
في تطور مهم، اعتقلت السلطات السورية خلال الساعات الماضية في دمشق ثلاثة عناصر من أعوان نظام بشار الأسد، تورطوا في مجزرة حي التضامن المروعة، التي وقعت عام 2013، بعد ثلاث سنوات من كشف صحيفة “الجارديان” البريطانية عن تفاصيل مروعة حول المجزرة.
صدمة عدد الضحايا
ونفذت السلطات السورية عملية أمنية في حي التضامن، أسفرت عن اعتقال كل من منزر الجزائري، وسامر محمد المحمود، وعماد محمد المحمود، وظهر الجزائري في مقطع فيديو مكبل اليدين، يُقاد عبر شوارع الحي المدمرة، في تصريح صادم، أشار الجزائري إلى أن عدد الضحايا قد يصل إلى 500 شخص، وهو ما يتجاوز التقديرات السابقة التي حددت العدد بـ 288 ضحية.
وتعود أحداث مجزرة التضامن إلى أبريل 2013، حيث أظهرت مقاطع فيديو مسربة تعاونًا بين عناصر من المخابرات العسكرية السورية وميليشيات موالية للنظام في تنفيذ عمليات إعدام جماعية بحق المدنيين، بينهم 12 طفلًا. تم حرق الجثث ودفنها باستخدام جرافات، في مشهد يعكس وحشية غير مسبوقة.
وبرز اسم الضابط في المخابرات العسكرية، أمجد يوسف، كأحد المتورطين الرئيسيين في المجزرة. وظهر يوسف في مقاطع الفيديو وهو يقود الضحايا معصوبي الأعين إلى حفر، قبل أن يقوم بإعدامهم بدم بارد. ورغم الأدلة الدامغة، لا يزال يوسف لم يقبض عليه.
تحقيقات دولية
وتمكنت مجموعة من الباحثين، بينهم أنسار شاهود والأستاذ أوغور أوميت أونغور من جامعة أمستردام، من الحصول على مقاطع الفيديو المسربة وتحليلها. وتواصل الباحثون مع يوسف عبر فيسبوك، متظاهرين بأنهم مؤيدون للنظام، وأجروا معه مكالمات فيديو مسجلة، نُشرت لاحقًا في “الجارديان”. وأثارت هذه التحقيقات ردود فعل دولية، ودعت منظمات حقوقية إلى محاسبة المتورطين.
وأثارت المجزرة وما تبعها من تحقيقات حالة من الصدمة في الأوساط السورية والدولية. وتقدمت عائلات الضحايا للتعرف على أحبائهم في مقاطع الفيديو، مما زاد من الضغط على النظام السوري. وفي عام 2023، فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على أمجد يوسف وعائلته، في محاولة لمحاسبته على جرائمه.
التحركات الحكومية
وفي أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، أعلنت الحكومة الانتقالية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع عن اعتقال صالح الراس، الرئيس السابق لأمجد يوسف. كما بدأت الحكومة في تنفيذ مداهمات لاعتقال بقايا النظام السابق، وتعمل على إنشاء آلية قضائية لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات والمجازر ضد الشعب السوري.
وفي مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، أدلى منزر الجزائري باعترافات حول كيفية تنفيذ الإعدامات في التضامن، وأشار إلى أن المعتقلين كانوا يُجمعون من نقاط التفتيش ويُحتجزون تحت المباني قبل تنفيذ الإعدامات وتفجير المباني فوقهم.
وتُسلط هذه الاعتقالات الضوء على فظائع ارتُكبت خلال الحرب الأهلية السورية، وتُثير تساؤلات حول العدالة والمحاسبة في مرحلة ما بعد الصراع، هل ستتمكن الحكومة الانتقالية من تقديم جميع المتورطين إلى العدالة؟