يبدو جليًا لكل من يتتبع أمر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” أنه تنظيم ممول بشكل جيد للغاية، ويتضح هذا من عمليات التفجير واسعة النطاق في العراق والانتشار في سوريا بسرعة مذهلة، علاوة على انتشار الدعايات المروجة لهم، والأسلحة المتطورة التي فتحت للتنظيم جبهة في لبنان.
وأمام هذه الموارد الكبيرة ، ذكرت تقارير إعلامية أن داعش تخطط لإعلان ما تسميه دولة الخلافة، وفيما يبدو أنه مخططها خلال المرحلة المقبلة.
ولم يكن ما حققته داعش خلال 2013 و2014 بالمهمة السهلة، ليطرح السؤال نفسه.. من يمول داعش إلى هذا الحد؟
صحيفة التايمز البريطانية نشرت تحليلاً للكاتبة كاثرين فيليب ذكرت فيه أن داعش من أغنى التنظيمات التي تشارك في الصراع الدائر في سوريا، إذ أنها تدفع أموالاً طائلة لعناصرها وتمدهم بأفضل أنواع الأسلحة وأكثرها تطورًا بحسب كاتبة المقال.
وعن مصدر تمويل تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق، أوضحت فيليب أنه مزيج من عوائد الخطف والتهريب والهبات من مؤيدي هذه التنظيم.
كما أشارت فيليب إلى أن الموصل كانت تعتبر من أكبر ممولي داعش، حيث أمنت لها حوالي 600 ألف جنيه إسترليني شهريًا للمساعدة في شراء الأسلحة والمعدات الحربية.
ونشر موقع “ريديت” الأمريكي للأخبار والتواصل الاجتماعي آراء البعض حول مصادر تمويل “داعش”، حيث قال أحد المشاركين إن التنظيم يحصل على المال من خلال عدة مصادر، بينها إيرادات بعض حقول النفط في العراق وسوريا والتي يسيطر عليها مؤيدو التنظيم، إضافة إلى التبرعات التي يتم جمعها إجباريًا، وابتزاز الشركات في العراق وسوريا.
كما اعتبرت ضمن مصادر التمويل، العوائد التي يحصلون عليها من فِدَى تحرير الأجانب المختطفين ، بالإضافة إلى نهب الموارد والسلع من الأماكن التي يسيطرون عليها.
كما يقوم التنظيم بتشغيل الشركات المحلية والمخابز ومنافذ الأغذية، والصناعات الصغيرة التي تقع في مناطق مستولى عليها، علاوة على شبهة أن يكون التنظيم يحصل على أموال من الجمعيات الخيرية التي تجمع الأموال من أجل سوريا، بالإضافة إلى استفادته من الرسوم الجمركية التي يتم تحصيلها في المعابر الحدودية التي تسيطر عليها “داعش”.
وأمام هذه الكميات المتدفقة من الأموال ، ذكرت صحيفة “السفير” اللبنانية أن ” داعش” تخطط لإعلان دولة الخلافة الإسلامية، من خلال السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، قبل حلول رمضان المقبل، حيث إن عددًا من قادتها في العراق والشام الحاليين كانوا يحملون رتبة “لواء” في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وهذه الخبرات مكّنتها من الاستفادة من نقاط ضعف الجيش العراقي ومن الثغرات في أجهزته الأمنية.
وذكر تقرير للصحيفة من دمشق أن التنظيم يواصل تنفيذ خططه الأمنية والعسكرية، فما أن انتهت خطة “هدم الأسوار” في شهر رمضان الماضي، حتى شرع في تطبيق خطته الجديدة “حصاد الأجناد” التي تأتي للسيطرة على مدينة الموصل في إطارها العام، مما يضع المنطقةَ على شفا هاوية تستحق أن تقرع من أجلها “أجراس الخطر” في الشرق الأوسط عمومًا وفي الدول العربية خصوصًا، على حد تعبير الصحيفة.
ولفت التقرير إلى أن خطة “هدم الأسوار” التي أعلن عنها أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم بنفسه في بداية شهر يوليو ــ رمضان من العام 2012 ، كانت المرة الأولى التي يُسمع فيها صوته، وتشير المعطيات إلى أنّ البغدادي استطاع بعد توليه منصبه إعادة هيكلة التنظيم الذي كان يعاني كثيرًا بسبب الانتكاسات التي تعرض لها منذ العام 2007 في مواجهة كل من القوات الأمريكية والجيش العراقي وقوات الصحوات والعشائر.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة “هدم الأسوار” كانت تهدف إلى تحرير المعتقلين في السجون العراقية ، وبرغم أنّ أدبيات “داعش” كانت تركز على المعتقلين “الجهاديين”، إلا أن التوقعات تشير إلى أن بيئة السجون العراقية بشكل عام ، كانت تمثل عاملاً جاذبًا يغري قيادة “داعش” باستهدافه لما يمثله المساجين من إمداد بشري سهل التجنيد.
وأوضحت السفير أن “داعش” استفادت من دمج خبراتها العسكرية السورية العراقية، وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن الأراضي السورية ستكون الميدان المفضل لتنفيذ الخطة المسماة “حصاد الأجناد”، إلا أن التطورات اللاحقة في سوريا وخصوصًا على صعيد اندلاع الاقتتال بين “داعش” وبين “الفصائل الجهادية” الأخرى، يبدو أنه غيّر من مكان تنفيذ الخطة وتحول الاهتمام مجددًا إلى العراق حيث شهدنا خلال الأسبوع الماضي تطورات نوعية تمثلت باقتحام سامراء، ثم السيطرة على مدينة الموصل وصولاً إلى الربيعة على الحدود العراقية ـ السورية.
يأتي هذا فيما حمّل عضو المجلس الوطني السوري غسان المفلح حكام طهران ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية ما يجري في العراق وسيطرة “داعش” على بعض المدن، وقال المفلح :”يبدو أن حكام طهران قرروا تغيير المعادلة وفرض واقع جديد في العراق يؤدي إلى تقسيمه بشكل رسمي.
وربط المفلح توقيت هجوم “داعش” مع المفاوضات الجارية بين إيران والغرب، وتساءل: هل تريد إيران من وراء هذا الهجوم خلط الأوراق في المنطقة ورميها بوجه الغرب الذي يضغط عليها بشأن ملفها النووي، وقال المفلح إنه بات بحكم المؤكد أن “داعش” العراق تتلقى تعليماتها من حكام إيران وحرسها الثوري لتبتز المنطقة وتساوم أمريكا.
يُشار إلى أن “داعش” استخدمت عدة أسماء مختلفة منذ تكوينها مطلع 2004، إذ بدأت باسم “جماعة التوحيد والجهاد”، وفي أكتوبر 2004 قام رئيسها آنذاك أبو مصعب الزرقاوي بقسم الولاء لأسامة بن لادن ليصبح اسم التنظيم “تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” وكان يُشار إليه اختصارًا “القاعدة في العراق”، وفي يناير 2006 اندمج التنظيم مع جماعات متمردة أخرى عراقية تحت مظلة منظمة تُدعى “مجلس شورى المجاهدين”، وفي أكتوبر 2006، اجتمع شورى المجاهدين مع 4 فصائل متمردة ممثلة لقبائل عراقية وتأسس “حلف المطيبيين”، وبعدها بيوم تم إعلان تأسيس “دولة العراق الإسلامية”، وبعد التوسع في سوريا تبنى التنظيم اسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في أبريل 2013.