لوّح “التيار الوطني الحر” في لبنان باحتمال إنهاء تحالفه السياسي مع مليشيا “حزب الله”، وهو ما اعتبره محللون بداية لتغيير التحالفات في البلاد، قبيل الانتخابات المقررة مارس المقبل.
وللمرة الأولى، وبشكل علني، هاجم زعيم “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، (صهر الرئيس ميشال عون)، الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل)، بعدما كان يحصر الأزمات في جبهة “حركة أمل” برئاسة نبيه بري، مُحَيّدًا “حزب الله” بشكل أو آخر، بحسب “سكاي نيوز عربية”.
وانتشر مقطع مصور مسرب لـ”باسيل” رفع فيه منسوب الهجوم تجاه الحزب المسلح، قال خلاله: “اللي ما بكون معنا ومع قضية الحق تبعنا عمره ما يكون”.
وأضاف زعيم التيار الوطني الحر تعليقًا على إجراءات اتخذت ضد حزبه: “ستكون لها مترتبات سياسية”، في إشارة إلى أنباء حول تخيير حزب الله بين التحالف معه أو حركة أمل، خاصة بعد المعركة الأخيرة بأزمة قانون الانتخابات.
والثلاثاء الماضي، رفض المجلس الدستوري اللبناني، طعن التيار الوطني على تعديلات البرلمان بقانون الانتخابات، مما يعني أن الانتخابات ستجرى بموعدها في 29 مارس المقبل، في حين كان التيار يطالب بتأجيلها إلى مايو.
هل ينهار اتفاق “مار مخايل” الذي يجمع الطرفين؟
وفي تعقيب له على الأزمة الحالية، كتب خليل شربل المنتمي للتيار الوطني الحر على “تويتر”: “مخايل – مات”، في إشارة إلى اتفاق مار مخايل الذي جمع التيار مع حزب الله قبل 15 عامًا، وأسهم في وصول عون مؤسس التيار الوطني الحر، إلى السلطة في 2016.
وفي 6 فبراير 2006، وقّع زعيم “حزب الله” حسن نصرالله، وزعيم التيار الوطني الحر (آنذاك) الرئيس الحالي ميشال عون تفاهمًا في كنيسة مار مخايل ببيروت؛ للعمل معًا في معالجة قضايا مهمة أبرزها “بناء الدولة”.
وتتألف وثيقة التفاهم من 10 بنود، أبرزها “قانون الانتخاب”، و”العلاقات اللبنانية السورية”، و”حماية لبنان”، وبند آخر بعنوان “بناء الدولة” ينص على اعتماد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة، وقضاء عادل ومستقل، ومعالجة الفساد من جذوره.
والخلافات ليست وليدة اليوم، ففي فبراير الماضي، قال المجلس السياسي للتيار الوطني، في بيان، في ذكرى الاتفاق، إن تفاهمه مع “حزب الله” لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، ونرى في ذكرى التوقيع مناسبة للتمعن في هذا التفاهم”.
وفي يونيو الماضي، قال “باسيل” إن “وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني أمر ليس طبيعيًّا، وهذا الوضع استثنائي يجب ألا يستمر”، بعد معلومات سربت عن خلافات بينه وبين ممثلي الثنائي الشيعي بشأن أزمة تأليف الحكومة آنذاك.
وبينما لم يعلق “حزب الله” رسميا على تصريحات “باسيل”، قال صادق النابلسي الموالي للتنظيم إن “حزب الله آثر الصمت واستوعب وهضم كل الانتقادات ولم يوجه أي انتقاد علني للتيار الوطني الحر، لكن باسيل يخاطر بفقد الدعم”.
وأضاف: “لم يعد للتيار الوطني الحر أي حليف في الانتخابات القادمة.. لا يوجد حليف حقيقي له إلا “حزب الله” فلماذا تتخلون عن آخر حليف لكم؟”.
ويعيش لبنان أزمة سياسية جديدة بعد تشكيل الحكومة، إذ يشلّ “حزب الله” اجتماعات مجلس الوزراء؛ بسبب إصراره على أن تتخذ الحكومة قرارًا بتغيير المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار، وهو ما يرفضه رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي، وفق مبدأ أن السلطة السياسية لا تتدخل بعمل السلطة القضائية.
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم، قال: إن هناك خلافات تتصاعد بين “حزب الله” والتيار الوطني جراء عدة أسباب؛ أبرزها انتخابات الرئاسة، فباسيل يضع عينه على المنصب، بينما يريد حزب الله زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، على اعتبار أن هناك شبه اتفاق على ذلك من قبل وصول عون للرئاسة.
وأضاف “عاكوم”، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن السبب الثاني هو موعد الانتخابات؛ فدعم “حزب الله” قرارات رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل، نبيه بري، على حساب التيار الوطني، وهو ما عمَّق هوية الخلاف بين الجانبين.
وتوقع المحلل اللبناني أن يعود “باسيل” خطوة للوراء ويقبل بكل شروط “حزب الله” التي سيضعها خلال فترة الانتخابات؛ لأن التيار الوطني بحاجة لأصوات الطائفة الشيعية “ليس من مصلحة باسيل أن يغرد خارج السرب في الفترة الحالية؛ لأنه في هذه الحالة سيكون الخاسر الأكبر بين التيارات السياسية”.
وأوضح أن الخلاف الأكبر حاليًا بين التيار الوطني وحركة أمل، “فهناك ضرب سياسي تحت الحزام بين الجانبين، ولولا وجود “حزب الله” وعلاقته القوية مع التيار لوصلت الأمور إلى انفلات أكبر”.
وأشار إلى أنه ستكون هناك حالة تجميد للخلافات؛ حيث يوجد التقاء مصالح للثلاثة، ومعهم فرنجية نفسه، والحزب القومي السوري الاجتماعي، ولكن من بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية أعتقد أن الخلاف بين “حزب الله” و”باسيل” والأخير و”بري”، ستصل إلى حد القطيعة، وسيكون هناك تغيير في التحالفات من بعد الانتخابات وليس قبلها.