– مصابة بالإيدز: فصلوني من العمل لأنني مصابة بنقص المناعة .. وأولادي وقفوا معي.
– مواطنة: إفريقية أصابتني بالإيدز .. والأطباء أهانوني في المستشفى.
– موسى هيازع: التوعية بمرض الإيدز في تزايد .. والعمل مع المريض وفق منظومة متكاملة.
– أبرار الشهابي: عدد كبير من أفراد المجتمع ليس لديهم توعية بنقص المناعة ويتعاملون مع المتعايش وكأنه متهم.
– عبد الله الصومالي: الجميع لا يعلم حقيقة المرض وطرق العدوى وهناك تضخيم كبير لحجم المشكلة.
بمناسبة اليوم العالمي للإيدز؛ الذي يصادف اليوم الأول من شهر ديسمبر من كل عام.. التقت “احد المصادر” عدداً من المصابات والمتعايشات مع الفيروس الخطير، وعدداً من العاملين في مجال التوعية بالإيدز.. للتعرُّف على الأبعاد الحقيقية للمرض الخطير، وسُبل التعايش معه في المجتمع.
إحصائيات
كشفت آخر إحصائية لوزارة الصحة عن تزايد حالات جديدة بالإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب 1233 حالة (431 سعودياً، 831 غير سعودي) عام 2012، ووصل العدد عام 2013 إلى 18762 حالة مصابة؛ 96 % منها عبر العلاقات الجنسية، وتعاطي المخدرات بالحقن، و1.5 % من الأم إلى الجنين.
نحن بجوارك
إحدى المتعايشات مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، وتعيش الآن بصحة جيدة ونفسية سليمة، قالت: عندما علمت بإصابة زوجي بعد 12 عاماً من زواجنا انتابني خوفٌ شديدٌ، وقررت أن أذهب لعمل التحاليل لأطمئن، وقتها علمت بإصابتي وانتابتني حالة من اليأس فكيف سأربي أبنائي الأربعة، وأنا مصابة بمرض قد يفتك بحياتي في أي وقت، وشعر زوجي بالندم والحزن ومرض ثم تُوفي في المستشفى، حملت هَم المرض بمفردي وهَم تربية الأولاد، وبفضل الله كبر أبنائي وأحدهم أجهز لزفافه. وتابعت: واجهت المرض والمجتمع واستطعت أن أتغلب على مرضي وأربي أبنائي وأساعدهم في دراستهم، وعندما كبروا أخبرتهم بحقيقة مرضي، فما كان منهم سوى أن قالوا لي”نحن معك وبجوارك”، وشعرت وقتها أنني لست بمفردي، وارتفعت معنوياتي كثيراً.
حقيقة المرض
قالت: جاءت الصدمة الثانية عندما طلب مني صاحب العمل بالقيام بفحوص لجميع الموظفين، وبالفعل اكتشف مرضي، وأني مصابة بالإيدز، فصدر قرار بفصلي، على الرغم من أني كنت أعمل بمنصب إداري لا يوجد فيه اختلاط، بيد أن صاحب العمل رأى أن سمعة الشركة ستهتز عندما تتم معرفة إصابة إحدى الموظفات بمرض الإيدز.
وبسؤالها عن كيف استمرت حياتها وتربيتها لأبنائها بعد فقد العائد المادي الوحيد، أجابت: لم تتوقف حياتي وبدأت في عمل الكثير من الأعمال اليدوية وبيعها من المنزل، ثم التحقت بجمعية أصدقاء مرض الإيدز، وتعرفت على الكثير من المتعايشات واكتسبت ثقة كبيرة، لافتة أنها رأت أن عليها دوراً آخر تجاه أفراد المجتمع بنشر التوعية بحقيقة المرض والتخلص من الصورة الذهنية القديمة.
