رصدت حملة “السكينة” التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عودة العناصر النسائية المنضمة لتنظيم القاعدة إلى المواقع الإلكترونية بقوة خلال الأشهر الماضية، لاسيما الرياضية والغنائية منها؛ لاستهداف الشبان والفتيات الذين تشغي بهم هذه المواقع.
وبحسب ما ذكرته مصادر مطلعة في حملة “السكينة” لصحيفة “الحياة” في عددها الصادر اليوم، فإن تنظيم القاعدة ينشط بسيناريو غزو جديد تقوده نساء من الجيل الثاني في كتائب غزو الإنترنت الجهادية؛ لبث أفكاره عبر مواقع ومنتديات رياضية وغنائية؛ نظرا لحجم الإقبال الكبير عليها من الشباب، إضافة إلى مواقع أخرى ينتشر فيها الناس ويسهل التخفي فيها، بهدف جذب أكبر قدر من الشباب بأسلوب منظم.
وأوضحت المصادر أن هؤلاء النسوة من الجيل الثاني الذي حمل الراية في شبكات الإنترنت، بعدما تفرّق الجيل الأول نتيجة القتل أو الهرب أو القبض عليهم، مشيرة إلى أنهن يشاركن من داخل وخارج الأراضي السعودية.
وألمحت المصادر إلى انخفاض عدد المشاركات من الداخل في هذه الحملات الإلكترونية، وينشطن أكثر من خارج المملكة، ويقمن بنشر مقالات وبيانات وأفلام رموز التنظيم في المنتديات.
كما ينتهج هؤلاء “الغازيات” أسلوب مغازلة العواطف الدينية بأساليب خفية من خلال المشاركات الفردية عبر التعليقات على المواضيع المنشورة في المواقع، والاندماج بين الناس بأحاديث عامة، وبثّ رسائل متكررة تحمل مفاهيمهن.
وتحرص تلك “الكتائب” على تجنب الدخول في حوارات أو نقاشات تحرج تنظيمهن وتظهر ضعفه، لاسيما بعدما حققت حملة “السكينة” التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد نجاحات في مواجهتهن بالنقاش الواقعي خلال عملها الممتد منذ عام 2003.
وأفادت مصادر الحملة بأن هذه التحركات الجديدة التي تنتقد في عدد من مضامينها حملة السكينة وتأثيراتها، تشي باعتراف مناصري تنظيم القاعدة وذراعها الإلكترونية “كتائب غزو الإنترنت الجهادية” بتأثيرات الحملة، موضحة أن عمليات التوعية والتحصين والحوار المنفذة من حملة “السكينة” أثرت كثيراً في بنيتهم الفكرية وهددت انتشارهم.
واستشهدت المصادر بما كتبت “ربيبة السلاح”، وهي كنية مستخدمة من عناصر نسائية متشددة في مواقع إلكترونية عدة، في مقالة تستنهض عبرها عزم مناصري “القاعدة” وأشباهه، مبينة أن المقالة كتبت بعدما دبّ بين مروجي الفكر المتشدد النزاع، وضعفت آلياتهم الفكرية في التجنيد.
وقالت إن الحسابات المسجلة باسم “ربيبة السلاح” في المواقع الإلكترونية لها دلالة استراتيجية، تتمثل في أنها كنية رمزية لأحد الحسابات النسائية، ويشير إلى دور المرأة في المواجهة الفكرية التي تحث وتحفز على حمل السلاح.
فيما توجد حسابات بكُنى أخرى لها دلالات ومعان مشفرة لا يفهمها سوى المنضمين للتنظيمات الإرهابية، وتهدف إلى إرسال رسائل خاصة بالتجنيد.
و”كتائب غزو الإنترنت الجهادية” هي الذراع الإلكترونية لتنظيم القاعدة والتنظيمات الموالية له، دورها هو تجنيد الشباب من الجنسين عبر مواقع الانترنت، وتعد تطبيقا لمقولة أسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة وقال فيها إن “المعركة 90% منها إعلامية، والبقية بالسلاح”.
وتعتمد في ذلك على إشاعة أن ما يتم نشره في وسائل الإعلام معظمه يحمل الفكر “الصليبي”، و”كاذب”، وأنها هي التي تقدم المعلومة الحقيقية “الشرعية”.
و”سكينة” هي حملة إلكترونية تطوعية مستقلة تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، انطلقت عام 2003، وتتخصص في عالم الإنترنت والانتشار في المواقع والمنتديات والمجموعات عبر فريق مدرب يقوم بالتواصل مع المستهدفين من المتشددين فكريا بصفة شخصية وودية.
وخلال هذا التواصل تتم مناقشة الأفكار المنحرفة علنا أو عبر الرسائل الخاصة أو برامج المحادثة الثنائية، وتركز على المضمون الشرعي والأدب في الحوار، بحسب ما تنشره الحملة على موقعها الإلكتروني.
وقبل يومين نشرت صحف تصريحات لرئيس الحملة، عبد المنعم المشوح، قال فيها إنه مع دخول الإجراءات العقابية التي اعتمدتها السلطات التشريعية في المملكة ضد الحزبيين والإرهابيين أسبوعها الأول انخفضت وتيرة الهاشتاقات الداعية للفتنة بنحو 90%.
كما انخفضت الهاشتاقات التي تدعو للمشاركة في القتال ضمن جماعات متطرفة انخفضت كذلك ولكن بنسبة أقل تقدر بـ40%، فيما قال أحد العائدين من القتال إنه اكتشف أن الجهاد في سوريا “جهاد زائف”.
وأشار المشوح إلى أن انخفاض نسبة “هاشتاقات” التكفير انخفضت بنسبة 45%، والتفاعل مع “الهاشتاقات” بشكل عام انخفض بنسبة 60%، داعياً إلى إيجاد مركز وطني مستقل متخصص في التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي دراسة وتوجيهاً، بمشاركة الجامعات والجهات العلمية لعمل دراسات محكمة حول هذا الموضوع.
وأوضح رئيس حملة السكينة أن هذه الإحصائية جاءت مقارنة للدراسة السابقة التي رصدت نحو 300 “هاشتاق” للتحريض ضد المملكة، والتي أنشأت الغالبية منها حسابات مجهولة بما نسبته 95% ما بين الـ10 من يوليو وحتى الـ10 من أغسطس من العام الميلادي المنصرم.