قد يكون شيء بسيط مثل نباح كلب هو الذي نبّه حراساً تابعين لتنظيم القاعدة باقتراب قوات خاصة أمريكية “مارينز” من المجمع بعد منتصف الليل مباشرة. وخلال ثوانٍ اندلع إطلاق نار كثيف لدى اقترابهم من المبنى.
وحسب وكالة أنباء “رويترز”، تسلط هذه التفاصيل -بالإضافة إلى تفاصيل أخرى قدّمها مسؤولون أمريكيون ويمنيون عما وصفوه بإعدام الصحفي الأمريكي لوك سومرز والجنوب إفريقي بيير كوركي يوم السبت في اليمن- الضوء على الصعوبات الهائلة التي تواجه الولايات المتحدة في استعادة رهائن من أيدي متشددين في المنطقة.
وقال مسؤول أمريكي تحدّث شريطة عدم نشر اسمه: “لا يوجد ما يشير إلى كيفية معرفة هؤلاء الأشخاص أن الفريق على وشك دخول المجمع”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومسؤول بالمخابرات اليمنية إن “سومرز” (33 عاماً) و”كوركي” قُتلا بالرصاص على يد خاطفيهما بعد وقت قصير من بدء المداهمة في منطقة وادي عبدان القاحلة بشبوة، وهي محافظة في جنوب اليمن يُنظر إليها منذ زمن بعيد على أنها من أشد معاقل “القاعدة” تحصيناً.
المحاولة الثانية
وبدأت العملية وهي ثاني محاولة لتحرير “سومرز” خلال عشرة أيام بمشاركة نحو 40 من القوات الخاصة الأمريكية في وقت متأخر يوم الجمعة في قرية ظفار. وقال مسؤول دفاعي أمريكي إن المداهمة لم يشارك فيها أي يمني.
ووصلت القوات على متن طائرات سي- في 22 أوسبري التي تجمع بين خصائص الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر من حيث القدرة على الإقلاع والهبوط العمودي. وفور الوصول إلى الأرض اقتربت القوات من المجمع سيراً على الأقدام. وقال مسؤول إن نباح كلب ربما هو الذي نبّههم، لكن هذا لم يتضح بعدُ.
عنصر المباغتة
وأضاف المسؤول أنه لدى اقترابهم “فقدوا عنصر المباغتة”. واندلعت معركة عنيفة بالأسلحة النارية.
وقال مسؤول أمريكي: “بدأ العدوّ في إطلاق النار بعصبية، ثم رد رجالنا بإطلاق النار”.
وكانت القوات الخاصة على بعد أقل من 100 متر من المجمع في تلك اللحظة.
وقال علي الأحمدي رئيس جهاز الأمن القومي اليمني إنهم قتلوا بالرصاص نحو عشرة أشخاص بينهم حراس للقاعدة وبعض المدنيين. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها لا تعلم شيئاً عن حدوث خسائر مدنية.
مقتل “سومرز”
وخلال الاشتباك اندفع أحد الحراس إلى داخل المجمع، ثم خرج عبر منفذ خلفي، وسُمع دويّ إطلاق نار. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن “سومرز” و”كوركي” قُتلا في هذه اللحظة.
وبعد إصابة أو قتل حراس القاعدة دخلت القوات الخاصة الأمريكية إلى المجمع لتعثر على الرجلين مصابين بعدة أعيرة نارية، وقاموا بنقلهما إلى طائرة متوقفة حيث خضعا للعلاج. ولفظ أحدهما أنفاسه الأخيرة في الطائرة، في حين توفّي الآخر فور هبوطها على متن سفينة هجومية قريبة.
واستمرّت المداهمة من 5 إلى 10 دقائق. وجرت الموافقة على العملية سريعاً.
خطة البنتاجون
وكان الرئيس باراك أوباما أجاز في وقت مبكر يوم الجمعة المهمة لإنقاذ “سومرز”، بناءً على معلومات من الجيش وجهات إنفاذ القانون والمخابرات. وأعدّت وزارة الدفاع سريعاً خطة التنفيذ.
وقال مسؤول كبير بالإدارة: “كنا نسابق الزمن بعد أن هددت القاعدة علناً بإعدام لوك سومرز خلال 72 ساعة.. كان تقييمنا أن الموعد سينتهي السبت”.
وكان مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية أبلغوا البيت الأبيض في وقت متأخر يوم الخميس بأنهم أعدوا خطة للمهمة.
وجرت مراجعة الخطة في البيت الأبيض في الصباح التالي، وأقرّها وزير الدفاع تشاك هيجل ثم “أوباما”. وقال مسؤولون أمريكيون إن الخطة حظيت بدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.