اصلاحات وزارة الداخلية تبدء من السجون وتحويلها الى وزارة العدل في خطوة لتخفيف على وزارة الداخلية والتي تتحمل مهما كبرى وواسعة
وحتى توفر الكثير من اسباب الحفاظ على الامن والاستقرار
الرياض- كشفت مصادر عليمة لصحيفة «العرب» أنه يجري حاليا إكمال ترتيب انتقال الإدارة العامة للسجون في السعودية التابعة لوزارة الداخلية، إلى وزارة العدل، تحت ذات المسمى.
وقالت المصادر إن الهدف من هذا الإجراء هو توزيع مهمات عديدة تقوم بها وزارة الداخلية السعودية، تشمل القطاعين العسكري والمدني بها. وسوف ينزع هذا الانتقال عن إدارة السجون «عسكرتها» ويجعلها في عهدة قطاع مدني، وسوف تقتصر مهمة وزارة الداخلية في إدارات السجون على نقل المسجونين وحماية المنشآت السجنية.
وأفادت المصادر، أن المرحلة الإدارية المقبلة في السجون السعودية، ستكون بإشراف وإدارة قضاة من وزارة العدل، التي تعمل منذ سنوات عديدة، على تطوير مرافق القضاء وفق برنامج حكومي سعودي كان من أول قرارات العاهل السعودي الملك عبدالله، ورُصد له أكثر من ثلاثة مليارات دولار.
المصادر التي أطلعت «العرب» على بعض من حيثيات القرار، أبانت أن ذلك لم يأتِ استجابة لضغوط دولية أو داخلية، بل هو «سعي حكومي لتحقيق الأفضل وسيتبعه الكثير من الإصلاحات».
وكشف المصدر، أن سجون «أمن الدولة» المتعلقة بقضايا الإرهاب، ستكون تحت إشراف مشترك بين وزارة العدل، ووزارة الداخلية، وبمساعدة هيئة حقوق الإنسان بالمملكة.
ومن المتوقع أن يجد القرار فور صدوره ترحيباً عالمياً خاصة من بعض جمعيات وهيئات حقوق الإنسان، وهو أمر يتقاطع مع طلبات من يسمون أنفسهم بـ«الحقوقيين السعوديون الإصلاحيين» مؤسسي جمعية «حسم» المنحلّة بحكم قضائي، وهي المعنية بالحقوق السياسية والمدنية بالسعودية وفق ما يعرّفها روادها سابقا.
وسيحرج القرار المتعاطفين مع «حسم» خاصة وأن لبّ مطالب منتسبيها ترتكز على وزارة الداخلية والقضاء، وضرورة فصل مرافق مختلفة عن وزارة الداخلية الرقم الأصعب والكبير في نشاطهم.
يذكر أن مديرية السجون السعودية شهدت خلال عشرة أعوام العديد من التغييرات. حيث سبق ووافق مجلس الوزراء السعودي في العام 2003 على فصل إدارة السجون عن إدارة الأمن العام، في مديرية مستقلة لها تنظيمها الخاص، وهو ما سعت معه المديرية لتحويل بعض أفكارها إلى واقع، حيث تحوّل شعارها من السجن إلى الإصلاح، مع تحديث كبير في مباني السجون العامة.
كذلك في ملف الاهتمام السعودي بالسجناء، أسست السعودية في العام 2001 لجنة وطنية في كافة المناطق، تهدف إلى رعاية السجناء والمفرج عنهم وأُسر السجناء وذويهم، ومن المتوقع كذلك تحويلها إلى جمعيات خيرية.
ويأتي القرار المزمع إعلانه، وسط توقعات بتوزيع جزء من مهام وزارة الداخلية السعودية التي تحمل بعهدتها الكثير من الملفات، أبرزها الأمن، وإمارات المناطق، والإشراف على الحج، والهجرة والجوازات، وكذلك الأحوال المدنية. وسيخفف القرار على الداخلية الأعباء الكبيرة، من جهاز السجون خاصة، وهو في مرمى الانتقاد لانفصاله عن وزارة العدل.
القرارات المتوقعة والتجديد في هيكلة وزارة الداخلية السعودية، يقودها وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي يشرف مباشرة كذلك على وكالة الوزارة لـ«التخطيط والتطوير الأمني» منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وتهدف الوزارة إلى رفع المستوى الأمني المحلي بالسعودية خاصة بعد هجمات إرهابية عاشتها المملكة منذ 2003 ولأكثر من عامين.
دوافع حقوقية
وكانت هيئة حقوق الإنسان في السعودية أصدرت تقريراً في أوائل الشهر الحالي عن حالة حقوق الإنسان في السعودية، رصدت من خلاله تجاوزا وتقصيراً في عمل بعض الجهات الحكومية والخدمية، وأوصت بالعديد من الإصلاحات ومنها ملفا القضاء والسجون. وفيما يتعلق بقضايا السجناء والموقوفين في تقرير هيئة حقوق الإنسان، اعتبر التقرير أن قضايا المساجين والموقوفين هي من «القضايا العاجلة» وأوصت بمحاسبة كل من يتسبب في تجاوز مدة التوقيف المنصوص عليها قانونا.
وأوصى تقرير هيئة حقوق الإنسان الذي جاء شاملا، بتوضيح الأحكام للسجناء والموقوفين، وكذلك تطوير وتحسين الخدمات المقدمة في السجون، كالإعاشة والرعاية الصحية، والعمل على تلافي الاكتظاظ فيها بما يكفل أداء مهامها الإصلاحية، مع مراعاة تصنيف السجناء وفقاً لنوع القضايا والفئات العمرية، وتحسين ظروف وإجراءات زيارات ذوي السجناء ومدتها الوقتية.
وفي مجال القضاء أوصت هيئة حقوق الإنسان بإعداد مشروع نظام جزائي لتدوين أحكام الحدود والقصاص والديات، وتقنين الجرائم والعقوبات التعزيرية، مع الأخذ بمبدأ العقوبات البديلة متى كان ذلك ممكناً، إضافة إلى تدوين أحكام الفقه الإسلامي المتعلقة بالأحوال الشخصية.
وحثت الهيئة وزارة العدل على الإسراع بإنشاء المحاكم المتخصصة، ونقل الاختصاصات إليها وفقاً لما نص عليه نظاما القضاء وديوان المظالم الجديدان، وآلية العمل التنفيذية لهما، داعية إلى زيادة عدد القضاة بما يتلاءم مع تزايد الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم، وبما يضمن سرعة الفصل في هذه القضايا وضمان حقوق المتقاضين، إضافة إلى تطوير المناهج الدراسية والتطبيقية في كليات الشـريعة والحقوق، واستحداث برامج تخصصية لتأهيل القضاة وفقاً لتخصص المحاكم.