ماذا خلف الكواليس
استوحت تلك الحركة التي أنشأها شباب فلسطينيون جامعيون الفكرةَ من حركة “تمرد” المصرية
بدأت حكومة حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة تشعر بالقلق إثر إطاحة نظام حلفائها من الإخوان المسلمين بعد أن شهدت شوارع كبرى المدن المصرية مظاهرات حاشدة في البلاد.
والآن، تسعى إحدى الحركات الاحتجاجية الجديدة تحت اسم “تمرد” لأن تُعمِل مزيدا من الضغط على حكومة حماس
واستوحت تلك الحركة التي أنشأها شباب فلسطينيون جامعيون الفكرةَ من حركة “تمرد” المصرية، وهي الحركة التي كان لها تأثير في الحشد والتنظيم للاحتجاجات التي شهدتها الشوارع في مصر ضد الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي.
وتعتزم تلك الحركة تنظيم تظاهرات تخرج في شوارع غزة يوم الاثنين تزامنا مع الذكرى التاسعة لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
إلا أن حجم الدعم الشعبي لتلك التظاهرات لا يزال غير واضح.
وقال أحد مؤسسي تلك الحركة، وكان قد اعتقل مرات عدة من قبل قوات أمن حماس: “تمكنّا من جمع 45 ألف توقيع يدعم حملة التمرد على حكم حماس في الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني.”
وأضاف ذلك العضو الذي رفض ذكر اسمه: “تتمثل خطتنا في تنظيم مظاهرة سلمية نطالب فيها حكومة حماس بالاستقالة وندعو لإجراء الانتخابات.”
“أهداف منسية”
إلا أن تلك الفكرة تكتنفها مخاطر كبيرة.
وتابع العضو قائلا: “توصلنا إلى معلومات تفيد بأن قوات أمن حماس تلقت أوامر باستخدام القوة في مواجهة ثوارنا، إلا أن ذلك لن يثنينا عما نقوم به.”
وكان ما يربو على 70 ألف مشترك على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قد سجلوا إعجابهم بصفحة “تمرد غزة”، والتي تنشر بشكل يومي الانتقادات لحكومة حماس.
وتقول الحركة إن حماس قد تخلت عن هدفها للمقاومة المسلحة ضد إسرائيل بعد أن أخرجت حركة فتح من القطاع عام 2007 واستولت على زمام الأمور بالقوة، وذلك بعد عام من فوزها في الانتخابات العامة الفلسطينية عام 2006.
كما ترى الحركة أيضا أن الجهاز الأمني لحكومة حماس يقمع الفلسطينيين ويهددهم.
وعلى صفحة الفيسبوك، تتهم “تمرد” حكومةَ حماس بالإخفاق في “تقديم الحياة الكريمة”، حيث تفرض الحكومة ضرائب على سكان القطاع الذي يعاني حصارا إسرائيليا فرض عليه منذ أن استأثرت حماس بالسلطة هناك.
وتقول إسرائيل إنها تتخذ تلك الإجراءات لأغراض أمنية، فيما ترى بعض مجموعات حقوق الإنسان أن تلك الإجراءات تصل في شدتها إلى حد العقاب الجماعي لسكان القطاع.
وعلى الرغم من وجود موجة كبيرة من الدعم “الافتراضي” لتمرد، إلا أن المسؤولين من حماس يرون أن تلك الحركة وهمية.
حيث قال إسلام شهوان، المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة: “إن هذه الحركة المتمردة غير حقيقية، فهي لا تظهر سوى من خلال العالم الافتراضي للإنترنت، وليس لها أي أنشطة على الأرض.”
وأضاف شهوان: “سنعمل على تقييم الوضع الأمني إذا ما اندلعت المظاهرات الاحتجاجية في القطاع في الحادي عشر من نوفمبر.”
اعتقال ناشطين
وقال يوسف رزق، أحد مستشاري رئيس حكومة حماس السياسيين، إن حكومة القطاع “لا تحمل أية مخاوف من تنظيم هذه الاحتجاجات في الحادي عشر من نوفمبر، حيث إن السلطات المعنية ستتعامل مع أي طلبات مقدمة للتظاهر بما يتوافق مع القانون”.
إلا أن هناك علامات على أن شرطة حماس تتخذ خطواتها لإجهاض أي تظاهرات من البداية. فقد اعتقلت العشرات من ناشطي حركة تمرد، وأعادت نقاط التفتيش الليلية إلى الشوارع.
وقال فتحي صباح، رئيس المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية: “تتعامل حماس مع هذا الأمر بطريقة عنيفة.”
إلا أنه يرى أيضا أن حركة تمرد غزة لا تمتلك زخما كافيا لإحداث تغيير في القطاع.
وأضاف: “تختلف الأوضاع هنا عما هي عليه في مصر. فحتى الآن، لم تنجح هذه الحركة في اجتذاب شخصيات معروفة إليها.”
فيما تتهم حماس الفصيل المنافس لها “فتح”، الذي يهيمن على السلطة الفلسطينية متحكما في أجزاء من الضفة الغربية، مع أعضاء من الجهاز الاستخباراتي للسلطة بتمويل تمرد وإدارتها، إلا أن حركة فتح تنفي صحة ذلك.
وكانت المحاولات السابقة لتنظيم مظاهرات واسعة في قطاع غزة قد باءت بالفشل.
حيث كان بمقدور حماس احتواء مظاهرات احتجاجية نظمت في الخامس عشر من مارس/آذار عام 2010، بقدر قليل من العنف ودون إصابات تذكر.
من جانبه، قال عدنان أبو عامر، أحد المحللين السياسيين، إن حماس “لديها جناح عسكري قوي جدا وجهاز أمني كبير من شأنه أن يعرقل أي خطوات تتخذ ضد الحكومة”.
وأضاف أبو عامر قائلا: “كان المقصود من العروض الأخيرة التي نظمتها القوات المسلحة لحماس في الشارع هو إرسال رسالة إلى حملة تمرد.”
لذا، سيسفر المستقبل القريب عما إذا كانت حركة تمرد الفلسطينية ستأخذ حذرها لمواجهة ذلك.