احمد محمد صيرم جازان فويس
يوم العاشر من رمضان يوم يحق لكل سعودي ان يفخر به خاصة ولكل عربي عامة فذلك اليوم كانت للمملكة العربية السعودية كلمة الشرف التي حملت عبر التاريخ ان القيادة السعودية تقف مواقف مشرفة مع اشقائها العرب لما تحمله من مسؤلية نحوهم فمن حقنا ان نمجد ذلك اليوم فهو يوم ليس للاخوة في مصر او سورية او اي قطري عربي لوحده فهو من ايام عزتنا كامة عربية
لمحة تاريخة عن ذلك اليوم والدور السعودي فيه
في العاشر من رمضان تأتي الذكرى لانتصارات حرب أكتوبر عام 1973م حيث تحتفل مصر وسوريا والعديد من الدول العربية بهذه الذكرى الغالية في النفوس والتي يطلق عليها «حرب العاشر من رمضان» لوقوعها في هذا الشهر المعظم الذي حدثت فيه «غزوة بدر وفتح مكة والعديد من الانتصارات» والمسلمون يصومون: قال تعالى {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا إن تّنصٍرٍوا اللَّهّ يّنصٍرًكٍمً وّيٍثّبٌَتً أّقًدّامّكٍمً} تلك الحرب التي كان لها الأثر الأكبر في النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية حيث شاركت العديد من الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من عهد المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود في استخدام سلاح البترول العربي في المعركة لأول مرة فحطموا إلى الأبد عقدة الخوف من استخدام هذا السلاح الذي أحدث تأثيرات كبيرة على أوروبا المستخدمة الرئيسية لهذا البترول حيث تعتمد على «80%» من احتياجاتها على البترول العربي وكذا الولايات المتحدة الأمريكية تستهدف التأثير على الدول المؤيدة لإسرائيل وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية التي قام رئيسها يومئذ نيسكون غداة نشوب «معركة العاشر من رمضان« بتقديم طلب إلى الكونجرس الأمريكي للموافقة على اعتماد جديد لبرنامج ضخم من المساعدات العسكرية لإسرائيل وصل لأكثر من «2500» مليون دولار يومئذ بعد الهزائم المتلاحقة لإسرائيل في تلك الحرب والتي كشف عنها «هنري كيسنجر» وزير خارجية أمريكا يومئذ في كتابه الأخير «الأزمة» والذي تنشر جريدة «الأهرام» المصرية ترجمة له خلال شهر رمضان الحالي مما يكشف التواطؤ الأمريكي الإسرائيلي ضد العرب وحتى اليوم في كل المجالات. وذلك بعد القرار السياسي الجريء الذي اتخذه الرئيس الراحل محمد أنور السادات باستخدام القوة العسكرية بغرض تغيير موازين الموقف السياسي والعسكري في الشرق الأوسط وتهيئة الظروف المناسبة باستخدام باقي القوة المتوفرة للعرب وعلى الأخص سلاح البترول العربي الذي كان للملك فيصل الفضل فيه بعد الله في نجاحه وأثر تأثيراً كبيراً في نجاح المعركة بعد الدعوة لانعقاد المؤتمر الطارئ لوزراء البترول العرب أثناء حرب رمضان والدور السعودي البارز في قرارات المؤتمر.
الاثار الرئيسية لحرب العاشر من رمضان
كان لحرب العاشر من رمضان العديد من الاثار في النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية نجملها فيما يلي:
أولاً: الآثار العسكرية لحرب العاشر من رمضان:
كان لحرب العاشر من رمضان «حرب اكتوبر» العديد من الاثار العسكرية لعل أهمها:
1- هدم نظرية الأمن الإسرائيلي.
2- القضاء على أسطورة جيش اسرائيل الذي لا يقهر.
3- وقف المد الصهيوني التوسعي.
4- دراسة المعاهد العسكرية في العالم لحرب العاشر من رمضان.
5- إن حرب العاشر من رمضان قلبت الموازين العسكرية في العالم.
