عضو مجلس الشورى محمد القحطاني: ارتفاع سن التقاعد لا يؤثر بالشكل الكبير في زيادة معدلات البطالة بين الشباب.
– الباحث في قضايا التنمية دكتور فيصل العتيبي: مشروع رفع سن التقاعد يرفع قيمة الاستثمارات.
– عضو جمعية الاقتصاد السعودية عصام خليفة: أتوقع تخفيض سن التقاعد إلى 55 عاماً.
– الكاتب الاقتصادي عصام الزامل: أكثر من نصف العاملين في القطاع الحكومي بلا جدوى.
أثار الاقتراح الذي تدارسه مجلس الشورى؛ لمدّ سن التقاعد إلى 62 عاماً، ردود أفعالٍ في الشارع السعودي بين معارضٍ ومؤيدٍ، فالمعارضون يرون أن رفع سن التقاعد قد يؤثر بشكلٍ سلبي على زيادة نسبة البطالة بين الشباب، ويتساءلون: ماذا ننتظر من موظف تجاوز الستين عاماً، ونحن مقبلون على الحكومة الإلكترونية، في حين رأى المؤيدون أنه لا علاقة واضحة بين مدّ سن التقاعد وزيادة البطالة، مؤكدين أن القطاع العام مكتظٌ بالعاملين، ولا حل لتقليص نسبة البطالة سوى فتح القطاع الخاص على مصراعيه للشباب.
وكشفت آخر إحصائية حديثة صادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة ووزارة العمل أخيراً، عن أن نسبة البطالة النسائية في المملكة بلغت خلال العام الماضي نسبة تراوح بين 30 و 34% من قوة العمل النسائية.
في المقابل، أظهرت الإحصائية أن نسبة البطالة بين الرجال 6.2%، إلا أنه مازال إلى الآن هناك تضاربٌ في الإحصاءات نظراً للتوظيف الوهمي.
“احد المصادر” استطلعت آراء الخبراء والمختصّين حول رؤيتهم لرفع سن التقاعد وانعكاساته على قضية العمل والبطالة:
عمر الخالدي، أحد الشباب، أبدى اندهاشه من هذا المقترح، وقال: عمري 26 عاماً، وحتى الآن لم أجد عملاً، فالشباب أجدر بهذه الوظائف التي يشغلها كبار السن، متسائلاً: ماذا سيقدم موظف جاوز الستين من إنتاجية، يفتقد التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة في ظل إقبال الدولة على الحكومة الإلكترونية؟ وأكّد أن الشباب أكثر قدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
فيما رأى محمد العوض، أن راتب الموظف فوق الستين يمكن أن يوظف 4 شباب ويحل مشكلاتهم، وقال: إن الموظف الذي جاوز الستين راتبه كبير، وأداؤه الوظيفي أقل، في حين أن الشاب، سيعمل بإنتاجية أكبر، وفي الوقت نفسه راتبه لن يكون كبيراً.
وقال: إن راتب موظف واحد قد يقضي على بطالة 4 شباب، ونحن في أشد الاحتياج لتوظيف الشباب، للقضاء على كثير من الظواهر السلبية المترتبة على البطالة.
بينما أبدى أحد المديرين حماسه لهذا المقترح، وقال: إن استمرار الموظف في العمل بعد الستين يدل على استمرار عطائه، وإخلاصه في العمل، مؤكداً أن الخبرات النادرة لبعض الموظفين مطلوبة في الدولة.
شُح الموارد
رأى عضو مجلس الشورى الدكتور محمد آل أحمد القحطاني، أن ارتفاع سن التقاعد لا يؤثر بالشكل الكبير في زيادة معدلات البطالة بين الشباب، مشيراً إلى أن معظم الدول المتقدمة زادت أو تطالب بمد سن التقاعد إلى ما فوق 65 عاماً، بحجة أن الفرد مازال يتمتع بحيوية وصحة جيدة وقادر على العطاء بخبرة طويلة.
وأوضح أن السنة الميلادية تختلف عن السنة الهجرية وسن التقاعد في السنة الهجرية يوازي 58 بالميلادي، لذا كانت المطالبة بمد السن إلى 60 عاماً ميلادياً بما يعادل 62 هجرياً، لافتاً إلى أن الأصوات في المجلس التي رفضت المقترح كانت أقل بقليل من الأصوات المؤيدة للمقترح؛ أي بفارقٍ بسيط .
