5 آلاف عاطل من الشهادات العليا يعانون البطالة..
– الحيزان: كل مبتعث يحلم بالعودة كعضو هيئة تدريس اتكالي.. وللجامعات شروط لا نتدخل بها
– نورة: إحدى الجامعات طلبت مني العمل سائقة قطار وتجاهلت شهادتي
– الدحلان: 44 % من العاطلين عن العمل حملة شهادات عليا
– الحربي: اختصاصات نادرة تحتاج إليها الجامعات السعودية لكنها تغلق أبوابها في وجههم
يعاني قرابة 5000 سعودي من حملة الشهادات العليا “ماجستير ودكتوراه” الحيرة والقلق نتيجة سد الجامعات السعودية أبوابها في وجوههم، حيث تبرر أغلب حالات الرفض بعدم وجود شاغر في ظل وجود أكثر من 18 ألفاً غير سعودي يقومون بالتدريس في الجامعات السعودية، كثيرٌ منهم من جامعات عربية صغيرة، حيث يصل عددهم قرابة 18 ألف متعاقد، منهم أكثر من 14 ألفاً برتبة أستاذ مساعد.
وهناك تبريرات أخرى تتذرع بها تلك الجامعات للهروب من توظيف أصحاب الشهادات العليا، منها اختلاف الاختصاص؛ ما دفع عدداً من هؤلاء الخريجين إلى تنظيم حملة على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون فيها عن معاناتهم ومناقشة كل الحلول الممكنة.
اختلاف الاختصاص
تجاوز عدد المبتعثين منذ انطلاقته الأولى عام 1426هـ، الـ 150 ألف مبتعث ومبتعثة موزعين على أكثر من 30 دولة، لنيل الدرجات العلمية من أرقى الجامعات العالمية، وتخرج من هذا البرنامج حتى الآن نحو 55 ألف طالب وطالبة.
التقت بعض المصادر عدداً من خريجات الماجستير والدكتوراه اللاتي حكين معاناتهم في البحث عن وظيفة تناسب مكانتهن العلمية وتحقق حلمهن في خدمة الوطن ورد الجميل.
“سامية” خريجة ماجستير إدارة أعمال بتقدير “ممتاز”، تقول: “على الرغم من أن بعض العائدين من الابتعاث قد وجدوا وظائف، إلاّ أن الغالبية العظمى منهم حصلوا عليها بالوساطة”.
وتابعت: “للأسف نظرة الجامعات السعودية للمبتعثين سلبية، حيث في البداية يقومون باستقطاب المبتعثين، وفي حال تقديم أوراقنا للجامعة يتحججون باختلاف الاختصاص على الرغم من وجود عددٍ من المتعينين لا يحملون الاختصاص نفسه”.
وتابعت “سامية” قائلة: “راسلت عدداً من الجامعات، وللأسف جميعها جاءت بالرفض، على الرغم من أن عدداً من البحوث والمقالات التي قمت بإعدادها تم نشرها بالمجلات البريطانية، ومازلت أعاني عدم الرد و”التطفيش” من قِبل الجامعات”.
وقالت “نورة” ، وهي خريجة ماجستير قسم آثار: “أنا درست “فنوناً قديمة”، ثم تابعت إكمال دراستي للماجستير “آثار”، وأظن أنه قريب من تخصصي، وعندما أنهيت الماجستير حلمت بوظيفة تناسب شهادتي”.
وأضافت: “إحدى الجامعات طلبت إجراء مقابلة معي، وتوسمت خيراً، فتفاجأت أنها تطلب مني أن أعمل سائقة قطار! فكانت الصدمة! وعند تقديمي إلى إحدى المدارس طلبت مني المديرة أن أتقدم بشهادة الكلية، ولا أتقدم بشهادة الماجستير”.
وتتابع “نورة”: “قدمت لكلية السياحة عدة مرات، لكن تم رفضي على الرغم من أنه لا يوجد أي واحدة منهن تحمل شهادة “آثار”، ومعظمهن يختلفن في الاختصاص، فتوجهت إلى المتحف، وقدمت وظيفة كمرشدة سياحية، وأيضا تم رفضي”.
وتتابع نورة”: “في الجامعات يُفرض على السعوديين شروط تعجيزية، في جامعة نورة تم رفضي بحجة اختلاف التخصص، ولم ترد عليّ أي جامعة أخرى سوى جامعة القصيم بالرفض؛ لعدم امتداد الاختصاص، وللأسف إن لم توظفنا الجامعات السعودية وتستقطبنا: أين نتجه؟ وهل نذهب للخارج ونقدم علمنا لهم؟ أليس الوطن أولى بما تعلمناه! وعلى ما أظن هناك أكثر من أربعة آلاف خريج وخريجة، إن لم يكن الرقم أكبر، بانتظار حلم التعيين والتوظيف في الجامعات السعودية”.
مؤهلات عليا دون توظيف
من جهة أخرى كشف الخبير الاقتصادي رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا، الدكتور عبدالله دحلان، في منتدى جدة الاقتصادي في دورته الـ14، أن 44 % من العاطلين في السعودية هم من حملة المؤهلات العليا، واستعرض في دراسته التي أجراها بالتعاون مع مجموعة من الخبراء في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، احتياجات الشباب ودور التعليم في تطوير المهارات اللازمة لسوق العمل.
وأوضح الدكتور “دحلان” أن “عدد سكان السعودية وفق الإحصاء الأخير الذي أُجري عام 2012 يقترب من 20 مليوناً، 70 % منهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، كما أن الإحصاءات الصادرة في العام نفسه عن وزارة العمل تقول إن عدد العاطلين عن العمل وصلوا إلى 2.5 مليون شخص”.
