أكملت أرامكو السعودية، مؤخرًا، مشروع بناء قناة خرسانية لدرء السيول وتصريف مياه الأمطار في مدينة جازان الاقتصادية بطول 22 كيلومترًا تقريبًا؛ وذلك باستخدام قضبان تسليح للخرسانة من مادة البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية بدلًا من القضبان المسلحة الفولاذية؛ مما يجعله أكبر مشروع في العالم يستخدم المواد اللامعدنية الجديدة.
وقد صممت القناة الخرسانية، التي استخدمت إجمالي 9.6 ملايين متر من قضبان البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية، للتعامل مع سيناريو فيضان قد يحدث مرةً كل مئة عام؛ بحيث توجه القناة المياه المتدفقة بعيدًا عن المصفاة وعن مشاريع الفرضة البحرية الضخمة التابعة للشركة باتجاه مياه البحر الأحمر؛ حيث تمتد القناة على طول الحدود الشرقية والجنوبية للموقع. وتولى قسم مشاريع البنية التحتية في إدارة مشاريع البنية التحتية والميناء في مدينة جازان مسؤولية إنشاء القناة.
واشتملت عملية تسليح القناة الخرسانية في البداية على استخدام قضبان تقليدية من الفولاذ المطلية بالإيبوكسي. وانطلاقًا من الهدف الاستراتيجي لأرامكو السعودية في تعزيز استخدام المواد والتقنيات اللامعدنية التي تحافظ على البيئة؛ اتخذ قرار في يناير 2018م لاستبدال القضبان الفولاذية بقضبان البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية؛ الأمر الذي حوّل المشروع إلى أكبر مشروع في العالم يستخدم قضبان التسليح الجديدة.
واعتمدت ثلاث شركات عالمية على الإمداد بهذه المواد اللازمة بناءً على جودتها وقدراتها الفنية وخططها في مجال التوطين، بما يدعم جهود خطط تصنيع المواد اللامعدنية في المملكة لإمدادات المشاريع المستقبلية؛ مما يخفض من فترات التنفيذ والتكاليف، ويساند برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء).
وتقوم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وإدارة الخدمات الاستشارية وفريق إدارة المشاريع حاليًا، بتنفيذ مشروع بحثي تقني مشترك في موقع قناة تصريف السيول، وكذلك في مرافق الجامعة في الظهران. ويهدف البحث إلى دراسة خصائص واستخدامات البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية على نطاق واسع لتطوير معايير الشركة والمعايير الدولية في تصميم وتنفيذ المشاريع المستقبلية المتعلقة بها وغيرها من التطبيقات اللامعدنية.
بناءً على الخبرات المتراكمة لفريق المشروع على مدى ما يقارب ثلاثة أعوام من أعمال التنفيذ، توصلت الدراسة -حتى الآن- إلى مجموعة من النتائج حول استخدامات قضبان البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية؛ فقد لاحظ الباحثون انخفاض كلفة شرائها وتركيبها مقارنةً بقضبان التسليح التقليدية، ووجدوا أيضًا أنها تستهلك مواد أقل بكثير مقارنةً بالقضبان الفولاذية، وتحتاج موارد بشرية أقل وكميةً أقل من المواد اللازمة لتمديدها، وتقاوم التآكل الناتج عن المياه والمواد الكيميائية، وتتمتع بمقاومة أكبر للإجهاد. كما أنها غير موصلة كهربائيًّا ولا تتأثر بالمجالات المغناطيسية، ولا تحتاج لحماية من التربة عند وضعها في موقعها، كما أن وزنها أخف من المواد التقليدية.
ويخفض استخدام البوليمر المعزز بالألياف الزجاجية -بشكل عام- فترة تنفيذ المشروع، وتكاليف البناء والصيانة؛ خاصةً في المواقع النائية أو البيئات القاسية. وفيما يتعلق بتكاليف التمديد؛ فإن هذه المادة تعد أقل كلفة بنسبة 70% تقريبًا مقارنةً بقضبان الفولاذ التقليدية المطلية بالإيبوكسي.
تجدر الإشارة إلى أن بناء المصفاة والفرضة كان قد بدأ في عام 2014م. وستكون المصفاة قادرةً، عند اكتمالها، على معالجة 400 ألف برميل في اليوم من النفط الخام العربي الثقيل والمتوسط، وإنتاج 80 ألف برميل في اليوم من البنزين، و250 ألف برميل في اليوم من الديزل ذي المحتوى الكبريتي فائق الانخفاض، وأكثر من مليون طن سنويًّا من منتجات البارازيلين ومادة البنزين. وسيضم المجمع محطة لتوليد 2.400 ميغاواط من الكهرباء من منتجات المصفاة الثانوية، بصورة اقتصادية وفاعلة لتلبية حاجات المصفاة. وسيتيح هذا أيضًا تطوير صناعات صغيرة مجاورة وتوفير الكهرباء للمدن في المنطقة.