أثارت كلمة وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل، حول الوجود العسكري لبلاده في دول الخليج التساؤلات مجددًا حول مستقبل هذا الوجود، خاصةً مع تزايد الإنفاق العسكري للمملكة في الفترة الأخيرة.
وكان هيجل قال في الاجتماع التشاوري الأول لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأربعاء الماضي، إن بلاده ومجلس التعاون تربطهما علاقات تاريخية ودفاعية، ويواجهان نفس التحديات الأمنية في المنطقة.
كما أشار إلى أنه تم التركيز خلال الاجتماع على بعض المهام المشتركة، أهمها منع إيران من تطوير قدرتها النووية ليكون فقط برنامجًا سلميًّا، وأن بلاده ملتزمة بأن تبني تعاونًا عسكريًّا وثيقًا في الشرق الأوسط.
وقال مخاطبًا المسؤولين الخليجيين: “إن علاقاتكم الثنائية بالولايات المتحدة ووجود الجيش الأمريكي على أراضيكم لم يعد كافيًا لضمان أمن المنطقة.. إن الغرض من الوجود الأمريكي على أرض الخليج هو تقديم الدعم والعون، ولا بديل عن تقوية التعاون العسكري بين دول المجلس”.
ويرى أندرو كريتشلو، الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال له نشرته صحيفة “التليجراف” البريطانية، الخميس (15 مايو 2014) أن هذا المقطع من كلمة هيجل يعد “بمثابة الإنذار الذي لا يمكن غض الطرف عنه، خاصةً بعد ما أعلنه هيجل في شهر فبراير المنصرم عن اعتزام الإدارة الأمريكية خفض الإنفاق العسكري الأمريكي ليصل إلى أدنى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية”.
وفي تقدير الكاتب فإن مثل هذا الخفض في الإنفاق العسكري سيكون له أثره على الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لحلفائها، ضاربًا المثل في هذا بالمملكة المتحدة التي تسبب خفضها لنفقاتها الدفاعية في إضعاف قدراتها العسكرية، وفي خفض عدد قواتها ليصل إلى 80.000 مع حلول عام 2020.
وبحسب كريتشلو أيضًا فإن دول الخليج كانت على وعي بأهمية دعم قواتها العسكرية، وتنمية قدراتها القتالية، لتكون على استعداد للعمل بمفردها لدفع أي خطر محتمل.
وأشارت الإحصاءات الأخيرة التي قام بها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية -المتخصص في الشؤون العسكرية- إلى أن حجم الإنفاق العسكري السعودي كان 11 مليار جنية إسترليني عام 2002 ليصل إلى 35.5 مليار هذا العام.
وهذا الارتفاع الكبير في حجم الإنفاق العسكري السعودي جعل المملكة تحل محل المملكة المتحدة كرابع أكبر دولة منفقة على آلتها العسكرية في العالم.
وبالرغم من تأكيد هيجل أهمية وجود القوات الأمريكية بالخليج، إلا أن جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أكد أن القوات الأمريكية بالخليج، والتي بلغ تعدادها 35.000 فرد، ستشهد انخفاضًا لا بد منه بمجرد قيام الولايات المتحدة بسحب قواتها المنتشرة في أفغانستان.
وأضاف قائلا: “إن القوات الأمريكية في الخليج لا يمكن أن تبقى هناك للأبد.. إن الإدارة الأمريكية تريد أن تُعيد حجم القوات إلى ما كانت عليه قبل قيام الولايات المتحدة بشن حربين في الخليج”.
ويرى فريقٌ آخر من الخبراء العسكريين أن التكهن بأن الولايات المتحدة تمهد لإنهاء وجودها العسكري في الخليج الذي يعد ذا أهمية استراتيجية عالية لواشنطن، هو أمر سابق لأوانه.
ومن المؤيدين لهذا الرأي جامس هاكيت، العضو البارز بمركز الدفاع والتحليل العسكري بلندن، الذي قال معلقًا على كلمة هيجل: “هم جادون في رغبتهم في تقوية سبل التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي، ولا أعتقد أن الكلام يعني أكثر من ذلك”.