وبسؤاله عن أسباب رفض المقترح من البعض، أجاب: كان يرى أصحاب الرأي المعارض أن ذلك سيزيد نسبة البطالة بين الشباب والشابات، وأكد أن صناديق التقاعد لدينا ولدى جميع الدول تعاني شحاً في مواردها، على الرغم من جهودها في الاستثمار، بل إن بعضها أفلست أو على وشك الإفلاس، لأن ما يستقطع من المشتركين ويصرف للمستفيدين يفوق على المدى البعيد إمكاناتها، ما لم تتدخل الدول لإنقاذها أو تعدل الأنظمة لتلافي ذلك.
وأبان عضو مجلس الشورى، أن القطاع العام لا يعاني قلة الأيدي العاملة، بل تزيد في معظم الأجهزة الحكومية على حاجاتها، لافتا إلى أن هناك خللاً كبيراً في توزيع الأيدي العاملة في القطاع العام، وقال: لا بد من اللجوء إلى المعايير العلمية لدراسة احتياجات تلك الأجهزة، كما أن القطاع الخاص هو المؤهل القوي لاستيعاب طالبي العمل المؤهلين والمهيئين لقبول العمل فيه.
وعن نسبة البطالة في المملكة، ذكر أن الأرقام تتفاوت فهناك أرقام تقول إنها 6 %، وأخرى تشير إلى أكثر من ذلك، وتصل أحيانا إلى 12 % لدى الشباب، أما السيدات فتصل النسبة إلى أرقامٍ أكبر من ذلك، بسبب تركيز طالبي العمل من السيدات على التعليم والطب، بيد أنه بات لزاماً أن يفتح لهن المجال في أنشطة أخرى تناسب ظروفهن، حتى تقل النسبة.
رفع قيمة الاستثمارات
رأى الكاتب والباحث في قضايا التنمية دكتور فيصل العتيبي، أن مشروع رفع سن التقاعد إلى 62 عاماً، له أوجه عدة، منها السلبي على معدلات التوظيف، ومنها الإيجابي على رفع قيمة الاستثمارات، موضحاً أن كثيراً من دول العالم التي ترتفع بها نسبة الشيخوخة؛ يواجه العامل مشكلة التوقف الإجباري عن العمل لظروف السن، وليست لظروف الصحة في الوقت الذي يكون فيه قادراً على العطاء الفكري؛ بما اكتسبه من خبرات مهنية، وقال: تسن مثل هذه الدول قوانين من هذا النوع، أما في الدول التي يرتفع بها سن الشباب إلى 50 % من السكان، فإن مثل هذه القرارات قد لا تكون في التوقيت الصحيح، وإن كانت غير ذات أثر؛ لعدم وجود تنافس بين فئة الشباب والشيوخ على العمل.
وقال: نحن مجتمع يزخر بالعمالة الوافدة التي لو تركت المجال للشباب، فلن يكون لتمديد سن التقاعد أثر إلا في حالة التمديد للوافدين أيضاً، منتقداً ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بأمور مشتركة، وإن كانت لكل منها آلية العمل الخاص بها، وكذلك المشاريع، ورأى أن رفع سن التقاعد يرفع من معدلات بطالة الشباب بنسبة بسيطة، بيد أنه في الوقت ذاته؛ يرفع من مدخرات مؤسسات التقاعد التي بدورها تقوم باستثمار هذه المدخرات في مشروعات تنموية كبرى تأسيساً ومشاركة ويبقي كثير.
الأعلى عربياً
ورأى العتيبي أن هذا المشروع لن يؤثر في معدل القوى العاملة في المجتمع، وقال: إن معدل سن الشباب في السعودية هو الأعلى حتى عربياً، فهو يزيد على 51 % من السكان؛ إضافة إلى أنه يشمل الجنسين الذكور والإناث، منبهاً إلى قضية عدد القوة العاملة من المواطنين؛ فهي لا تتجاوز مليونين حسب إحصاءات الخدمة المدنية ووزارة العمل؛ باستثناء مَن يعملون لحسابهم الخاص ولا ينطبق عليهم مشروع التقاعد.
وقال في ختام حديثه: إذا كان ولا بد أن يُقر مثل هذا التشريع فالأفضل أن يقرّ على المواطنين في القطاعات الحكومية والخاصة؛ وأن يُستثنى منه الوافدون حتى لا يتضرّر الشباب الباحث عن عمل، إضافة إلى قصره على الوظائف التخصّصية النادرة.