ثانياً: الآثار الاقتصادية لحرب العاشر من رمضان والدور السعودي البارز فيها:
في 17 أكتوبر عام 1973م الموافق الحادي والعشرين من شهر رمضان عام 1393هـ وخلال الأسبوع الثاني من حرب العاشر من رمضان انعقد المؤتمر الطارئ لوزراء البترول العرب بمبادرة شجاعة وبادرة قادها جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية يومئذ لاستخدام سلاح البترول العربي في المعركة ومنع وصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي قام رئيسها نيكسون يومئذ بتقديم مساعدات ضخمة عسكرية لإسرائيل وانشاء جسر جوي يحمل كل ترسانات أمريكا العسكرية في أوروبا لتعويض كل ما فقدته إسرائيل من السلاح والعتاد خلال الاثنى عشر يوماً من بدء القتال والتي بلغت وفقاً لتصريحات اسحاق رابين عشرة ملايين دولار في الساعة يومئذ واتخذ وزراء البترول العرب يتقدمهم وزير البترول السعودي عدة قرارات بشأن الموقف تجلت فيما يأتي.
تخفيض الانتاج
بنسبة 5% كحد أدنى يزداد بنسبة 5% شهرياً حتى يتم جلاء القوات الإسرائيلية من كل الأراضي العربية المحتلة واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني إلا أن الدول العربية أجمعت على تخفيض 10% في وقت وضعت الدول المستهلكة للبترول احتمالات زيادة البترول خاصة أن أزمة الطاقة في العالم خلال تلك الحرب كانت تتطلب زيادة الانتاج العالمي بنسبة «58%» تتحمل منها السعودية وحدها «40%» على أساس أن انتاجها يمثل كل انتاج البلاد العربية وتتحمل باقي دول الخليج وعلى الأخص البحرين وأبو ظبي وقطر «لأن الكويت حددت انتاجها من البترول وتتحمل «10%» ولا شك أن اجراءآت التخفيض تزيد من أزمة الدول المستهلكة بما يجعلها تعاني وتحس بأزمة الطاقة فتتحرك جادة لمناصرة الأمة العربية ضد اسرائيل خاصة الدول الأوروبية الغربية واستجابة لهذا الضغط ونجاح سلاح البترول العربي:
1- أصدرت دول الجماعة الأوروبية التسع يومئذ بما فيها هولندا بياناً قاطعاً في تأييد الحق العربي وقرار مجلس الأمن مستنكرة استمرار احتلال اسرائيل للأراضي العربية المحتلة وطالبت كلها وعلى رأسها فرنسا بضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة.
2- حظر وصول البترول لأمريكا وهولندا:
قرر وزراء البترول العرب حظر وصول البترول كلية للولايات المتحدة الأمريكية وهولندا لمواقفهما المؤيدة لاسرائيل ودعم أمريكا لها عسكرياً في عهد الرئيس نيسكون بارسال العديد من الأسلحة عبر أوروبا وبأسرع ما يمكن لعدم هزيمة إسرائيل يؤكد ذلك ما كتب في كتاب (الأزمة) لهنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا يومئذ الذي تنشره جريدة «الأهرام» المصرية عن الهزيمة المنكرة لإسرائيل في الأيام العشر لحرب العاشر من رمضان ولولا المساعدات الأمريكية لها باعتبارها الدولة التي تساند اسرائيل دائماً وبغير حق ضد العرب وإلى اليوم لانتهت أسطورة جيش اسرائيل الذي لا يقهر بل ووجودها في الشرق الأوسط.
ومن هنا نجح سلاح البترول في حرمان الدول المؤيدة لاسرائيل من امدادها بالبترول العربي.
