صحيفة “الاقتصادية” في افتتاحيتها بعنوان ( تمدد استثماري مدروس ) : دائما ما يستند الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، رئيس مجلس الوزراء، في حديثه إلى الواقع ولغة الأرقام، وفي كل مرة تعلن السعودية خطوات استثمارية جديدة أو استراتيجيات حديثة، تتسابق وسائل الإعلام في تحليل كل ذلك، ولأن المملكة، كما قال الملك سلمان في خطابه في مجلس الشورى، دولة عصرية، فهي تنظر إلى المستقبل بطموح وهامات عالية لا تحدها حدود، فالرياض التي أثبتت الوقائع الاقتصادية في السوق النفطية أنها ليست الدولة التي كانت قبل انطلاقة رؤية 2030، ويجدر هنا أن نشير بوضوح إلى حديث الأمير محمد بن سلمان في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي نظم في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، عندما قال حينها، إن السعودية بعد خمسة أعوام ستكون مختلفة تماما، وهذا ما نشهده واقعا اليوم.
وقالت أن المملكة تهتم بقضاياها ومصالحها أكثر من أي وقت مضى، وهي اليوم من الأعلى نموا في العالم، مع نمو في الصادرات والصناعات وتزايد في معدلات التوظيف. من اللافت للنظر أن ولي العهد في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار 2018، قد تحدث حول رؤية مستقبل الشرق الأوسط، وعد أن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة، وأن هذا الهدف سيتحقق 100 في المائة، واليوم وتزامنا مع انعقاد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار لهذا العام في نسخته السادسة، يعلن صندوق الاستثمارات العامة تأسيس خمس شركات إقليمية، تستهدف الاستثمار في كل من: الأردن، البحرين، السودان، العراق، وعمان، وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية المصرية للاستثمار في أغسطس الماضي، حيث ستبلغ قيمة الاستثمارات المستهدفة ما يصل إلى 90 مليار ريال “24 مليار دولار” في الفرص الاستثمارية عبر مختلف القطاعات. هذا هو الفعل الحقيقي للتطوير المتزامن في جميع الدول العربية، تخطيط مقترن بالعمل وليس مجرد شعارات، بل فتح أبواب استثمارات حقيقية، لتوسيع دائرة آفاق العمل الاقتصادي والتجاري المشترك من أجل تحقيق الرفاهية والاستقرار للشعوب العربية في ظل الظرف العالمي الراهن.
وأضافت : عندما انطلق صندوق الاستثمارات العامة في رؤيته الجديدة قبل عدة أعوام، لم يكن حجمه يتجاوز 150 مليون دولار، وتم وضع مستهدفات الصندوق بأن يصل حجمه إلى 400 مليار دولار، في 2020، واليوم يأتي الصندوق في المرتبة السادسة بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم بإجمالي أصول بقيمة 620 مليار دولار خلال يونيو الماضي، وفقا لآخر تصنيف لمؤسسة SWF Institute المتخصصة في دراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية.
وأعتبرت إن هذه الأرقام التي تحققت تعكس نتائج التخطيط المقترن بالأفعال. فالصندوق الذي تم العمل عليه بجهد مستمر حتى يمكنه أن يقوم بدوره المخطط له في تنمية المملكة والعالم العربي، وتحقيق حلم الشرق الأوسط الجديد برؤية سعودية تسعى إلى تحقيق تنمية لبناء شراكات تسهم في ازدهار أسواق المنطقة، وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية على المدى الطويل. فالشركات الخمس ستشمل عدة قطاعات رئيسة من ضمنها، البنية التحتية، التطوير العقاري، التعدين، الرعاية الصحية، الخدمات المالية، الأغذية والزراعة، التصنيع، والاتصالات والتقنية، وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، وذلك لتحقيق أهداف متزامنة، فمن جانب ستسهم في نمو وازدهار تلك القطاعات في الأسواق والمنطقة، ومن جانب آخر ستحقق عوائد على المدى الطويل، وتنمية محفظة الصندوق حتى يصل إلى مستهدفاته حتى يصبح أكبر صندوق سيادي في العالم، فهو صندوق تنموي في جوهره، فالمتابع لاستثماراته يجد ويلاحظ التوازن في إيجاد عوائد مالية تحقق له الاستدامة وتضيف قيمة إلى الاقتصاد المحلي.
وأشارت الى أن الأحداث الاقتصادية منذ الأزمة المالية العالمية أثبتت الدور المميز، الذي تلعبه الصناديق الاستثمارية السيادية في التنمية عموما، لكن الاهتمام اليوم في كل التنظير العالمي هو تركز هذا الدور في التنمية المحلية، فالصناديق الاستثمارية تعمل على توازن المالية العامة وتنمية الإيرادات السيادية، ولذلك فإن معظم الاستثمارات تتجه نحو الاستثمار المباشر في الأسواق المالية العالمية، وقلما نجد توجها واضح المعالم لهذه الصناديق في خدمة الدول التي بحاجة إلى الاستثمارات، خاصة في البنى التحتية، ذلك أن هذه الصناديق ليست لها مثل هذه الطموحات التنموية، لكن يأتي صندوق الاستثمارات العامة السعودي برؤية شمولية، خاصة أن السعودية هي محط أنظار الدول في الشرق الأوسط من أجل قيادة فاعلة في كل القضايا، وأيضا تحقيق مستهدفات التنمية في هذه الدول، فالصندوق اليوم يحقق للمملكة هذا الدور الإقليمي المهم وتطلعات الشعوب، وفي الوقت نفسه فالصندوق يحقق عوائد تمكنه من الاستدامة وتحقيق مستهدفاته في الاقتصاد المحلي. مثلما نجح في استهداف صفقات على المستوى العالمي.
وأكدت