بعد شد وجذب من طرف واحد، وتصريحات متتالية من المسؤولين الإيرانيين حول حرص المملكة على عقد لقاء بين مسؤولين من الطرفين ورفض طهران لذلك، لم تجد طهران مفرا من إرسال مساعد وزير خارجيتها إلى المملكة حسين أمير عبد اللهيان (دون دعوة) وذلك حسب مصادر إيرانية إعلامية للتنسيق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكانت التصريحات الإيرانية التي تتحدث عن رغبة المملكة في لقاء مشترك مع إيران ورفض الأخيرة لذلك ارتفعت وتيرتها بشكل كبير مع توجيه دعوات بروتوكولية من المملكة إلى طهران لحضور اجتماعات وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي الدعوات التي توجه لجميع أعضاء المنظمة لكن الإعلام الإيراني تلقفها كدعوة سعودية لإيران اعتذر عنها وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
وبدأت طهران تشعر مؤخرا بضرورة التنسيق مع المملكة، خاصة بعد انهيار الأوضاع في العراق، التي حكمها حليفها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، وتحولها إلى دولة على أبواب التقسيم، يخضع ثلثها تقريبا لتنظيم “داعش” الإرهابي، فيما بدأت قوات أمريكية بالعودة إليها سواء عبر غارات جوية أو جنود نخبة أو خبراء عسكريين في تتويج لفشل كامل لسياسة طهران وحليفها المالكي في العراق.
وكانت أول المؤشرات على إدراك طهران محورية دور الرياض وعدم إمكانية تجاوز المملكة في المنطقة جاءت على لسان المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، خلال مؤتمرها الصحفي الأسبوعي، يوم الجمعة الماضي، حيث قالت إن “إيران أعلنت وما زالت تعلن عن استعدادها للتعاون مع السعودية. وكان من المقرر أن يزور ظريف السعودية في هذا الإطار، غير أن الفرصة لم تسنح بعد للقيام بتلك الزيارة”.
وأكدت أفخم أن “العلاقات التقليدية التي تجمع إيران والمملكة العربية السعودية تسير في مسارها الطبيعي، وننتظر أن نشهد الخطوات الدبلوماسية الجديدة من خلال سفيري البلدين ورفع مستوى النشاطات الدبلوماسية”.
وقالت إن “إيران والسعودية بلدان مهمان في المنطقة ونأمل في أن تتوفر أجواء جديدة من خلال الحوار والمشاورات مع المملكة العربية السعودية من أجل إيجاد حلول لقضايا المنطقة”.
ورغم تصريحات أفخم لم تجد إيران نفسها مدعوة إلى الاجتماع الخماسي الذي ترأسه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الأحد الماضي، بمشاركة الإمارات وقطر ومصر والأردن لبحث الوضع في سوريا وتنامي التطرف في الإقليم مع سيطرة تنظيم “داعش” المتطرف على أراضٍ واسعة في العراق وسوريا.
وأوضح هذا الاجتماع حقيقة محورية دور المملكة ومكانتها القيادية في حفظ استقرار وأمن المنطقة ومكافحة الإرهاب فيها، فيما وجدت طهران نفسها تبدو معزولة عن التنسيق الإقليمي والدولي لتبادر إلى تجاهل تصريحاتها السابقة وترسل مساعد وزير خارجيتها.
وكان عبد اللهيان وصف المحادثات التي أجراها مع سعود الفيصل بأنها “إيجابية وبناءة”.