“تسامح لا إهانة.. تقارب لا تجاوز”.. بهذه الكلمات حاولت مجموعة مسيحية تأكيد احترامها القرآن الكريم، وذلك إثر أزمة تسببت فيها بعد أدائها آية قرآنية بطريقة الغناء الأوبرالي ، وسط إدانات عنيفة وساخطة على هذه الخطوة، التي اعتبرت تجاوزًا واضحا في حق “الفرقان”.
وزعم الكاتب الصحفي الإندونيسي إسماعيل العطاس أن ناشطا سعوديا (لم يسمه) هو السبب في الأزمة، وذلك بعد رفعه فيديو أداء الآية الكريمة على موقع يوتيوب، وذلك وفقا لما أدلى به العطاس لموقع سي إن إن الأمريكي الناطق باللغة العربية.
“إندونيسيا.. وطن الليبرالية”
إسماعيل العطاس خلال تصريحاته لـ”سي إن إن” الأمريكية، حاول تبرير هذه الخطوة، بقوله: “بلدنا يعترف بسبع ديانات، صحيح أن المسلمين يشكلون 88 %من السكان، لكن الفكر المتسامح والليبرالي هو الغالب بينهم.. مجموعة مسيحية أدت ذلك العمل عن جهل منها بتحريم بعض المسلمين الموسيقى، واعتبار أن اقترانها بالآيات القرآنية يصل إلى حد الإهانة للإسلام”.
وواصل “العطاس” حديثه قائلا: “لم يكن هناك مسلم واحد بين المشاركين في العمل، حتى أن التصوير لم يكن لأغراض النشر بل لأسباب شخصية”، متهمًا من قام بوضع التسجيل على موقع يوتيوب بمحاولة التسبب بالوقيعة بين المسلمين والمسيحيين عن طريق نشر الفيديو، مصحوبا بهجوم حاد على الفرقة.
“دعوى ضد سعودي”
الكاتب الإندونيسي أشار إلى أن الفيديو لم يكن له في إندونيسيا الوقع الذي اكتسبه في العالم العربي بسبب تسامح الإندونيسيين، على حد قوله، مضيفًا: “لم تُثر أي مشكلة حوله.. رفعت دعوى ضد المستخدم السعودي الذي نشر التسجيل على يوتيوب بسبب ما فعله”.
وشدد على أن الواقعة جرت في دار للأوبرا المسيحية التي تقرأ الإنجيل والتسابيح الخاصة بهم عن طريق الموسيقى، فقاموا ببادرة عن حسن نية بترتيل القرآن واختاروا آية من القرآن تدل على التسامح بين الشعوب والعقائد المختلفة ظنا منهم أن ذلك يؤدي إلى التقارب بين الأديان، دون أن يكون القصد الإساءة إلى القرآن.
وأضاف: “الإندونيسيون المسلمون يبرءون إلى الله من فعل منكر كهذا.. والمسيحيون يعتذرون لجهلهم بهذا الفعل ويقدمون اعتذارهم للمسلمين في كافة أرجاء الأرض لأنهم لا يريدون الإساءة أبدا للإسلام.”
“رد صارم”
بدوره، قال الداعية السعودي المتخصص في شؤون السنة النبوية، خالد الشايع، إن “تلاوة القرآن الكريم بألحان الموسيقى والمعازف محرم ومرفوض بإجماع المسلمين، لما فيه من الاستخفاف بآيات القرآن.. وتعريض كلام الله الكريم للسخرية والامتهان”.
ولفت إلى أنه سعى للتواصل مع أهل العلم والمثقفين في إندونيسيا لتبين حقيقة الأمر، فأفادوا أن هذا العمل وقع في قاعة مخصصة للصلوات المسيحية بمدينة غالبيتها من المسيحيين، وكان دافعهم محاولة التقرب من مواطنيهم المسلمين، فاختاروا آية للترنم بها، كما يصنعون في صلواتهم ظنًا منهم أن هذا مقبولٌ أو جائزٌ عند المسلمين.”
وذكر أن العلماء صرحوا بأن تلاوة القرآن على أنغام الموسيقى “نوع من الكفر لما فيه من اتخاذ آيات الله هزوًا”، كما أن تلحين آيات القرآن بالموسيقى والمعازف “نوع من الإلحاد في آيات الله”، ولكنه حض بالمقابل على ضرورة “معالجة هذا الخطأ بالحكمة عبر بيان عظمة القرآن وتوضيح مكانته.”
وتمنى الشايع على “أهل العلم والمثقفين في إندونيسيا ووزارة الشؤون الدينية إعلان معارضة هذا العمل ومنع تكراره، لما فيه من إساءة لدين الإسلام، وجرح لمشاعر المسلمين” وتوجه في الوقت نفسه إلى المسلمين في إندونيسيا بالدعوة إلى “المحافظة على استقرارهم ونسيجهم الاجتماعي وتعايشهم مع الطوائف الأخرى بما تتحقق به مصالحهم الوطنية العليا، وبما فيه خير إندونيسيا واستقرارها ورخاؤها.”
وكانت الفرقة المسيحية قد ترنمت بقول الله تعالى:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”