساعيها للترويج إلى خطة، تقول إنها تهدف إلى إيجاد حل للأزمة المتواصلة في سوريا منذ أربع سنوات، من خلال محاولة إقامة حوار بين النظام السوري والمعارضة.
وآخر هذه التحركات تمثلت في لقاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، حيث أكد الأخير أن “دمشق تتعاطى بإيجابية مع مساعي روسيا”.
واستقبلت موسكو في الأيام الأخيرة، وفودا رسمية سورية وشخصيات من المعارضة، لجس نبض تلك الأطراف لمعرفة مدى استعدادها لأي حل مستقبلي.
كما التقى بوجدانوف، شخصيات من المعارضة السورية في إسطنبول قبيل توجهه إلى دمشق.
ويأتي هذا في وقت يواصل فيه المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، جهوده لإقناع الأطراف المعنية للاتفاق على تجميد القتال في حلب، في مبادرة يقول عنها المبعوث الدولي، إنها ستكون نموذجا لوقف القتال في مناطق أخرى إن نجحت في الصمود.
ولم تتبين بعد التفاصيل الدقيقة للمبادرة الروسية، التي تقول موسكو إنها تهدف إلى إقامة حوار بين المعارضة والنظام السوري؛ بغية الوصول إلى حل سياسي للأزمة، لكن يبدو أن المساعي الروسية قد تصطدم بجملة من المطبات التي قد تعصف بمبادرتها، فالمعارضة السورية- وبالرغم من تشتتها- ترى أن أي حوار يجب أن يقود إلى تبني ما ورد في مؤتمر “جنيف 1”.
ويؤكد جورج صبرا، رئيس المجلس الوطني المعارض والرئيس السابق للائتلاف، أن “الحوار لم يكن يوما هو الهدف بذاته، إنه مجرد وسيلة للوصول إلى الهدف الحقيقي المتمثل في الحل الشامل للأزمة السورية، ولن يتأتى ذلك إلا بتشكيل جسم انتقالي يتمتع بجميع الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئاسة الجمهورية”.
بدوره، قال الإعلامي والدبلوماسي السوري السابق تركي صقر، إن هذه الشروط يرى فيها أنصار النظام السوري على أنها المعرقل الأساسي لأي مبادرة قد تحاول البحث عن أرضية مشتركة للحوار، فـ “المبادرة الروسية تقول إن الحوار السوري- السوري يجب أن ينطلق بدون شروط مسبقة، فلا نجاح لأي حوار إذا وضعت هذه الشروط”.
وإذا كان جورج صبرا ، تحفظ على المبادرة الروسية، فإن حسن عبد العظيم، رئيس هيئة التنسيق الوطنية والمعروفة إعلاميا بمعارضة الداخل، رحب بها، وقال: “إنه يجب على المعارضة، التي تؤمن بالحل السياسي التوافقي أن تبحث عن الحلول التوافقية”.
ويبدو أن قيام روسيا بدور العراب لهذه المبادرة يشكل عقبة في حد ذاته، فالمعارضة السورية، لاسيما في الخارج، ترى في موسكو طرفا في الصراع الدائر في البلاد، ومن هنا فإن “هذه المبادرة ولدت ميتة”، بحسب تعبير جورج صبرا.
وفي هذا السياق، أوضح المعارض السوري وجهة نظره بالقول: “روسيا طرف حقيقي في الصراع السوري، فقد دعمت النظام السوري واحصنته ضد أي إدانة دولية في مجلس الأمن، ودعمته بالسلاح.. وإذا كانت روسيا جادة في عملية البحث عن حل سياسي فيجب أن يتم الأمر في إطار الأمم المتحدة ومؤسساتها الشرعية”.
وإن اختلفت بشأنها الآراء، فإن المبادرة الروسية تأتي في خضم واقع جديد فرضته التطورات الميدانية المتعلقة بتمدد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، وهو الأمر الذي خلق توافقات وإن كانت آنية بين العديد من القوى الإقليمية والعالمية.
ويرى عبد العظيم أن “داعش دفعت بالسعودية وإيران، وبأمريكا وروسيا إلى القبول بالتغيير الذي حدث في العراق وإنهاء حكومة المالكي والمجيء بحكومة التوافق الوطني، وهو الأمر الذي يجب أن يحدث في سوريا أيضا.. فبعد أربع سنوات من العنف والتطرف الذي أنتج ظاهرة داعش، يجب الآن الالتفاف إلى “الحل السياسي التوافقي”.