إيجاد وظائف جديدة
أما الكاتب الاقتصادي عصام الزامل، فرأى أنه من أسباب رفع سن التقاعد هو تقليص الضغط على صناديق التقاعد، وقال: رفع السن على المدى الطويل قد يكون حلاً صحيحاً، متفقاً ما مع قاله عضو مجلس الشورى من كون القطاع الحكومي متشبعاً أكثر من اللازم بالعاملين ورفع السن لا يؤثر في معدلات البطالة، وزاد قائلاً: أكثر من نصف العاملين في القطاع الحكومي بلا جدوى.
وأوضح أن “حافز” ليس مؤشراً دقيقاً للبطالة، فكثير ممّن يتقدّمون إلى “حافز” يرغبون فقط في الاستفادة المادية، بيد أن هذا لا ينفي أن هناك عدداً هائلاً من النساء مازالوا يبحثون عن العمل، وحذّر من خطورة مشكلة البطالة في سنوات العشر القادمة، وقال: ما تقوم به “العم” الآن هو إحلال لوظائف أجنبية وليس إيجاد وظائف جديدة، لافتاً أنه في خلال 10 سنوات سيدخل إلى سوق العمل ما يقرب من 3 ملايين رجل وامرأة، متسائلاً عن الوظائف التي توفرها الدولة لهؤلاء؟ وتابع علينا أن نبحث عن الوظائف وعن النمو الاقتصادي.
ارتفاع معدل البطالة
وأفاد عضو جمعية الاقتصاد السعودية عصام خليفة، أن مجلس الشورى وافق على دراسة مقترح ارتفاع سن التقاعد، وقد تستغرق سنة أو سنتين؛ لمعرفة ايجابيتها وسلبياتها، موضحاً أنه لم تتم الموافقة عليه وأنه قابل للتصويت بالموافقة أو الرفض؛ وفقاً لنتائج الدراسة.
وقال: في نظام الدولة يمكن التمديد سنتين للموظفين من المرتبة “10-12” وفقاً للمهن التي تحتاج إليها الدولة بعد موافقة مجلس الوزراء، كما يمكن التمديد للموظفين من المرتبة “13 – 15” من سنتين إلى خمس سنوات، وفقاً للحاجة الضرورية لأي مسؤول أو متخصّص، مبيناً أنه تكتب مبررات التمديد لمجلس الوزراء وقد يوافق أو يرفض، كما لا يتم التمديد نهائياً للمراتب الدنيا من العاشرة إلى الأقل.
ولفت أنه في حالة الموافقة على تمديد سن التقاعد إلى 62 عاما؛ فسوف يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بين خريجي الجامعة، والمبتعثين، متوقعاً انخفاض مستوى الأداء الحكومي، وتساءل: ماذا ننتظر من إنتاجية الموظف فوق الستين عاماً، الذي لا يجيد التعامل مع التكنولوجيا الحديثة؟ وقال: نحن مقبلون على الحكومة الإلكترونية، وكبار السن غير متفاعلين معها، لكن الشباب يتعاملون معها بإتقان.
برامج مُكملة
وتوقّع خليفة عدم الموافقة على تمديد سن التقاعد، بل تخفيضه إلى 55 عاماً، وقال: وفقاً للمعادلة الاقتصادية فإن إنتاجية الشاب عالية وراتبه قليل، وفي الوقت نفسه، فإن الموظف كبير السن إنتاجيته قليلة وراتبه كبير، ويمكن لراتبه أن يوظف من “4 إلى 5” موظفين.
وقدّر نسبة البطالة بين الفتيات بـ 30 % وبين الشباب إلى 12 %، وقال: مع الأسف يوجد تضاربٌ في إحصاءات البطالة، نظراً للتوظيف الوهمي، موضحاً أن “حافز” يحدّد نسبة البطالة الحقيقية من خلال أعداد المتقدمين إليه، ويقدم برامج لمعالجة مشكلة البطالة، وقال: إن برنامج حافز مقدمة لبرامج أخرى مكملة لبعضها كبرنامج “نطاقات” الذي يعمل على استيعاب أكبر عددٍ من السعوديين، ويعمل على ارتفاع السعودة.
وتابع: هناك أيضاً برنامج “كافل” الذي يموّل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من 300 ألف إلى مليون ريال، كما أن هناك مشروعات كبيرة في الدولة توظّف سعوديين، وقال: تمّ توسيع دائرة عمل النساء في الدوائر الحكومية، مؤكداً أن ذلك يعمل على تخفيض نسب البطالة بين الشباب والفتيات.