رصد مسؤولو الأمن في الولايات المتحدة وأوروبا، زيادة في عمليات تخريبية منخفضة المستوى في أوروبا، تُعد “جزءًا من حملة روسية” لتقويض الدعم لجهود الحرب الأوكرانية، وتُنسب هذه العمليات السرية إلى جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية، الذي يُشار إليه بالاختصار “جي آر يو”، وقد شملت الأهداف مستودعًا في إنجلترا، ومصنع طلاء في بولندا، ومنازل في لاتفيا، ومتجر “إيكيا” في ليتوانيا.
وذكر مسؤولو أمن أمريكيون وأوروبيون، لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن “هذه الأعمال، على الرغم من أنها قد تبدو عشوائية، إلا أنها جزء من جهد منسق من قبل روسيا لإبطاء نقل الأسلحة إلى كييف، وإظهار وجود معارضة أوروبية متزايدة لدعم أوكرانيا، وعلى الرغم من أن الهجمات لم توقف تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا، إلا أن بعض الأهداف لا علاقة لها مباشرة بالحرب”.
ورأى بعض مسؤولي الأمن أن “روسيا تحاول بث الخوف وإجبار الدول الأوروبية على إضافة إجراءات أمنية عبر سلسلة توريد الأسلحة، مما يزيد من التكاليف ويؤدي إلى إبطاء وتيرة عمليات النقل”.
وعلى الرغم من أن مسؤولي الأمن لم يصفوا المعلومات الاستخباراتية، التي تربط بين التخريب و”جي آر يو”، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية نجحت في اختراق هذه الوكالة الروسية بشكل كبير، وقبل الحرب في أوكرانيا، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بنشر معلومات استخباراتية مصنفة تعرض خطط “جي آر يو” لخلق ذريعة كاذبة لغزو روسيا.
وأوضح مسؤولو الأمن الأمريكيون والأوروبيون أن “روسيا تتصرف بحذر إلى حد ما في عمليات التخريب، حيث تريد جذب الانتباه إلى الحرائق الغامضة، ولكن ليس لدرجة أن يتم إلقاء اللوم عليها بشكل مباشر”.
من جهتها، اعتبرت أندريا كيندال-تايلور، المسؤولة السابقة في الاستخبارات الأمريكية، أن خطة روسيا قد تكون لإضعاف العزم الأوروبي. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يكون مشكوكًا فيه، إلا أنها أكدت أهمية توحد أوروبا والولايات المتحدة للرد على حملة التخريب.
وكان أحد أول أعمال التخريب التي نُسبت مؤخرًا إلى روسيا هو حريق في مستودع بلندن في شهر مارس، وتؤكد السلطات أن المستودع كان مرتبطًا بجهود إمداد أوكرانيا، ولكنها لم تقدم الكثير من التفاصيل.
ووفقًا لمسؤولي الأمن المطلعين على الحادث، قام عملاء “جي آر يو” باستخدام مبنى دبلوماسي روسي في ساسكس بإنجلترا، لتجنيد السكان المحليين لتنفيذ الحرق العمد، وقد تم توجيه تهمة الحرق العمد لأربعة رجال بريطانيين، كما اتُهم أحدهم بمساعدة جهاز استخبارات أجنبي.
وحذر قادة دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” والقادة الأوروبيون من التهديد المتزايد للأنشطة الروسية، حيث صرحت رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس، الأسبوع الماضي بأن روسيا تشن “حربًا خفية” ضد أوروبا، كما أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك، عن اعتقال 12 شخصًا بتهمة القيام “بالضرب والحرق العمد والشروع في الحرق العمد لصالح المخابرات الروسية”، فيما قال رئيس وزراء النرويج جوناس جار ستور: “إن روسيا تشكل تهديدًا حقيقيًا وخطيرًا”، وذلك بعد أن حذرت بلاده من هجمات محتملة تستهدف منتجي الطاقة ومصانع الأسلحة.
ومن المقرر أن يجتمع سفراء “الناتو” في الشهر المقبل مع أفريل هاينز مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، لتقديم إحاطة استخباراتية حول حرب روسيا في أوكرانيا، ومناقشة “حملة التخريب السرية”، التي تقوم بها موسكو في أوروبا.