رغم تصاعد الانتقادات الدولية بسبب استخدامها المكثف للأسلحة الثقيلة في حربها على قطاع غزة، تسعى إسرائيل إلى تعزيز قدراتها العسكرية من خلال الاستثمار في إنتاج القنابل الثقيلة محلياً، بزريعة تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة ودول غربية أخرى كمصدر رئيسي للتسليح؛ وهو ما قد يثير تداعيات على مستوى العلاقات الدولية والوضع الأمني الإقليمي.
استخدام كثيف
وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن توقيع صفقات بقيمة 275 مليون دولار لإنتاج قنابل ثقيلة ومواد خام للدفاع محلياً، ما يعكس رغبة واضحة في تقليص الاعتماد على الاستيراد الخارجي، وتأتي هذه الخطوة عقب استخدام مكثف للقنابل الثقيلة، التي تم توريدها من شركات أمريكية مثل بوينغ، في النزاع الأخير في غزة، حيث أدى هذا الاستخدام إلى تدمير واسع النطاق، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
وأثار الدمار الناتج عن هذه القنابل انتقادات واسعة النطاق من دول ومنظمات حقوقية، إذ اتهمت إسرائيل بالاستخدام المفرط للقوة في منطقة مكتظة بالسكان. كما هددت بعض الدول الغربية بوقف صادرات الأسلحة لإسرائيل، مشيرة إلى الأضرار الإنسانية الهائلة التي نجمت عن هذه العمليات.
ضغط دولي
وتواجه إسرائيل ضغوطاً متزايدة من حلفائها الغربيين، بمن فيهم الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل. وقد أرجأت إدارة جو بايدن شحنات من القنابل الثقيلة بسبب تقارير عن استخدامها ضد المدنيين. ورغم ذلك، استمر تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، ما أثار انتقادات داخل الولايات المتحدة نفسها، خاصة من جناح الحزب الديمقراطي التقدمي، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
وتستفيد إسرائيل من مساعدات عسكرية أمريكية ضخمة، تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار، وتخصص هذه المساعدات بشكل رئيسي لشراء الأسلحة والخدمات العسكرية الأمريكية، ما يجعل إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة لتلبية احتياجاتها الدفاعية.
ورغم ذلك، تسعى إسرائيل إلى تغيير هذا الوضع عبر اتفاقيات جديدة تسمح لها بتوجيه جزء أكبر من هذه الأموال نحو الإنتاج المحلي. ومع اقتراب انتهاء الاتفاقية الحالية في عام 2026، يبقى مستقبل هذه الترتيبات محور نقاش بين الجانبين.
عقبات الإنتاج
ويرى محللون أن بناء القدرات الإنتاجية المطلوبة لتصنيع القنابل الثقيلة محلياً قد يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب استثمارات ضخمة. وشركة “إلبيت سيستمز”، التي حصلت على العقد الجديد، تواجه تحديات تقنية واقتصادية لتلبية احتياجات الجيش الإسرائيلي بسرعة وكفاءة.
ولا يزال الجيش الإسرائيلي يعتمد بشكل كبير على المعدات الأجنبية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة من طراز F-35 والغواصات الألمانية، ما يعكس صعوبة تحقيق الاستقلال الكامل في مجال التصنيع العسكري.
وتمثل المواد الخام اللازمة لإنتاج الأسلحة تحدياً إضافياً لإسرائيل. ففي ظل النقص العالمي في المتفجرات والمواد الأولية الأخرى نتيجة الحروب في أوكرانيا ومناطق أخرى، تسعى إسرائيل إلى تأمين مصادر مستدامة لهذه المكونات.
وتثور مخاوف دولية من التصعيد في الوقت، الذي تروج فيه إسرائيل لهذا التحول كخطوة لتعزيز أمنها القومي، وتعبر منظمات حقوقية ودول عن مخاوفها من أن يؤدي هذا التوسع في التصنيع المحلي إلى زيادة وتيرة النزاعات في المنطقة. وتشير تحليلات إلى أن زيادة الإنتاج المحلي قد تقلل من الضغوط الدولية، التي تفرضها القيود على صادرات الأسلحة.