القاعدي”: “تعاون أمني واجتماعي مع اليمن لحل قضايا الهروب”.
“الشعبي”: “ما زلنا على تواصل مع كل الأطراف لحلّ مشكلة فتاة خميس البحر”.
“زين العابدين”: سُجّلت حالات هروب إلى العديد من الدول؛ أبرزها اليمن.
الأُسَر يُسجّلن اختفاء بناتهن تحت مسمى “تغيّب” لا “هروب”.. والهروب الداخلي أخطر.
“العسكر”: تخوفات متواصلة من وقوع الفتيات فريسة لمنظمات إرهابية.
باتت قضية الفتاة الهاربة من منطقة “خميس البحر” مع الشاب اليمني، نموذجاً لتكرار حالات هروب الفتيات السعوديات إلى اليمن؛ حيث تشير بعض المصادر لوقوع قصة أخرى لفتاة جامعية اختفت ولم تَعُد من كُلّيتها منذ فترة، وتوقّع ذووها خروجها من محافظة خميس مشيط هرباً لليمن… وبعدما تواترت حوادث الهروب، “سبق” تفتح ملف “الهاربات عبر الحدود”؛ حيث تابعت تفاصيل تلك القضايا، وتتبعت آراء الخُبَراء في علم الاجتماع وفي حقوق الإنسان والمتخصصين في المجال الأمني والاجتماعي والحقوقي، واستدلت بدراسات حول تلك الظاهرة الفريدة التي ظهرت لحالات معدودة.
وأكد عدد من الحقوقيين ومتخصصي علم الاجتماع ، ضرورة تتبّع أسباب تكرار حالات هروب الفتيات السعوديات إلى اليمن؛ لا سيما أن هروبهن يُعتبر تسللاً عبر الجبال والحدود إلى خارج الدولة، وليس خروجاً طبيعياً عبر المنافذ الرسمية؛ مما يترك الكثير من علامات الاستفهام والتعجب لأفعالهن، وأفصح الكثير منهم أن ذلك يعود لغياب دور الأسرة أو تعلق الفتاة بشخص يُجبرها على تجاوز الحدود، أو تورط الفتاة في منظمات إرهابية تسوقها إلى المخاطرة وتخطي الحدود.
ضعف التواصل
أشار المشرف على جمعية حقوق الإنسان بمنطقة عسير الدكتور علي عيسى الشعبي، إلى أن السبب في هروب الفتيات يعود إلى العديد من العوامل؛ أهمها: عدم اهتمام مؤسسات المجتمع والأسرة بالدرجة الأولى ومراعاتها لأبنائها.
وأضاف: “المشكلة -مع الأسف- تأتي من ضعف التواصل مع الأبناء والبنات، وعدم الاستماع للفتيات تحديداً، وعدم الالتفات لمشاعرهن، والانشغال بالحياة وهمومها؛ مما يؤدي إلى انجذابهن لهؤلاء الشباب اليمنيين وإغراءاتهم العاطفية؛ فيتوقعون حياة مختلفة، وتتضخم المشكلة بالهروب خارج المملكة مثلما حدث في الفترة الأخيرة في حالات عدة”.
وقال الشعبي: “لم يتم التقدم من قِبَل الجهات المعنية أو أسرة الفتاة الهاربة للجمعية بطلب متابعة، وعند وصول أي طلب متابعة من الجهات المعنية؛ فإنه سيتم التعاون كما هو الحال في قضية “هدى”، وتقوم الجمعية بالتواصل مع كل الأطراف لإيجاد الحلول”.
وأكد “الشعبي” استعداد الجمعية لمتابعة مجريات قضية “فتاة خميس مشيط” الهاربة إلى اليمن؛ لمعرفة الأسباب وتتبع الحالة؛ مشيراً إلى أن الجمعية تتابع مثل هذه الحالات، وتتبنى المساعدة في وضع الحلول لمثل هذه الإشكاليات بالتواصل مع كل أطراف هذه القضايا والخروج بحلول ناجعة؛ مبيناً ضرورة زيادة اهتمام الأسر بالتواصل مع الأبناء للقضاء على الفراغ.
واختتم قائلاً: “سيتم جمع المعلومات الكاملة عن هذه القضية ومخاطبة الجهات المختصة لمتابعة هذه القضية”.
“المافيا والهروب نحو المجهول”
ووصفت الناشطة الحقوقية وعضوة جمعية حقوق الإنسان سهيلة زين العابدين، هروب الفتيات السعوديات إلى اليمن، بأنه “الهروب للمجهول”؛ مؤكدة أن الحالات المسجلة هي عبارة عن حالات فردية يجب تتبعها ومعرفة أسبابها ووضع الحلول والعلاج لها.
وبيّنت زين العابدين بالقول: “لا بد من معرفة الظروف والأسباب والمسببات والظروف المحيطة في كل قضية؛ حيث إن المشكلات لا يمكن أن تكون جميعها عاطفية؛ وإنما نخاف من المنظمات الإرهابية والمافيا المنظمة، من استدراج أبنائنا لخارج الحدود بكل المغريات التي يتم إقناعهم بها؛ مشددة على أهمية دور الأسرة في التقرب من الأبناء، والتعرف على الصداقات، ومراقبة التصرفات عن بعد مع التوجيه”.
