صحيفة “الاقتصادية” في افتتاحيتها بعنوان ( أجندة سوداء واقتصاد يتردى ) : شهد الاقتصاد الإيراني أزمة عميقة في ظل الأرقام السلبية التي لا تزال تتصدر مؤشرات الأسواق المحلية، وتقلصت معها قدرة شراء المستهلكين بشكل غير مسبوق، ما وضع اقتصاد إيران “المريض” في حالة حرجة جدا في ظل جائحة كورونا، واستمرار العقوبات الأمريكية المفروضة منذ عامين. إضافة إلى التخبط في السياسيات عموما، ما أثر في المشهد الاقتصادي الذي ظل يعاني منذ فترة طويلة دون معالجة ناجحة.
وتابعت : ومن خلال هذه الأزمة الحادة نشهد الانخفاض الكبير والمستمر لقيمة الريال الإيراني، الذي لم يشكل مفاجأة عند المتابعين للأوضاع الاقتصادية العامة في إيران ككل. فتراجع العملة ظل منذ أكثر من عقدين، السمة الرئيسة لحراكها، إلى درجة أن اضطرت السلطات الحاكمة في طهران في 2017 إلى حذف صفر واحد، تجنبا لطباعة مزيد من الأوراق المالية التي قال عنها الحاكم السابق للبنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، إنها باتت تكلف أكثر من قيمة العملة ذاتها، فضلا عن أن ثمن المعدن المستخدم في العملة المعدنية صار منذ أعوام أكثر من قيمتها الحقيقية بالفعل. والتضخم الذي يضرب إيران منذ عقود ـ أفقد النظام المالي في البلاد نحو نصف قيمة العملة المحلية. كل هذه المعطيات إضافة إلى التطورات الأخيرة على صعيد تراجع العملة، يؤكد مجددا أن الانهيار المتواصل للريال الإيراني ليس جديدا، والأهم أن أحدا لا يمكنه أن يتوقع إلى أي مدى سيتواصل هذا الانهيار، خصوصا في ظل أوضاع اقتصادية واضطرابات سياسية متفاعلة لا تهدأ، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية الراهنة التي بلغت حدودا لم يتوقعها النظام الإيراني، رغم كل الممارسات الوحشية التي يقوم بها ضد المحتجين السلميين، فضلا عن العقوبات المتجددة دائما التي يفرضها العالم على نظام علي خامنئي، بسبب استراتيجية الإرهاب التي يتبعها، والتدخلات في الدول الأخرى، وتمويل تجارة المخدرات، وغسل الأموال، إلى جانب طبعا محاولاته البائسة لامتلاك سلاح نووي، لا يريد العالم أن يكون بحوزة نظام خارج عن أطر المجتمع الدولي.
وتجمعت عوامل تراجع العملة، وستواصل التجمع والضغط في المستقبل، لأنها لا تقوم في الواقع على أسس اقتصادية واضحة. فالاقتصاد المحلي في إيران لا يخضع عمليا لسيطرة وتوجيه الرئاسة، بل يقوده علي خامنئي وزمرة من المحيطين به، الذين يسيطرون مباشرة على أكثر من 50 في المائة من إجمالي الاقتصاد الوطني. أما النصف الآخر من هذا الاقتصاد فهو يخضع لإملاءات ما يسمى بالمرشد، بحيث اضطر في الأعوام الماضية عدد من الاقتصاديين المختصين للاستقالة لعجزهم عن القيام بمهامهم وفق الأسس الاحترافية، من فرط تدخلات خامنئي وزمرته المباشرة. مع ضرورة الإشارة إلى أن العوائد الآتية من الأموال التي يسيطر عليها مكتب المرشد، تذهب إلى تمويل الإرهاب والتدخلات الإيرانية العسكرية هنا وهناك.