
بينما يطوي السودان عامه الثاني في أتون حربٍ أهلية طاحنة، تتفاقم الأوضاع الإنسانية لتصل إلى مستوياتٍ قياسية، مصنّفة كأكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم حالياً، وسط تجاهلٍ دولي ملحوظٍ وتقاعسٍ من المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، يدفع المدنيون السودانيون ثمناً باهظاً لهذه الحرب التي لا تبدو لها نهاية قريبة.
وفي محاولةٍ لكسر جمود محادثات السلام المتعثرة، تستضيف المملكة المتحدة في لندن اجتماعاً وزارياً يضم ممثلين من عشرين دولة، إلا أن هذه الجهود الدبلوماسية غالباً ما تتوارى خلف أزماتٍ عالمية أخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع الدائر في غزة، وفقاً لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
فظائع متصاعدة
وفي الذكرى السنوية الثانية لاندلاع القتال في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وردت أنباءٌ عن مقتل المئات في هجماتٍ وحشية شنّتها قوات الدعم السريع على مخيمات اللاجئين في إقليم دارفور الغربي. هذه الأحداث المروّعة ليست سوى حلقةٍ أخرى في سلسلة الفظائع، التي تميّز هذه الحرب وتداعياتها الإنسانية المدمّرة على نطاقٍ واسع.
تركت الحرب بصمات دامية على حياة 51 مليون سوداني، فتشير التقارير إلى مقتل عشرات الآلاف، بينما يواجه مئات الآلاف خطر المجاعة. كما أدّت الحرب إلى نزوح ما يقرب من 13 مليون شخص؛ لجأ منهم نحو 4 ملايين إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان.
أرقام قياسية
ووصفت إليز نالبانديان؛ مديرة المناصرة الإقليمية في منظمة أوكسفام، الوضع قائلة: “السودان الآن أسوأ حالاً من أيّ وقتٍ مضى. أكبر أزمة إنسانية، وأكبر أزمة نزوح، وأكبر أزمة جوع.. إنها تحطم جميع أنواع الأرقام القياسية الخاطئة”.
وأكّد دانيال أومالي؛ رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، وقوعَ انتهاكاتٍ “واسعة النطاق” للقانون الإنساني الدولي خلال هذا الصراع. وأضاف أن “جميع السكان المدنيين، بغض النظر عن مكان وجودهم في البلاد، حُوصروا بشكلٍ أساسي بين طرفٍ أو طرفيْن أو أكثر، وهم يتحمّلون وطأة كل شيء. الأعداد الهائلة تفوق التصور”.
مجاعة وشيكة
وتعد مدينة الفاشر واحدة من مناطق عدة في دارفور أُعلنت فيها مجاعة تؤثر في نحو 637 ألف شخص. ويعاني ما يقرب من نصف سكان السودان؛ البالغ عددهم 50 مليون نسمة -أي 24.6 مليون شخص- نقصاً حاداً في الغذاء.
وفي دارفور، لقي الآلاف من الأشخاص حتفهم في السنة الأولى من الحرب، في هجماتٍ موثقة جيداً نفّذتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ضدّ جماعات المساليت وغيرها من الجماعات العرقية. وروى لاجئون من المساليت فرّوا غرباً إلى تشاد قصصاً مروّعة عن استهداف النساء والفتيات بالاغتصاب الجماعي، وإطلاق النار على الأولاد في الشوارع.
وفي يناير من هذا العام، أعلنت الولايات المتحدة، رسمياً، أن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية، وهي المرة الثانية في أقل من 30 عاماً التي يتم فيها ارتكاب إبادة جماعية في السودان.