صحيفة “الرياض” في افتتاحيتها بعنوان ( بذور التطرف ) : لا يختلف أحد على أن الإرهاب أضحى يشكّل مشكلة عالمية تعاني منها جميع الدول، فهو داء عُضال تجاوز كونه ظاهرة عابرة إلى أن بات تغيّراً جوهرياً طال بنية المجتمع الدولي، استطاع الواقفون خلفه من أفراد وتنظيمات على فترات متقطعة أن يثيروا الفوضى والرعب في نفوس الأشخاص والدول التي استهدفوها.
وتابعت : وبرغم الحملات الدولية عليه إلا أنها مازالت جهوداً بحاجة لتفاعل دولي أكبر لا يقتصر على محاربته والتضييق عليه عبر جيوبه وجماعاته فقط؛ وإنما هو بحاجة لأن تتضافر جهود المجتمع بكامل أطيافه من علماء وباحثين وأكاديميين ومختصين ومفكرين ومثقفين؛ فالإرهاب في أساسه هو فكر ضالّ منحرف مسكون بالأفكار الدوغمائية المتطرفة، ومغروس في روعه معتقدات مغلوطة وجدت عقلاً فارغاً من الوعي، وخلواً من أي استنارة حقيقية تكون بمثابة السياج لصاحبها تدرأ عنه الأفكار المتطرفة، وتنأى به عن أي تصورات مغلوطة يتم تمريرها عليه عبر قشرة أفكار زائفة، وجوهرها نشر ثقافة الكراهية والعنف ونبذ الآخر المُختلف، واعتقاد جاهل وواهم بأن الدين يسوّغ استخدام العنف لمن خالفنا الرأي، وأنّ طاعة من ينشر هذا الفكر المتطرف واجبة, كل هذا تم ترسيخه بمكر وبطرق لا تتسق مع الفكر المستقيم السّويّ.
وأردفت : من هنا لم يكن غريباً أن يظهر بين الآونة والأخرى نماذج إرهابية متطرفة تعتقد وهماً أنها تذود عن الدين الصحيح؛ وهي تنساق بغباء وقطيعية وتنفذ ما يُملى عليها، ويعيثوا في الأرض فساداً وفوضى مدفوعين بجهلهم الفادح الذي أضاع حياتهم ومستقبلهم وبوصلتهم الفكرية حتى باتوا مطلوبين أمنياً للعدالة.
وختمت : الإنجاز الأمني الأخير المتمثل في رصد أحد المطلوبين بمحافظة جدة يجدّد التأكيد على أن الإرهاب المستتر المتواري مازال في كمون، وأن يقظة المجتمع والتعاون مع الجهات المختصة باتا مطلوبين أكثر من ذي قبل, كما أن الحاجة غدت أكثر إلحاحاً على ترسيخ الوعي المجتمعي خصوصاً الشباب وضرورة أن تكون هناك حواضن تربوية وتوعوية سواء في مراحل التعليم المختلفة أو حتى على مستوى المراكز البحثية والمنتديات والأندية المختلفة, فالفكر الضال بحاجة لتفكيك آلياته وتعريته للجميع حتى يكون كل مواطن ومواطنة عيناً متبصرة تجاه كل ما يؤذي وطننا ويهدد أمنه وسلمه المجتمعي.