واستكملت: “لا بد أن تكون الأسرة صديقة للفتاة، وتمنح الفتيات الشعور بالأمان والحنان”.
وتابعت: “إن الهروب إلى اليمن من قِبَل الفتيات يؤكد وصول الفتاة إلى مرحلة من اليأس ومحاوله الخروج من المجتمع بأكمله؛ لأسباب قوية تتسبب في هذا الهروب إلى مجهول لا تعرف الفتاة ما يمكن أن يترتب عليه”.
وطالبت بإيجاد مراكز بحوث اجتماعية لمتابعة مثل هذه الحالات، والتعرف على أسبابها وتوعية المجتمع حول كيفية تلافيها وعلاجها؛ مشيرة إلى أن العالم يشهد انفتاحاً كبيراً في وسائل الاتصال بما يُسهّل التلاقي بين الأفكار والمعلومات التي لا نعرف مدى نفعها أو ضررها؛ مناشدة الآباء والأمهات بتكريس الاهتمام بالأبناء والبنات؛ مبينة أن جمعية حقوق الإنسان تقوم بالتحقيق في القضايا التي تَرِدها من قِبَل الجهات الأمنية.
التغيّب وخوف الأسر
وأوضح أستاذ علم الاجتماع الديني بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور منصور العسكر، أن جامعة نايف للعلوم الأمنية أجرت دراسة شاملة عن هروب الفتيات بكل مناطق المملكة؛ حيث توصلت الدراسة إلى أن النواحي النفسية وإشكاليات عدم تفهم الأسرة لمطالب الفتاة، وعجزها عن معرفة المراحل والتغيرات العمرية التي تصيب الفتاة، وكذلك قسوة الأسرة والتهميش يسبب هروب الفتيات.
وأشار “العسكر” إلى أن الدراسة أثبتت أن الأسر يُسجّلن اختفاء بناتهم تحت مسمى “تغيب” لا “هروب”؛ مبيناً أن الهروب الداخلي غالباً ما يكون إلى مواقع جاذبة مثل المدن الكبيرة؛ منها جدة أو الرياض، وهناك هروب إلى خارج الحدود؛ حيث سُجّلت حالات هروب إلى العديد من الدول ومنها اليمن.
وأضاف: “أسباب الهروب تعود لتعلّق الفتاة بشخص ما، وقد يكون هناك أخرى كتورط الفتاة في علاقة مع جهات إرهابية وحبّها لأحد أطراف هذه الفئات؛ فيجرها إلى خارج الحدود لتواجه متاعب ومجهولاً أكبر؛ مؤكداً أن هجرة الفتاة إلى المجهول دلالة على وجود حالة إحباط ويأس كبيرة وشعور بالظلم والتهميش، تجعلها تقوم بهذه المغامرة غير معروفة العواقب”.
وشدد “العسكر” على دور الأسرة في تتبع الأبناء ومعرفة متطلباتهم، وأن يكون هناك توعية إرشادية بالأعمار والمتطلبات، كما يجب أن يكون هناك دور للشؤون الاجتماعية في التعامل مع الفتيات الموجودات في دور الحماية الاجتماعية وتخليصهن من وصمة العار ومحاولة إعادتهن لأسرهن؛ حيث إن الفتاة قد تكون قد تعرضت للابتزاز أو للتغرير بها؛ فيجب أن يتم احتواء هذه المشكلة بدلاً من تضخمها؛ بمحاولة مغادرة البلاد للتخلص من النظرة السيئة للمجتمع أو التغرير بها من قِبَل منظمات إرهابية.
تنسيق أمني
وكشف مدير التوجيه والعلاقات العامة والناطق الإعلامي بوزارة الداخلية اليمنية محمد القاعدي، أن حالة هروب الفتيات إلى اليمن أمر طبيعي بحكم صلة الجوار والتقارب بين البلدين؛ مبيناً أن هناك تنسيقاً أمنياً بين السعودية واليمن بشأن العديد من القضايا؛ مؤكداً أن هناك العديد من القضايا بين الدولتين يصعب التحكم بها وخاصة إذا خرجت من النطاق الأمني إلى الاجتماعي.
واستطرد قائلاً: “يتم التعامل مع هذه القضايا وفقاً للأنظمة المتعارف عليها؛ فالقضايا التي يتم التعامل فيها كونها جرائم يتم التنسيق فيها بين البلدين وفقاً لما يقتضيه القضاء، أما القضايا الاجتماعية؛ فهي تحدث بشكل طبيعي بين أي بلدين متجاورين، وهي أمور لا يمكن التحكم فيها؛ ولكنها توجه للنظام والقانون”.
واختتم “القاعدي”: “هناك تنسيق وتلاقٍ وتعاون كبير في حل مشكلات وجرائم إرهابية منظمة، وطبيعي ومن باب أولى أن يكون هناك تعاون في هذه القضايا الاجتماعية؛ فاليمن والسعودية بلدان متجاوران وتربطهما علاقات طيبة وتعاون متبادل، وتبرز أحياناً قضايا صعبة وأمور شائكة مثل قضية “هدى” و”عرفات” وطلب لجوء سياسي، ويتم تنظيمها وفقاً للقانون الدولي والاتفاقيات المبرمة بين السعودية واليمن، ويفصل فيها القانون”.