يدرب الجيش البريطاني مجموعة من ضباط الجيش المصري حاليًا على وسائل تضمن إمكانية خضوع المؤسسة العسكرية المصرية للمساءلة والمحاسبة من قبل البرلمان، في إطار التعاون بين البلدين ضمن مشروع أمني استراتيجي بريطاني يستهدف دعم المؤسسات الأمنية في الدول التي تواجه أزمات.
وأكدت وزارة الدفاع البريطانية مشروع التعاون، وقالت متحدثة باسم الوزارة إن “هناك 5 ضباط مصريين يحضرون الآن دورات تدريبية في المملكة المتحدة”، وفقا لـ”بي بي سي” العربية.
وبعد تفجر ثورة 25 يناير 2011، تصاعدت المطالب بخضوع الجيش لقدر من المساءلة والمحاسبة باعتباره أحد مؤسسات الدولة.
وكشفت المتحدثة البريطانية أيضا أن الحكومة البريطانية ” تدرس توفير فرص أخرى لإتاحة التدريب للقوات المسلحة المصرية بهدف دعم تطوير جيش مهني وقابل للمحاسبة والمساءلة”.
وبعد عزله الرئيس محمد مرسي قبل حوالي عام، يواجه الجيش المصري انتقادات متزايدة ودعوات لكشف أنشطته الاقتصادية والتجارية وضرورة خضوعه لقدر من المساءلة من جانب البرلمان بما لا يضر بأمن البلاد القومي.
وفي الثالث من يوليو الماضي، عزل المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع حينذاك، الرئيس مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا بعد ثورة يناير، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد حكمه.
ومن المقرر أن يؤدي المشير السيسي الأحد اليمين الدستورية رئيسا لمصر بعد انتخابات أجريت يومي 26 و27 من الشهر الماضي.
وخلال حملته الانتخابية، عارض السيسي صراحة فكرة خضوع الجيش للمساءلة.
وردا على سؤال، في مقابلة تليفزيونية، عن إمكانية أن يراقب مجلس النواب (البرلمان) المقبل ميزانية الجيش، نصح السيسي المصريين بأن “يتركوا الجيش في حاله”.
وبرر اعتراضه على المطالب الداعية لمراقبة المؤسسة العسكرية ، قائلا إن “مسار عملها وتطورها ونتائجه ليست مطمئنة فقط، بل هي نتائج فوق الخيال”.
ويعتقد السيسي بأنه لو أن أداء مؤسسات الدولة الأخرى في مستوى أداء الجيش لتغير حال مصر.
وقدم السيسي استقالته في مارس الماضي ليخوض انتخابات الرئاسة وفاز بها وبجانبه وزير الدفاع صدقي صبحي.
وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية قد أعلنت فوز السيسي بحصوله على حوالي 97 في المائة من الأصوات في انتخابات نافسه فيها مرشح واحد هو اليساري الناصري حمدين صباحي.
وتدير المشروع المشترك بين البلدين، الذي يطلق عليه اسم “صندوق الأزمات”، وزارات الدفاع، والخارجية، والتنمية الدولية البريطانية.
وكان السيسي قد حضر في عام 1992 دورة تدريبية في القيادة العسكرية نظمتها كلية القيادة والأركان المشتركة في المملكة المتحدة.
ونصحت الحكومة البريطانية الحكومات المصرية المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير بضرورة العمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة بما يضمن الشفافية وإمكانية خضوعها للمساءلة.
وفي تقرير الحسابات السنوي، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أهمية التعاون مع مصر في مجال تطوير المؤسسات الأمنية.
وقال التقرير” نعمل مع وزارة الخارجية لمساعدة السلطات المصرية على تطوير هياكل حوكمة جديدة وقابلة للمحاسبة والمساءلة”.
وهنأت لندن السيسي بالفوز بالرئاسة، وقال وزير الخارجية البريطانية ويليام هيج، في بيان رسمي، إن بلاده تحث الزعماء المصريين “على ضمان أن يقود انتقال مصر باتجاه نظام حكم يخضع للمحاسبة ويتسم بالديمقراطية، تعززه مؤسسات قوية وتخضع للمساءلة”.
وقال هيج إن بريطانيا تتطلع إلى توطيد العلاقات المصرية البريطانية.
ورغم معارضة الجيش القوية المعلنة لمطالب خضوع ميزانيته، على الأقل، للمراقبة والتدقيق، فإن إرسال ضباط لحضور للدورة التدريبية في بريطانيا قد يشير إلى تنامي الإدراك بين قادة الجيش بأن استمرارية الحصانة الكاملة لم تعد ممكنة.
وكان مسؤول دبلوماسي بريطاني قد قال إن الجيش المصري مؤسسة ” تريد أن تتمسك بمزايا معينة مثل إدارة النشاط الاقتصادي والتجاري”.
غير أن الدبلوماسي قال إن هناك بعض القادة “الواقعيين في الجيش يقبلون أن وضع اللامحاسبة واللامساءلة يجب أن يتغير”.
وفي لقاء مع عدد من الصحفيين في شهر فبراير عام 2012، أكد المسؤول الدبلوماسي البريطاني إن هؤلاء القادة يدركون أن الجيش ” لم يعد بإمكانه الاحتفاظ بهذا النوع من اللامساءلة”.
غير أنه ليس من الواضح ما إذا كان السيسي سوف يستجيب، بعد توليه الرئاسة، لمطالب جماعات ثورية شابة بضرورة خضوع الجيش لقدر من المساءلة كأحد مؤسسات الدولة.