للوهلة الأولى، ولدقائق بعدها، لم يستوعب آلاف السجناء السوريين في مختلف معتقلات النظام السوري المنهار، حقيقة أن مقاتلي المعارضة السورية يدمرون أقفال زنازينهم، ويدعونهم إلى الخروج منها، حيث أصبحوا أحراراً، فأغلب هؤلاء السجناء كان أملهم قد انقطع في أن يخرجوا من السجون أحياء، أو تمتد الحياة بهم داخل السجون، في ظل ما كانوا يتعرضون له من أهوال التعذيب الممنهج والمستمر، على أيدي جلادي نظام بشار الأسد، الذين كانوا يمارسون أساليب تعذيب وحشية ضد السجناء، أفضت بعشرات الآلاف منهم إلى الموت.
وبعد أن تنسم السجناء عبير الحرية، بدأوا في قص تجاربهم المرعبة في سجون بشار الأسد، ومن هؤلاء السجين مصطفى خليفة الذي قضى في سجن تدمر 14 سنة، وأوضح للإعلامي مالك الروقي في حلقة من برنامجه “السطر الأوسط”، الذي يذاع على قناة “إم بي سي”، أن سجن تدمر كان يشهد يومياً حالات موت لسجناء تحت التعذيب، وأن شاحنة كانت تأتي لحمل جثثهم، وأن بقية السجناء الأحياء كانوا يعرفون أعداد السجناء الموتى من إحصاء أصوات ارتطام جثثهم أثناء قذف جنود السجن للجثث داخل الشاحنة، وكان عدد جثث السجناء يتراوح ما بين 17 و20 يومياً.
وعن وسائل التعذيب البشعة، التي كان يتعرض لها السجناء في سجن تدمر، بيّن “خليفة” أن من هذه الوسائل، وسيلة “تعذيب أكل الفأر”، حيث كان السجناء يقتادون إلى ساحة السجن مغمضي الأعين وناكسي الرؤوس، ويأتي أحد رقباء السجن بفأر ميت ثم يختار سجيناً ويأمره بفتح فمه، ويضع فيه الفأر، ويأمره بأكله.
وذكر “خليفة” أن السجانين كانوا يبولون أمام السجناء في أوعية الطعام، ثم يوزعون الطعام على السجناء ليأكلوه، مضيفاً أن السجانين كانوا يمارسون التعذيب البشع ضدهم بغرض التسلية واستثارة ضحك بعضهم.
ووصف “خليفة” الزنازين بأنها مهاجع ضيقة كانت تكتظ بالسجناء، ولا يجد الهواء طريقاً إليها إلا عبر فوهة المراقبة في السقف، ولا يجد الضوء شقوقاً ينفذ من خلالها فالجدران مصممة لإطباق الظلام، حتى الصمت يُعد ترفاً لا يملكه السجناء فصرخات التعذيب هي ترانيم السجان المفضلة، التي تبقي النزلاء في حالة متواصلة من الترقب.
وقال “خليفة”: “إن يوم السجين كان يوزع إلى ثلاث فترات، 8 ساعات يقضيها واقفاً، و8 ساعات يقضيها جالساً القرفصاء، و8 ساعات يقضيها نائماً، لكنه ينام على جنبه طيلة الثماني ساعات، حيث كان السجانون يرصون السجناء على جنوبهم متلاصقين إلى جوار بعضهم من حائط الزنزانة إلى حائطها المقابل، دون ترك أي فرغات في أوضاع معكوسة، حيث كانت رأس السجين تواجه قدمي المجاور له