حرصت قمة جدة للأمن والتنمية، التي اختتمت أمس في مدينة جدة، برئاسة المملكة، على ترسيخ مبادئ وأسس وثوابت في التعامل الدولي، تقوم على الاحترام المتبادل بين الدول، وفق مبادئ المصالح المشتركة والأخوة والصداقة والشراكة وأواصر القربى التي تربط الشعوب بعضها ببعض.
القمة التي رأستها المملكة، بحضور قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق والولايات المتحدة، شددت في توجيه رسائل مهمة وعاجلة إلى من يهمه الأمر، بأنه لا ينبغي لأي دولة أن تفرض سياستها على الدول الأخرى، ليبقى لكل دولة شأنها الخاص بها.
آية قرآنية
وتجسدت أولى تلك الرسائل في الآية القرآنية التي اُفتتحت بها القمة وهي: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”.
وتوالت بعد ذلك الرسائل التي تصب في الموضوع ذاته، عبر كلمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته في القمة، التي ضمنها رسالة إلى العالم، بضرورة احترام القيم النبيلة لشعوب المنطقة، ودعوته لوضع إطار كامل لمرحلة جديدة باعثة للأمل في نفوس شباب وشابات المنطقة.
أكثر واقعية
وكان ولي العهد أكثر صراحة وواقعية، عندما دعا الحاضرين إلى مزيدٍ من التعاون والتحالف لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة بكل ما فيها من صعوبات جمة، لكنه اشترط أن يكون هذا التعاون وفق سياسة احترام الدول، واحترام سيادتها، عندما قال “اجتماعنا اليوم يأتي في الوقت الذي تواجه فيه منطقتنا والعالم تحديات مصيرية كبرى؛ تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي تقوم على احترام سيادة الدول وقِيمها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام استقلالها وسلامة أراضيها”.
وبدا ان المملكة، ممثلة في كلمة ولي العهد، تؤسّس لبداية ميثاق عالمي جديد، يعزّز من التعاون المشترك بين الدول لخدمة مصالحها، بعيداً عن أي إملاءات أو وصايا تفرضها دولة على أخرى، وفي هذا الشأن، قال ولي العهد: “نأمل أن تؤسّس قمتنا هذه لعهدٍ جديد من التعاون المشترك لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأمريكية لخدمة مصالحنا المشتركة، وتعزّز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع”.
إطار شامل
وأبى ولي العهد أن يختتم كلمته إلا بعد التطرق إلى الفوائد التي من الممكن أن يجنيها جيل الشباب بفعل العيش في كنف دول لها قيمها الخاصة التي تفرض احترامها على العالم، إذ قال سموه: “متفائلون بأن تؤدي هذه القمة إلى وضع إطار شامل لمرحلة جديدة، نبعث فيها الأمل لشباب وشابات المنطقة بمستقبل مشرق، يتمكنون فيه من تحقيق آمالهم، ويقدمون للعالم رسالتنا وقيمنا النبيلة، التي نفتخر بها، ولن نتخلى عنها، ونتمنى من العالم احترامها كما نحترم القيم الأخرى؛ بما يعزز شراكاتنا، ويخدم منطقتنا والعالم”.