من شاب “طائش” يعيش شمال المملكة إلى “مجاهد” يحمل على عاتقه حلم “الشهادة” بسوريا.. هذا هو ملخص قصة “مهند” ابن الـ29 الذي رحل إلى أرض الشام بعد أن اطلع على مئات الصور المفجعة والإغراءات المحفزة فقرر الرحيل والقتال بين صفوف قوات المعارضة، قبل أن يقرر العودة إلى بلاده محاولا النجاة والهروب في ليلة ظلماء.
“مهندوف” كما لقبه رفاقه وجد على أرض سوريا أمورًا مختلفة عما اعتقد، فقرر العودة إلى وطنه، إلا أن أفراد الكتيبة التي تورط معها نصبوا له كمينا لتسليمه إلى النظام، بعد حجز كل ممتلكاته وجميع أوراقه الثبوتية، وفي أولها جواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية.
وفي حواره مع “عكاظ”، رفض “مهندوف” الإفصاح عن هويته أو اسم قبيلته للجريدة، متحدثًا عن “الجهاد الزائف”، الذي دفعه للإسراع والعودة إلى المملكة قبل انتهاء مدة العفو عن المشاركين في الجماعات التسع التي صنفتها المملكة بـ”الإرهابية”.
يقول “مهند” إن والده متوفى وإن شقيقه الأكبر تولى تربيتهم، واستكمل دراسته بعد المرحلة الثانوية في الجامعة الأردنية، إلا أنه عاد إلى السعودية مرة أخرى بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة، مشيرًا إلى أنه مازال أعزب ودخل أسرته متوسط.
وواصل “الشاب العشريني” حديثه موضحًا أن بداية إطلاقه لحيته كانت قبل الذهاب للجهاد في سوريا، حيث لم يسبق له المشاركة في أعمال جهادية، لافتًا إلى أن قتل النساء والأطفال بسوريا، فضلا عن ظروف البطالة والفراغ بالمملكة، دفعته إلى التفكير في الجهاد.
“فكرت وحدي، واتخذت القرار وحدي، وعزمت على السفر وحدي، وذهبت وحدي”.. هكذا يردد “مهند” عند سؤاله عن صاحب قرار سفره إلى سوريا، منوهًا إلى أنه قبل السفر انعزل عن الناس وانفصل وصار منكفئًا على المواقع الإلكترونية يتابع مقاطع الجهاد هناك ويرى ما ينكل بالمسلمين، فأثاره ذلك وقرر الرحيل.
وكشف “مهند” عن دور موقعي التواصل الاجتماعي “تويتر” و”فيسبوك” في التواصل مع المجاهدين بسوريا، قائلا: “تواصلت مع شخص سوري عبر فيسبوك برسائل، كنت أسأله غالبا عن الأوضاع وما يجري هناك”.
وأضاف: “كلمت أحد أصحابي وحصلت منه على 2500 ريال.. كنت أتوقع أنها ستكفي.. رحلت إلى عمان برا ومنها إلى اسطنبول التركية ومنها إلى أنطاكية في أقصى الجنوب، حيث الحدود التركية السورية.. ولم يتبق معي حينها سوى 50 ريالا”.
واختتم حديثه في الحلقة من الحوار قائلا: “وصلت موقف الحافلات في أنطاكية.. وهناك كان في استقبالي أربعة شباب، من بينهم هذا الشخص الذي كنت أتواصل معه عبر فيسبوك، وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد من أهلي شيئا عن سفري.. أغلقت شريحتي السعودية واكتفيت بالتركية.. لم أفكر في أمي.. كنت في حالة لا تجعلني أفكر بشيء غير (الجهاد في سبيل الله)”.