3- تفجير أزمة بين أوروبا وأمريكا بسبب البترول العربي
جاءت حرب العاشر من رمضان ونجاح الدول العربية باستخدامها لسلاح البترول العربي إلى تفجير أزمة حادة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين دول غرب أوروبا في اطار حلف شمال الأطلنطي وقتئذ في سبيل مصالحها واستمرار مدها بالبترول العربي الذي تعتمد عليه أساساً وحلول شتاء قارص إلى رفض جميع الدول الأعضاء في حلف الأطلنطي فيما عدا البرتغال لاستخدام أراضيها ومطاراتها في إمداد إسرائيل بالسلاح عن طريق الجسر الأمريكي الذي أمر به الرئيس الأمريكي نيكسون لانقاذ اسرائيل من الهزيمة المحققة بإرسال شحنات من العتاد الحربي لتعويضها عن الطيران الذي فقدته والمدرعات فضلاً عن كميات كبيرة من الذخيرة وصواريخ جو/جو و جوأرض ومدفعية ثقيلة وأجهزة حربية وغيرها.
وكان لهذا الموقف الأمريكي المنحاز لاسرائيل كلية السبب في حرمانها من البترول العربي وخاصة من المملكة العربية السعودية التي لم تكن أمريكا تتوقع اتخاذ أية اجراءآت عدائية ضدها منها – بالاضافة إلى أن ظروف حرب العاشر من رمضان أدت إلى عدم تشغيل خطوط أنابيب البترول الموجودة على ساحل البحر الأبيض المتوسط بكفاءتها كاملة مما أدى إلى انخفاض البترول مما جعل سلاح البترول من أقوى الأسلحة الاستراتيجية والاقتصادية في حرب العاشر من رمضان.
4- موقف المؤتمر من الدول الصديقة:
اتخذ مؤتمر وزراء البترول العرب بالكويت موقفاً عادلاً بالنسبة للدول الصديقة والمناصرة للعرب وذلك باستمرار تزويدها بالبترول حتى يطمئنوا إلى مساندة هذه الدول لهم باستمرار ودفاعهم عن قضيتهم العادلة في تحرير الأرض، وحدد الوزراء العرب الدول الصديقة بأن الصداقة لا تعني مجرد وقوف الدول على الحياد وإنما تقوم تلك الدول بمساندة العرب مساندة عملية وفعالة أو تتخذ اجراءات ضد اسرائيل لحملها على الانسحاب ونجح هذا السلاح حيث أعلنت دول أوروبا الغربية استنكار احتلال إسرائيل للأراضي العربية وضرورة انسحابها من الأراضي العربية المحتلة.
5- اعلان ارتفاع أسعار البترول:
كما قامت جميع دول الخليج العربي برفع أسعار بترولها بنسبة 17% دون الرجوع إلى استشارة الشركات العاملة فيها تلتها كل الدول العربية المنتجة للبترول بنسب مختلفة وكان الهدف من وراء رفع أسعار البترول زيادة عائداتها لتمويل المعركة الدائرة في منطقة الصراع العربي الإسرائيلي وتعويض أرباح البترول التي قلت نتيجة انخفاض الانتاج خاصة إذا استمرت المعركة فترة طويلة وقد ارتفع سعر البترول من 3 دولارات للبرميل إلى «40» دولاراً وهكذا كانت حرب العاشر من رمضان سبباً في تصحيح سعر البترول.
6- دعم المؤتمر لمصر وسوريا مالياً:
رأت الدول العربية دعم مصر وسوريا بالمال على أن يشمل الدعم كل دولة عربية تدخل المعركة وذلك لشراء ما تحتاج إليه من سلاح وعتاد يتناسب ومتطلبات المعركة خصوصاً وقد أخذ المؤتمر في اعتباره تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لاسرائيل وتزويدها بكل الأسلحة لتنتصر على الدول العربية نتيجة للسياسة الأمريكية المؤيدة للوبي الصهيوني بها ولمصالحها في المنطقة.
ثالثاً: الآثار السياسية لحرب العاشر من رمضان
تتلخص تلك الآثار السياسية في أن حرب العاشر من رمضان 1- عززت الوحدة الوطنية بصورة لم تشهدها من قبل، كما أعادت الثقة لشعب مصر في قواته المسلحة، 2- وانها كانت سبباً في وحدة عربية شاملة كما رفعت من شأن العرب.