في خطوة مثيرة للقلق، خفّض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عتبة استخدام الأسلحة النووية، في محاولة واضحة لإظهار قدرة الكرملين على الرد العدواني على الضربات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية، بعد أيام من سماح الولايات المتحدة لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى ضد روسيا، مما أثار مخاوف دولية من تصعيد خطير.
ووقع بوتين على مرسوم ينفذ نسخة معدلة من العقيدة النووية الروسية، والتي تم الإعلان عنها في سبتمبر. ويبدو أن توقيت هذا الإعلان مدروس بعناية، حيث يهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى المجتمع الدولي. فمنذ بداية غزو أوكرانيا في عام 2022، سعى بوتين إلى استخدام التهديد النووي كأداة ردع، إلا أن نجاحه كان محدودًا، حيث استمرت المساعدات العسكرية الغربية في التدفق إلى أوكرانيا.
ردع نووي
وتؤكد العقيدة الجديدة أن روسيا تحتفظ بالحق في استخدام الأسلحة النووية للرد على أي هجوم بالأسلحة التقليدية يهدد سيادتها وسلامتها الإقليمية. كما تشير إلى أن العدوان من قبل دولة غير نووية بدعم من قوة نووية يعتبر بمثابة هجوم مشترك. ويبدو أن هذا التعديل في العقيدة يهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” بأن أي دعم لأوكرانيا قد يؤدي إلى عواقب نووية، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وأثار هذا الإعلان قلقًا دوليًا واسع النطاق، حيث حذر المسؤولون من خطر اندلاع حرب نووية. فمنذ بداية الحرب، كان بوتين يستخدم التهديد النووي كوسيلة للضغط على الغرب، إلا أن قراره الأخير بتخفيض عتبة استخدام الأسلحة النووية قد يدفع العالم إلى حافة كارثة نووية. وقد حذر خبراء من أن أي استخدام للأسلحة النووية قد يؤدي إلى عواقب كارثية لا يمكن التنبؤ بها.
وفي الوقت الذي وافقت فيه الولايات المتحدة على السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى ضد روسيا، حذر المسؤولون الروس من عواقب وخيمة. حيث صرح أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي، بأن بايدن “سيغلق غطاء نعشه الخاص”، مشيرًا إلى أن الرد الروسي قد يكون عنيفًا. كما أشار ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق، إلى أن استخدام الصواريخ التي تقدمها دول الناتو قد يعتبر هجومًا على روسيا.
توازن القوى
ومنذ بداية الحرب، حاول بوتين رسم خط أحمر عند استخدام الصواريخ الغربية لضرب الأراضي الروسية. إلا أن رفض بايدن في البداية، بسبب مخاوف من رد فعل عنيف من بوتين، قد تغير الآن. حيث يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن قرار روسيا بإحضار القوات الكورية الشمالية إلى المعركة قد غير المعادلة. وقد أدى هذا التصعيد إلى زيادة التوتر بين القوى العالمية، مما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة والعالم بأسره.
وخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية من قبل روسيا يثير تساؤلات حول استعداد العالم لمواجهة مثل هذا التهديد. ففي حين أن العقيدة النووية الروسية الجديدة تشير إلى أن الردع النووي موجه ضد الدول والتحالفات النووية، إلا أن استخدام الأسلحة النووية قد يؤدي إلى عواقب كارثية على البشرية جمعاء. ويجب على المجتمع الدولي العمل معًا لإيجاد حلول دبلوماسية وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى كارثة نووية.
وفي خضم هذه الأزمة العالمية، يتعين على القادة السياسيين إدراك المسؤولية الملقاة على عاتقهم في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. فأي خطأ في الحسابات أو سوء تقدير قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها. يجب على العالم أن يتوحد لتجنب أي استخدام للأسلحة النووية، والعمل على إيجاد حلول سلمية للحرب في أوكرانيا، وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى كارثة نووية.