كشف مختصان تفاصيل علمية عن نبات انتشر ووصلت للمختصين عنه تقارير خلال السنوات الأربع الأخيرة، تضمنت الإشارة إلى أنه نبات شوكي مزعج في منطقة الباحة، وفي محافظة بلجرشي بالتحديد، وهو من فصيلة التين الشوكي Cactaceae.
واتضح أن هذا النبات دخيل وغازي، ويسمى “كمثرى هدسون Hudson pear” و”الكاكتوس الوردي “Rosea cactus ، واسمه العلمي Cylindropuntia rosea، فيما يسميه بعض الأهالي في بلجرشي بـ”الصبار السام”، حيث إنه وعلى الرغم من عدم سميته كيميائياً؛ إلا أن أشواكه قد تسبب حساسية جلدية لدى البعض.
وخلال هذه الفترة كان مركز انتشار النبات هو محافظة بلجرشي، وبدأ يغزو مساحات برية كبيرة في ذلك النطاق من المرتفعات الجنوبية الغربية.
ويعمل فريق من جامعة جازان ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على هذا النبات حاليًا.
وقال أستاذ علم البيئة النباتية المشارك بجامعة جازان الدكتور يحيى بن سليمان مسرحي: غرض العمل الحالي على النبات دراسة مدى قدرته على الانتشار ومعرفة الآليات التكيفية للنبات التي تعزز من ذلك والعوائق ونقاط الضعف التي يمكن أن تحد من انتشاره.
وأضاف: هذا النبات عبارة عن سوق عصارية شوكية، قد يرتفع لنحو المتر، تتوزع الأشواك به على الساق في نمط كثيف، ويحوي النبات نمطين من الأشواك: كبيرة بطول يتراوح من 1 – 7 سم ، ونمط آخر دقيق لا يتعدى نصف ملليمتر في الطول.
وأردف: كلا النمطان ينتشر على سطحه خطاطيف دقيقة تجعل من هذه الأشواك آفة مزعجة، بل إن الأشواك الدقيقة صعبة الخروج من الجلد إلا بملقط دقيق .
من جهته، قال أستاذ علم البيئة النباتية المشارك في معهد أبحاث الأحياء والبيئة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الدكتور علي بن عبدالرحمن النمازي: هذا النبات الصباري من النباتات المتوطنة في المكسيك وصحراء أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، وينتشر طبيعيًا في بعض المناطق جنوب ذلك النطاق مثل البيرو . وخارج نطاق توزيعه الطبيعي أصبح هذا النبات من النباتات الغازية التي أضحت مؤخراً تمثل خطرًا يهدد الغطاء النباتي في عدد من دول العالم كأستراليا، فرنسا، ناميبيا، جنوب أفريقيا، إسبانيا، وزيمبابوي.
ويعتبر النبات ذا قدرة عالية على التأقلم في بيئات المرتفعات الجبلية وذلك بسبب سرعة انتشاره عن طريق التكاثر الخضري؛ حيث تمثل قطع الساق (سهلة الانفصال) وحدات تكاثر خضرية سهلة النمو وتكوين جذور عرضية في مدى واسع من بيئات المرتفعات.
وقد وجد الفريق أن معدّل النمو للنبات (على أساس نمو واستطالة فروع جديدة للسوق) بلغ نحو 2,5 ملم في اليوم (ضمن معدل درجة حرارة 24 – 26 م)، وذلك حتى في ظروف نقص الماء (حيث تمثل مخازن الماء في أنسجة النبات العصارية مورداً هاماً في ظروف الإجهاد المائي)، ومعدل النمو هذا يمثل معدلاً عالياً يساهم في درجة انتشاره وغزوه لمساحات شاسعة .
وتتسم الخصائص التشريحية والوظيفية للنبات بأنها شديدة التكيف مع ظروف نقص الماء؛ حيث وجد الفريق أن لسوق النبات قدرة عالية على الانكماش والتمدد تبعاً لظروف توافر الماء بدون أي ضرر على النبات، كما أن نمط البناء الضوئي به شديد التكيف مع الإجهاد المائي .
ويمثل النبات، حالياً، آفة غازية تهدد الغطاء النباتي الطبيعي وموائله، إضافة إلى أن خصائص النبات المظهرية بنمط أشواكه المزعجة تمثل خطراً على الحيوانات والطيور البرية والمواشي.
وقد لاحظ الفريق أن العائق الوحيد الذي يحد من انتشار النبات هو ارتفاع درجات الحرارة، وأظهرت التجارب الأولية أن النبات يتوقف تقريباً عن النمو وتكوين فروع جديدة أو حتى جذور عرضية من القطع المنفصلة عند متوسط درجة حرارة 32 م فأعلى.
وقال “النمازي”: للنبات أضرار كثيرة صحية وبيئية واقتصادية، وتأثيرات سلبية على النظم البيئية والأراضي الزراعية والغابات، حيث يسبب أضرارًا صحية للبشر، إذ إن أشواكه تسبب جروحًا وآلامًا مبرحة، كما أن له آثارًا سلبية على الاقتصاد بسبب الأضرار التي يلحقها بالماشية وتقليله للقدرة الاستيعابية للأراضي الخاصة بالمواشي.
ويغزو النبات أراضي المراعي العشبية الطبيعية مسببًا بعض الأضرار البيئية والتي تتمثل في منافسته للأنواع النباتية البرية، إضافة إلى أنه يعيق حركة حيوانات المراعي والحيوانات البرية حيث يسبب جروحًا مؤلمة تؤدي أحيانًا للوفاة.
وقد وجدت بعض حيوانات الكوالا والكانغرو وبعض الطيور في أستراليا ميتة؛ بسبب أشواك هذا النبات.
وكشف الفريق البحثي أن هناك دلائل وجدت في أحد المواقع ضمن نطاق انتشار النبات في بلجرشي تفيد بأن أحدهم ربما جلبه للزينة “مع نوع أو أنواع شوكية أخرى من نفس الفصيلة” وانتشر من تلك البقعة وبدأ يهدد البيئة المحلية.
ويعتبر انتشار هذا النبات، ولو كان حالياً في نطاق محدد من مرتفعات جنوب المملكة، مؤشراً خطيراً يجب التنبه له، إذ قد يكون كارثة بيئية تهدد الغطاء النباتي في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية إذا ما عولج على وجه السرعة.
وتتضمن المناشدات للجهات والمؤسسات الحكومية المعنية، ضرورة تكثف جهودها وتوحدها للتصدي لهذا النبات ومكافحته قبل انتشاره على نطاق أوسع مما يصعب التغلب عليه ويزيد العبء عند مكافحته في وقت متأخر، وأكد الفريق أنه على أتم الاستعداد للتعاون في هذا المجال.