وزاد أن “الدراسة برهنت على أن 44.2 % من العاطلين عن العمل في السعودية حاصلون على مؤهلات عليا، بينما 11.8 % فقط حاصلون على الثانوية أو ما يعادلها، و30.3 % من العاطلين حاصلون على دبلوم دون الجامعة، وأخيراً وجدنا أن 13.3 % من العاطلين عن العمل حاصلون على تعليم دون المرحلة الثانوية”.
واستعرض دحلان في ورقته توزيع خريجي التعليم العالي من السعوديين، وقال: “وفقاً لمجالات الدراسة فإن 68 % من العاطلين حصلوا على شهادات في تخصصات نظرية، بينما 32 % منهم حصلوا على شهادات علمية، ووفقاً للتوزيع النسبي للسكان السعوديين وغير السعوديين داخل قوة العمل، بدءاً من 15 سنة فأكثر حسب الجنس، فإن 36 % من العاطلين هم ذكور سعوديون، و49 % ذكور غير سعوديين، بينما وجدنا 9 % إناثاً سعوديات، و6% إناثاً غير سعوديات، بينما يشير التوزيع النسبي للعاطلين إجمالاً حسب الجنس إلى أن 60 % منهم إناث، و40 % ذكور”.
اختصاصات نادرة
وأشار أستاذ المناهج وأساليب تدريس العلوم الدكتور خالد جزاء الحربي إلى أن “مشكلة الحاصلين على الشهادات العليا، والذين مازالوا يبحثون عن العمل في الجامعات، كبيرة، وعلى الرغم من أن هناك عدداً من التخصصات النادرة التي يحملها هذا الخريج أو المبتعث، إلا أن الجامعات السعودية ترفضه أو تماطل في الإجابة على طلبه، أو تتذرع بإضاعة الأوراق وإعادة الطلب بإرسال تلك الأوراق والشهادات”.
وتابع: “على سبيل المثال أنا قمت بالدراسة على نفقتي الشخصية في الجامعات الأردنية للماجستير والدكتوراه، وتكبدت المصاريف الكثيرة التي أرهقت أسرتي، وضمن اختصاص نادر في مناهج التدريس، ولكن للأسف أغلقت جميع الجامعات السعودية أبوابها في وجهي بعددٍ من الحجج الواهية التي لا تغني من جوع، ومنها حجة التقدير، ومع أن تقديري جيد جداً في الماجستير والدكتوراة إلا أنها إحدى الحجج!”.
وأضاف “الحربي”: “هناك العديد من الزملاء من الدولة التي تخرجت منها، وفي السنة الدراسية نفسها، كانوا قد تعينوا في الجامعات السعودية، ولكن خوف بعض المعنيين في الجامعات من مزاحمة هذا الخريج الذي جاء بعلم جديد وثقافة متطورة أن يزاحمه على المكان في الأستذة هو أحد أهم الأسباب، ولذلك يتم إطلاق مثل هذه الحجج!”.
متطلبات سوق العمل
وذكر المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي محمد حيزان أن عدداً كبيراً يلقي اللوم على وزارة التعليم العالي بعدم توظيف خريجي الابتعاث، على الرغم من أن مهمتنا ليست التوظيف، وإنما المساعدة، وأثناء مشاركتنا في حفلات التخرج التي تُقام في كل دولة مبتعث فيها أبناؤنا نساعدهم على تهيئة فرص العمل لهم”.
وعند سؤاله عن: “لماذا ترفض الجامعة تعيين خريجي الابتعاث بحجة اختلاف الاختصاص؟ ولماذا تسمح الوزارة باختلاف الاختصاص على الرغم من رفض الجامعات تعيينهم؟” أجاب الحيزان : “عندما تم تحديد تخصصات واختيارها لم تكن عشوائية، وإنما بناء على تنسيق مدروس مع الجهات المعينة كالخدمة المدنية ووزارة العمل والغرف التجارية؛ لتحديد احتياج سوق العمل، وعندما سمحنا باختلاف الاختصاص في مرحلة الابتعاث الأولى كان بهدف فتح المجال أمام عددٍ من التخصصات التي لم تكن تجد فرصة عمل، فالوظائف أبوابها كثيرة، ولا تشترط فقط التعيين في الجامعات، فهناك شركات ومؤسسات بحاجة إلى تخصصاتهم”.
وأضاف: “إذا كان كل شخص مبتعثاً يذهب للدراسة ليعود فقط للتدريس في الجامعات كعضو هيئة تدريس، إذاً فهذا اتكالي؛ فسوق العمل كبير، ويمكن الاستفادة من شهادته”.
وعن اشتراط الجامعة امتداد الاختصاص أكد حيزان أن “الجامعات لديها شروطها في التوظيف لا نتدخل فيها، وكل جامعة تسعى ليكون عضو هيئة التدريس متمكناً وذا خبرة عالية؛ لذا تشترط التراكم المعرفي؛ لأنه سيكون متمكناً أكثر، وهناك أكثر من 12 ألف مبتعث من الجامعات قامت بتعيينهم معيدين، وتم ابتعاثهم ليعودوا ويجدوا وظائفهم في الجامعة، وليس صحيحاً أن الجامعات ترفض الخريجين، فهناك عدد كبير منها استقطبت من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين، وتم تعيينهم أعضاء هيئة تدريس، وتشارك الجامعات السعودية في حفل تخرج المبتعثين لتبحث عن المميزين وتستقطبهم، طبعاً وفقاً لشروطها”.