أسهم عشق أهالي فرسان للغوص واهتمامهم بتجارة اللؤلؤ ، وسفرهم الدائم للقارة الهندية سعيًا لتطوير تجاربهم وتنمية نشاطاتهم التجارية ، إلى ظهور أنماطٍ من المباني في الجزيرة ؛ استوحت هويتها من الفنون الشرقية في الهند .. ومنها مسجد النجدي الذي يُعد واحدًا من المعالم التراثية في جزيرة فرسان .
ويعود بناء مسجد النجدي الواقع بحي الصُلْب وسط جزيرة فرسان إلى عام 1334هـ، على يد الشيخ إبراهيم التميمي المعروف بلقب “النجدي”، وهو من أبناء حوطة بني تميم، قدم إلى جزيرة فرسان في عهد الإمارة الإدريسية، وعمل في تجارة اللؤلؤ، وتأثر في بناء المسجد بالحضارة الشرقية، حيث كان كثير السفر إلى الهند.
وأحضر الشيخ التميمي معه ، أخشابًا ولوحات ودهانات من الهند ، وأحضر بنّائين من اليمن ، شرعوا في بناء المسجد من الجص عام 1334هـ ، وأتموه بعد 13 عاما ، في العام 1347هـ حيث بلغت مساحته نحو 650 مترًا مربعًا متسعًا لنحو 150 مصلٍّ.
ويمتاز البناء الخارجي للمسجد بالزخرفات والنقوش على الجدران وعلى البوابة الشرقية ، فيما تُزين سطح المسجد 12 قبة ، تُشكل من الداخل سقف المسجد ، وتقف على ستة أعمدة منها خمسة أسطوانية ، وواحد مربع ، كما تُزين جنبات المسجد عشر نوافذ رُسمت عليها نقوش وزخرفات جميلة ، فيما ازدان المحراب والمنبر بنقوش وزخرفات للورود ولأشكال هندسية مختلفة .
وتظهر ” القمريات ” وهي نوافذ مربعة صغيرة على الجدار الخلفي مغطاة بزجاج ملون بالأصفر والأخضر والأحمر والأزرق ، يسمح بمرور الضوء ، كما يضم المسجد في جزئه الجنوبي مصلًّ للنساء يرتفع عن سطح المسجد بنحو 50 سم، فيما تضم ساحة المسجد الخارجية في جزئها الجنوبي الشرقي مبنى ثماني الأضلاع ؛ بارتفاع يزيد عن ثلاثة أمتار ، والذي كان مُعدًا لبناء المئذنة .. لكن ذلك البناء لم يتم لأسباب لم يعرفها كبار السن .
وأسهم فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة جازان في توفير الأئمة والمؤذنين والخطباء للمسجد ، مما أسهم في استمرار دوره كدور للعبادة والعلم ، فيما حظي مسجد النجدي بإدراجه في المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية ، مما يساعد في تطويره بأساليب إنشائية تعكس بوعي روح عمارة المنطقة وتراثها القديم ، ويحافظ على المكانة التاريخية للمسجد في جزيرة فرسان ، ويحافظ على قيمته الفنية والجمالية والمعمارية.