أوضحت صحيفة “الاقتصادية” في افتتاحيتها بعنوان ( السعودية .. سياسات مالية داعمة ) : جاء الأمر الملكي الذي صدر أمس بهدف حماية المجتمع السعودي من تداعيات ارتفاعات الأسعار العالمية، وهو يمثل اهتمام القيادة المعهود بالمواطنين دوما في كل المناسبات، والظروف.
وأضافت : رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بكل ما احتوته من برامج ومبادرات، تعكس اهتمام القيادة أيضا بجودة حياة الإنسان السعودي، واقتصاده، وفق منهج من الحوكمة، والإجراءات التي تضمن العدالة الاجتماعية.
وزادت : ولهذا، فإن الأمر الملكي الذي صدر أخيرا، تم على ما رفعه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي كانت توجيهاته واضحة وصريحة بضرورة مراعاة المواطنين الأكثر حاجة في مواجهة التطورات الدولية التي نتج عنها ارتفاع في تكاليف بعض الاحتياجات الأساسية، وتأكيده الأدوار المهمة للوزارات والأجهزة الحكومية المعنية وذات الصلة بهذا الشأن لمواجهة الأوضاع الجديدة التي شهدتها الأسواق العالمية، المتعلقة بارتفاع أسعار السلع الأساسية، والظروف والمتغيرات التي شهدها العالم أخيرا، من حروب وكوارث طبيعية، وأزمة فيروسات توقفت بسببها سلاسل الإمداد، وتعطل معها كثير من الموانئ الرئيسة والمهمة على مستوى العالم، مع نقص للعمالة.
وأوضحت أن من المعلوم أن روسيا وأوكرانيا معا تزودان العالم بما يقرب من ثلث إمدادات القمح، فروسيا وحدها تشكل المصدر الرئيس للأسمدة، بينما تعد أوكرانيا المورد الأساس للقمح والذرة ودوار الشمس، وقد تسبب الصراع في أوكرانيا في نقص إمدادات الغذاء العالمية، فيما تم نشر إحصائية حول تأثير الحرب في إنتاج الحبوب في أوكرانيا، تشير إلى تراجع تصدير القمح بأكثر من 33 في المائة، والذرة بأكثر من 18 في المائة، ودوار الشمس بأكثر من 32 في المائة، الأمر الذي دفع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” للتحذير من ارتفاع أسعار الغذاء بشكل غير مسبوق جراء هذه الأحداث.
ورأت أن الحرب أدت إلى قلق عالمي حول المخزونات الاستراتيجية ما دعا دولا مثل الهند وإندونيسيا إلى وقف تصدير بعض المنتجات للمحافظة على المخزونات، والأسعار المحلية. وعلاوة على ذلك، فقد بقيت أسعار الشحن مرتفعة جراء تداعيات الأزمة الصحية التي لم تزل تؤثر بشكل متفاوت في دول العالم، بما يزيد الضغوط على الأسعار.
وبينت أن مع هذا المشهد العالمي المقلق، وانطلاقا من حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بأبنائه من المواطنين والمواطنات، فقد تضمن الأمر الملكي الموافقة على تخصيص دعم مالي بقيمة 20 مليار ريال لمواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار عالميا، منها 10.4 مليار ريال كتحويلات نقدية مباشرة لدعم مستفيدي الضمان الاجتماعي، وبرنامج حساب المواطن، وبرنامج دعم صغار مربي الماشية على أن يخصص بقية المبلغ لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية والتأكد من توافرها.
وأشارت الى أن السعودية تواجه هذه التداعيات وفق منهج من العدالة الاجتماعية يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، وقد كان للإنجازات التي تحققت مع الرؤية أثر واضح في ذلك، فإعادة هيكلة الدعم من خلال برنامج حساب المواطن، وما شهده الضمان الاجتماعي من تطوير، مكن الحكومة من تنفيذ الأمر الملكي بما يحقق مضامينه، ومن ذلك ضمان التخصيص الصحيح، حيث تم تحديد مبلغ ملياري ريال لصرف معاش إضافي لمرة واحدة لمستحقي الضمان الاجتماعي للعام المالي الحالي 1443 ـ 1444، وتخصيص ثمانية مليارات ريال دعما ماليا إضافيا للمستفيدين من برنامج حساب المواطن حتى نهاية العام المالي الحالي، مع فتح البرنامج للتسجيل من جديد، وتخصيص 408 ملايين ريال دعما ماليا لمستفيدي برنامج صغار مربي الماشية.
وأعتبرت أن الحوكمة الجيدة تمكن من اتخاذ قرارات مستنيرة، ومن المهم الإشارة إلى أن الأمر الملكي قضى بتوجيه باقي المبلغ المخصص لزيادة المخزونات الاستراتيجية للمواد الأساسية، وهذا من شأنه توفير مرونة كبيرة للأسواق في مواجهة أي تداعيات مستقبلية، كما أن فيه إشارة قوية للأسواق الداخلية بشأن وفرة المعروض من المنتجات، وأيضا ضرورة مراقبة التطورات الدولية، بما في ذلك المتعلقة بسلاسل الإمداد، ومتابعة الأسواق، ووفرة المنتجات ومستويات الأسعار، وحماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تؤثر في المنافسة المشروعة، أو مصلحة المستهلك، وهذا من شأنه حماية الدخول الحقيقية للمواطنين وعدم تسرب الدعم للأسعار.
وختمت : ومن هنا، نستشف من الأمر الملكي كيف تحركت الحكومة بسرعة إيجابية لمواجهة الوضع الحالي ومعالجة تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية، وكانت استجابة في وقتها كما تفعل دائما في مثل هذه الأزمات والظروف، حيث إن لدى السعودية تجارب كثيرة من هذا النوع، وقد شهدت بذلك منظمات دولية، وكان منها الإشادة بتعامل المملكة الإيجابي مع تداعيات فيروس كورونا من خلال القرارات السليمة التي حققت نتائج مثمرة مكنت من توزيع اللقاحات مجانا لكل من يعيش على أرض الوطن، دون تمييز، ودعمت بشكل واضح العودة القوية للاقتصاد الوطني، ما ساعد على تخفيف الآثار السلبية لتراخي سلاسل الإمداد العالمية.