لحظات صادمة
وتواصلت “احد المصادر” مع متعايشة أخرى أصيبت بفيروس الإيدز، وبسؤالها عن سبب إصابتها، أجابت: ذهبت إلى إحدى الإفريقيات لعمل خرم في الأنف لارتداء زمام الأنف، وفُوجئت وقتها أنها تستعمل الأداة نفسها لكل النساء ولم أهتم وقتها بذلك، وعلمت بحقيقة مرضي وانتابتني صدمة عنيفة عندما علمت بأن الإفريقية كانت مصابة بالفيروس، وانتقل إليّ المرض منها، وتابعت: حاولت الجمعية وأعضاؤها معي كثيرا لتحسين نفسيتي، بيد أن خوفي من الفضيحة ومعرفة الأهل يكاد أن يفتك بي، وتساءلت ماذا أفعل إذا طردني أهلي من البيت وكيف أعيش في ظل نظرات المجتمع التي ستلاحقني؟ وتذكرت لحظات حزينة مررت بها خلال رحلتي وطردها من عملها، وقالت: ذات يوم أصبت بجرحٍ عميقٍ في يدي وذهبت إلى أحد المستشفيات قسم الطوارئ وأنا أنزف وقررت أن أعرفهم بحقيقة مرضي حتى يأخذوا الحيطة، وفوجئت برفضهم التعامل معي نهائياً، واستمر الحال ساعة، وأنا أصرخ هل من طبيب يساعدني؟ إلى أن جاء أحد الأطباء وارتدى عدداً من القفازات حتى يتعامل معي، وشعرت بمهانة شديدة.
وأضافت: أقنعتني الجمعية بزيارة مستشفى الملك سعود في جدة ومتابعة مرضي، وتعرفت وقتها على أحد المتعايشين وبمساعدة أعضاء الجمعية تمّ الزواج، ومعي الآن طفلان معافان من المرض، وأحمد الله وأدعو لهما بدوام الصحة.
زيادة التوعية
تواصت “احد المصادر” مع مشرف البرامج والأنشطة في الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز في جدة موسى هيازع، الذي أكّد أن التوعية بمرض الإيدز في زيادة، مستدلاً بوجود عدد كبير من المتعايشين والمتعايشات أسهموا في توصيل التوعية والمعلومة الصحيحة، وطرق العدوى وحقوق المرضى إلى بعض شرائح المجتمع، وأصبح لهم دور فعال، وقال: هناك مَن بدأ بمنزله مع أهله وأقاربه وأولاده والبعض الآخر جاء معنا للمؤسسات الصحية والتعليمية، والبعض زار بعض المحال التجارية وتوصيل وتوزيع المطويات عند إشارات المرور، كما أنه تم تعليمهم وتدريبهم بطرق انتقال المرض وأصبحوا مؤهلين لإلقاء محاضرات تعريفية.
وأوضح أن العمل مع المريض يكون وفق منظومة متكاملة تساعد المتعايشين لإخراجهم من الأزمة النفسية التي تواجههم عند إخبارهم بالمرض، ومن ثم تأهيلهم للخروج إلى المجتمع بكل ثقة، حتى يستطيعوا العيش بكرامة وبنفس إيجابية تجاه المجتمع.
لحظات
أبرار الشهابي طالبة جامعية عضوة في جمعية مرضى الإيدز تشعر بأن عليها دوراً تجاه تلك الفئة، وتقول لـ “احد المصادر”: وجدت أن هناك عدداً كبيراً من أفراد المجتمع ليس لديهم توعية بفيروس نقص المناعة، ويتعاملون مع المتعايش وكأنه متهم، على الرغم من وجود أمراض أخرى قد تكون أشد وقعاً على الفرد منه.
وتابعت: من هنا جاءت فكرة القيام بحملة تطوعية “لحظات” لتوعية المجتمع بحقيقة المرض وبأن أغلب المتعايشات ضحايا ولسن جانيات، وقمنا بزيارات لعديد من المدارس والجامعات والدور الاجتماعية للتعريف بالمرض. ولامت الشهابي الإعلام واتهمته بالتقصير في حق تلك الفئة، وتوعية المجتمع بطرق التكيف مع المتعايشين.
وصمة عار
من جانبه، يقول عبد الله الثمالي، موظف في “صحة” الطائف، ومنسق برنامج الإيدز في المحافظة، وعضو في جروب “لحظات”: الجميع ليس لديهم إلمام بحقيقة المرض وطرق العدوى وهناك تضخيم كبير لحجم المشكلة؛ ما جعلني أسعى إلى نشر معلومات صحيحة عن طريق تلك الحملات التطوعية في “القروب”. وبسؤاله عن عدد الأطفال المصابين والمشكلات التي تواجههم، أجاب: أعلنت وزارة الصحة وجود ما يقرب من 80 طفلاً متعايشاً ولديهم استقرار كبير في مدارسهم ومنازلهم ويتلقون العلاج بانتظام. وأضاف: عديد من المتعايشين يعانون نظرة المجتمع ورفضه لهم واتهامهم بـ “وصمة عار”، وكان هدفنا الأول إزالة تلك الوصمة والتأكيد على وجود طرق عدة للوقاية، وأن تلك الفئات أصبح بإمكانها أن تتعايش وتتزوج وتعيش حياة سوية.