أقسم الداعية الدكتور عائض القرني بالله أنه لم يشترِ صوتاً واحداً بتويتر، ولم يدفع ريالاً واحداً، وإنما هو قبول من الله، وقال: والله الذي لا إله إلا هو لم أشترِ صوتاً واحداً، وليس عندنا هذا المشروع، وهذا أسلوب رخيص وتافه وحقير أنك تدفع فلوساً حتى يتابعوك بتويتر!
وتساءل القرني: لماذا أصبحنا ونحن في السعودية قِبلة المسلمين ودولة الإسلام الحاضنة للتوحيد، التي ينبغي أن يمثَّل أبناؤها وشعبها أفضل تمثيل، أصبحنا نتراشق بالألقاب، ويسيء بعضنا إلى بعض، ويتهم بعضنا بعضاً ويسبه ويحقره أمام العالمين؟ هل هذا منهج الدين؟ أين نحن من قوله تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}؟ وأين نحن من قول البارئ {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}؟
ودعا الكتّاب والشعراء والفنانين إلى أن يتقوا الله فيما يكتبون، وان يمثّلوا دينهم أفضل تمثيل، فنحن أمة وسط ورسالة، وشاهدة وقائدة، وتسود بالحق. ووصف الداعية المسلم بأنه رحيم ورفيق، ويدل الناس على الصراط المستقيم، وقال: لقد دُعيت من قنوات كالعربية وغيرها للتعليق على الأحداث السياسية فقلت سامحوني، فمهمتي الآن التي أدركتها هي دعوة الناس للكتاب والسنة، فأنا لست مفكراً ولا فيلسوفاً. وأرجع نجاح منهج الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب إلى أنه قام على الكتاب والسنة، وعلى الاتباع لا الابتداع.
وقال: أنا من هذا المنطلق فرد في هذا المشروع الرباني، وأقول لإخواني اعذروني أنا لن أشارك في أمور، منها أن أبقى وراء الأخبار، كلما عثر إنسان أو بدر خطأ من مسؤول أو وزارة.. أنا ألمح الجانب المشرق لا الجانب المظلم، وأنا أمدح النجاح لا الرسوب. ثانياً السياسة – والحمد لله – قد تاب ناس قبلي بعدما ذاقوها، فالمشروع الذي نقوم عليه الآن هو قال الله وقال رسوله.
وتابع يقول: الآن أقول إن محاضراتي في القرآن والسنة والتفسير والفقه، وأنا أدعو إخواني إلى ألا يُضيّعوا وقتهم في التحليل السياسي. ولقد زرت أربعين دولة، ووالله اكتشفت أن أعظم مسألة وأعظم قضية هي العقيدة. العالم الإسلامي فيه خرافات وشركيات؛ لأن كثيراً من الدعاة مشغولون بالشأن السياسي والتحليل. صحيح أن الإسلام دين ودولة، لكن أول قضية عالجها القرآن هي التوحيد الخالص والدين الخالص، فلا يلومني أحد، فأنا قد عرفت الطريق، فتسبيحة أحسن في الميزان من ألف محاضرة وتحليل في السياسية. نحن طرحُنا طرحٌ شرعيٌّ.
وأضاف القرني خلال حديثه مع الإعلامي علي الغفيلي في برنامجه mbc في أسبوع: أدعو الدعاة إلى أن يبتعدوا عن مرمى النيران إذا كان فيه خطورة، وإذا كان مشروعك الدعوي سيُوقف، وهذا يدل على العقل، والحمد لله الذي ألهمنا الابتعاد عن هذا المرمى، فاللهم اهدني وسددني.
وأقسم القرني قائلاً: والله ليس لدي منهج أخفيه، وليست لدي حزبية، ودعوتنا ظاهرة، فالإسلام دين سمح وسهل، ودعوتي التي تُقال على المنابر والمآذن هي تعليم الناس الكتاب والسنة وتعليم الصلاة والأخلاق والآداب، وأنا سرّي وظاهري واحد، وربنا الذي يحاسبنا، ويعتبر الداعية منافقاً إذا كان يظهر شيئاً ويخفي شيئاً ويغرد بشيء ولديه أجندة داخلية، إذاً هو منافق، لا يقبل الله عمله، وليس هناك شيء يحوجنا إلى النفاق، وسامح الله كل من يصفني ويقول عني بأني حزبي، وجزاك الله خيراً.
وتابع: نحن الأمة السعودية والوطن السعودي لدينا والٍ واحد ودولة شرعية، وأدعو لجمع شمل الأمة، وأدعو الدعاة لتصحيح العقيدة، فليست البراعة أن يكون الإنسان محللاً سياسياً وإنما يكون داعية على منهج الكتاب والسنة.
ولم يمانع الشيخ القرني أن يكون الداعية نجماً، وتساءل: من هو أشهر شخصية في العالم؟ أليس محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وابن تيمية والبخاري رحمهما الله؟ هل هناك أشهر منهم؟ إذا فرض الواقع عليك أن تكون نجماً فخذ المهمة بقوة، وخذ الكتاب بقوة، واخلص لربك، فالكتّاب والشعراء نجوم.
ورد تهمة سعي الدعاة للشهرة بقوله: وماذا أدراك؟ هل دخلت في نياتهم؟ وكسب المال الحلال موجود في الإسلام، والصحابة كسبوا المال، وفيهم التجار والأغنياء، فالإسلام دين وسطي ورحمة وعدالة، وأنا مستعد لكل شبهة أحلها بالكتاب والسنة.
وعن معاناته من الشهرة والأضواء قال إنها تحدُّ من حريتك وراحتك، وإذا جاءك هجوم كاسح، وإذا جاء سبّ في تويتر فيكفي لعشر سنوات قادمة. مشيراً إلى أن تويتر في السعودية أصبح مكاناً للذم والهجوم على الناس.
وأكد الشيخ القرني حفظه أكثر من عشرة آلاف بيت؛ كونه محب للأدب والشعر؛ فهو يجري في دمه. مشيراً إلى أنه يستخدم الشعر للترويح وجذب الناس، وأن كتابه “لا تحزن” بلغت مبيعاته أكثر من عشرة ملايين نسخة، وأن الحقوق ليست له، وتُرجم لثلاثين لغة، وسافر من أجله لأربعين دولة، وهو فضل من الله.
وعلَّق القرني على صورته التي يظهر بها مع مجموعة الأغنام بقوله: لأن كل العظماء رعوا الغنم. أنا من خلال هذه الصورة أدعو الناس للحياة البسيطة، والرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء كلهم رعوا الغنم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم حبّذ أن يكون مع الإنسان غنم في وقت الفتن، فالحياة البسيطة فقدناها مع الحضارة المادية، وأصبحنا آليين، فاخرجوا للبادية والصحراء والقرى والبرية، وعيشوا الحياة ببساطة. ولقد وجدت أن الحياة المادية والصناعية هي أساس الهم والغم والقلق والاضطراب، فينبغي أن نجدد حياتنا، وننطلق في حياة نجددها مع الأشجار والأغنام.