هي واحدة من القلاع المتوزعة بكثافة على امتداد جبال الساحل السوري شرق حماة على مقربة من افاميا. وهي تقوم على أنقاض قلعة أفاميا القديمة، إذ تشير الدلائل إلى أن التل الجاثم تحت أسوار القلعة كان مدينة عامرة في العصور الشرقية القديمة في الألف الخامس قبل الميلاد، ويعزز مثل هذا الاعتقاد موقع التل المشرف مباشرة على وادي الغاب وعلى الطريق القديم الذي يربط بين الأجزاء الشمالية والجنوبية للداخل السوري.
مدينة قلعة المضيق
تعودقلعة المضيق، وهي مدينة وحصن، إلى العصور الوسطى في شمال غربي سوريا، وتتبع المدينة إدارياً محافظة حماة، وتقع في شمال شرقها على الضفة الشرقية لنهر العاصي.
توسعت مساحة المدينة بشكل ملحوظ، وضمت مناطق التلال غرب القلعة وجنوبها على طول الطريق الرئيس باتجاه مدينة السقيلبية، حيث تشمل التجمعات المجاورة مركز قضاء السقيلبية جنوباً وقرية البريج وبلدة كرناز من الجنوب الشرقي، وكفر نبوده من الشرق، وقرية الحواش من الشمال، وقرية حويجة السلة وبلدة شطحة من الشمال الغربي، وقرية التويني وقرية عناب إلى الغرب.
وعُثر على آثار بناء من الآجر يعود إلى الألفية الثالثة بالقرب من المدخل الحديث للقرية، كما عثر عند قاعدة التل على قطع من مجموعة أدوات وآلات صخرية تعود إلى ما قبل التاريخ.
العهد العربي الإسلامي
وتعود أسوار قلعة المضيق إلى النصف الأول من القرن الـ13 في فترة العهد العربي الإسلامي، وكانت لهذه القلعة أهميتها أثناء الحروب الصليبية، إذ استولى عليها الصليبيون عام 1106 واستقروا فيها وجعلوها معقل حماية لعاصمتهم على الساحل السوري. ومر على هذه القلعة الأيوبيون والمملوكيون والعثمانيون.
وفي أوائل القرن الـ12 الميلادي، أصاب المنطقة زلزال أدى إلى تهدم معظم منشآت القلعة، وأمر نور الدين زنكي بإعادة ترميمها، فشهدت القلعة أكبر عملية بناء في الفترة الأيوبية، حين أعيد بناء سورها وأكثر أبراجها وترميم شوارعها والعديد من مبانيها ومنشآتها.
خط دفاع المدينة
وتقع القلعة إلى الغرب من المدينة الأثرية، وكانت تشكل في يوم من الأيام خط دفاع على طول نهر العاصي في المعارك الضارية مع الصليبيين، فكان يحيط بالقلعة سور مرتفع على هيئة مضلع غير منتظم ذو أبراج كثيرة مربعة الشكل، وكذلك خندق يستخدم كوسيلة دفاع كان يملأ بمياه نهر العاصي عند تعرض القلعة للهجوم. ما زال السور بمعظمه في حالة جيدة، ما عدا أحجار التضاريس التي كانت عليه، والتي تهدمت في بعض جوانبها باستثناء القسم الغربي.
تفاصيل معمارية
استُخدمت في بناء القلعة حجارة كلسية استُقدمت من مسرح مدينة أفاميا، تهدمت معظم أجزائها بينما بقيت كتل أبراجها الخارجية قائمة حتى اليوم، وكذلك أسوارها المحيطة بقمة القلعة التي تتوزع على شكل صليب، وتصل بين أبراج القلعة بشكل متداخل ومتماسك.
وللقلعة في الجهة الجنوبية باب كبير يتوسطه برجان مربعان للحراسة وتعلوه قنطرة، وتليه بوابة أيوبية الطراز ثم قبو مرتفع معقود يوصل إلى داخل القلعة. ويظهر عند بابها نقش يحمل تاريخ 654هـ مع اسم الملك الناصر يوسف، وكذلك تحمل الأبراج اسم الملك الظاهر غازي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي مدوناً بتاريخ 602هـ.
وأكثر ما يميز القلعة أقبيتها القديمة التي تعود بمعظمها إلى الفترة الأيوبية، وهي مبنية من الحجر بسقوف متميزة الشكل ومتداخلة مع أقبية أخرى من الفترة المملوكية والعثمانية. وتستخدم هذه الأقبية اليوم كمنازل لأبناء المنطقة، كما نجد بالقرب منها بعض الكتل المبنية حديثاً.
19 برجاً
تمتاز أبراج القلعة الـ19 والمطلة على وادي الغاب بالضخامة وقوة التحصين وبفخامة مداخلها، خصوصاً البرج الكبير المتربع على الزاوية الجنوبية الشرقية، الذي تسوره السرادق ومرامي السهام في طابقه الثاني، وكذلك برجا المدخل في منتصف الجهة الجنوبية، في حين تنتشر بقية الأبراج على الأسوار، إذ زودت الزاوية الشمالية الشرقية بثلاثة أبراج ضخمة، بقي منها بُرجان يتألفان من طبقات عدة، أما الجهة الغربية فهي الأقل تحصيناً بسبب قلة عدد أبراجها وصغر حجمها، ما دفع البنائين إلى زيادة عدد الطلاقات ومرامي السهام.
مسجد وخان
ويتركز في أسفل القلعة مسجد عثماني الطراز بني في عهد السلطان سليمان القانوني الأول، ويعود تاريخه إلى القرن الـ16، كما بنيت في الفترة ذاتها مدرسة وكذلك خان يقع جنوب القرية كان يُستخدم في الأصل للحجاج المسافرين على الطريق من إسطنبول إلى مكة، أما اليوم فقد تحول إلى متحف، متحف أفاميا للفسيفساء، يضم العديد من اكتشافات أفاميا، من لوحات فسيفسائية وتماثيل وما يزيد على 15 ألف لوح طيني مسماري، ويتبع للمديرية العامة للآثار والمتاحف، ويعد هذا المتحف بتصميمه الجميل واحداً من أجمل الخانات في البلاد.
ويذكر أن في هذا المكان أو بجواره، كانت تقوم مدينة نشأت في العصر البرونزي، ورد ذكرها كثيراً في النصوص المسمارية المسطرة في الألف الثاني قبل الميلاد