نوّهت وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو بالأهمية والثقل الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية من خلال دورها الكبير عضوا مؤثرا في مؤسسة الأمم المتحدة وكذلك باعتبارها عضواً مؤثراً في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومجموعة العشرين وعضوا سيشغل قريباً مجلس الرئاسة الدورية لمنظمة.
وأبدت السيدة ايما يونين اعتزازها بالدور الذي تعلبه المملكة دولياً قائلة: ننظر بأعين الاهتمام والتقدير إلى الالتزام المباشر لبلد له ثقله في القضايا الدولية الرئيسة على صعيد عالمي.
وشددت الوزيرة الايطالية في كلمتها التي القتها في ختام الندوة الخاصة بالعلاقات السعودية الإيطالية بمناسبة مرور 80 عاماً من العلاقات المتميزة بين البلدين، بحضور صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل وزير الخارجية ظهر أمس، شددت على ضرورة التفكير بالاهتمام الذي ننظر إليه إلى الحوار بين الأديان، وأضافت قائلة: نعتقد أن هذا الاهتمام متقاسم واسمحوا لي بأن أتذكر دعم ايطاليا للمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للحوار بين الأديان والثقافات الذي شاء أن يكون تعزيزاً لتقارب أفضل بين أديان مختلفة.
وأبدت الوزيرة ثقتها بالحوكمة العالمية التي قالت إنها تتطلّب تحمّل المزيد من المسؤؤوليات ومشاركة أوسع من قبل جميع الدول وهو ما يؤدي – في بعض المجالات – كالاقتصاد مثلاً إلى ضرورة تنسيق السياسات الوطنية وتطوير بُنىً مالية دولية ملائمة وأكثر شفافية تستجيب أيضاً للتطلعات المشروعة للدول الناهضة.
وواصلت قائلة: حين نتحدث عن دول نهضت في السابق، وزادت: بالطبع نعلم جيداً أن الشركاء البعيدي النظر إذا ما وجدوا الوسائل الكفيلة بعزل نقاط الخلاف لا يتقاعسون أبداً عن مناقشة هذه النقاط بشكل صريح، وقالت: وإني واثقة بأن عالم الأعمال والقطاع الخاص سوف يكون رائداً لمسيرتنا المشتركة، وأضافت: وليس من قبيل المصادفة أن يكون جزء من هذا المنتدى مرسخاً لاكتشاف الإمكانات التي لم تعبّر عنها علاقاتنا بالطريقة الملائمة من خلال تشجيع الأعمال سويّاً، ولا بد من الاهتمام بالتواصل بين الأشخاص والأجيال الفتيّة مدلّلة على ذلك بالتوقيع الذي تم على مذكّرتين بشأن التعاون الثقافي وتقاسُم التحاليل السياسية وقرار وضع التعاون في مجال البحوث والتدريب في طليعة اولوياتنا.
وأضافت قائلة: إن هذين المحورين يمثلان غِنى آبار المعرفة التي تستخرجها أجيال الغد أي ما هو بالنسبة إلينا “بترول المستقبل” وزادت: لديكم بترول الحاضر ونحن نهتم ببترول المستقبل.
وواصلت الوزيرة الايطالية كلمتها قائلة: في وقت نحتفل فيه بمرور ثمانية عقود خالية من أي صراع أود أن أختم مشيرة إلى مستقبلنا المشترك فالمجموعات الاقتصادية الايطالية الأساسية والأكثر نشاطاً تعلّمت التعرّف بصورة أفضل على نظيرتها السعودية فيما تعمل الحكومتان على تحسين وتعزيز أجواء الأعمال إفساحاً للمجال أمام نموّ أكبر لهذا التعاون مشددة على أن قطاع التعاون والاستثمارات يجب أن يتّسع ليتخطّى حدود المجالات التقليدية البتروكيميائية وقطاع البناء.
ولفتت الوزيرة الايطالية إلى أن إيطاليا أطلقت في هذه الأيام برنامجاً طموحاً لاستقطاب الاستثمارات اتّجاه ايطاليا ولا بد من اكتشاف آفاق جديدة كالاقتصاد الأخضر والطب الحيوي وشكل عام اقتصاد المعرفة مشيرة إلى أن الأرض الخصبة التي يجب أن يستثمر فيها تكمن في الأشخاص ممثلة في تبادل الطلاب والتدريب على المستوى الأكاديمي والدراسات العليا والتعاون في المشاريع العلمية والتكنولوجية الأكثر تقدماً والتفاعل بين المؤسسات وأطراف المجتمع شأن الجامعات والاتحادات وغرف التجارة حيث لدينا حاجة ملحة للتعرف بعضنا إلى بعض وبصورة معمّقة كما يفعل الأصدقاء كي نبني معاً الازدهار وأن نساهم في إحلال الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي أريد أن أؤكد أن ترتبط بها توازنات النظام العالمي المستقبلي.
وفي رد لسمو وزير الخارجية حول دور المملكة في تجنيب انعكاسات الأزمة الاقتصادية في إيطاليا وأوروبا على حجم التبادل التجاري بين البلدين أجاب سموه قائلاً: المملكة لا تستطيع ان تعمل الا في اطارها هي، فعملت كل ما تستطيع لتمكين الاقتصاد العالمي من الاستفادة من الموارد الطبيعة للمملكة بالشكل الذي يجعل سوق الطاقة مستقرا وغير مضر للاقتصاد العالمي، فكل ما نستطيع عمله لاستقرار الاقتصاد العالي قامت به المملكة من زاويتها أما الباقي فعلى الدول الأخرى ان تسير بنفس المسار الذي سارت عليه المملكة، وهذا يعود على كل دولة على مواردها وإمكاناتها الخاصة بالاقتصاد، نحن نأمل أن القضايا المؤثرة في الاقتصاد العالمي خاصة الدول ذات الاقتصاد الكبير أن تحل المشاكل التي بها.. بشكل لا يضر بالاقتصادات الأقل حجما من اقتصاديات الدول الأخرى، ويكون هناك دائما مراعاة خاصة للدول النامية في الخطط الاقتصادية التي تقوم بها الدول المتقدمة.
وفي سؤال لسموه حول تداعيات الظروف السياسية العاصفة في ايطاليا، أكد سموه أن المملكة لا تتدخل في شؤون غيرها من الدول وبخاصة الدول الصديقة منها كايطاليا وما تشهده ايطاليا في الحالة السياسية الداخلية يخصها وحدها وهي على قدرة في التعامل معها من دون تدخل من الآخرين، وإن كانت هناك أزمة لا يكون لنا تدخل في شؤون الآخرين فقط من باب النصيحة.
واضاف سموه: لا أعتقد أن يكون هناك أي تحول كبير في مسار العلاقات الوثيقة بين البلدين نتيجة لأزمة محلية، فنحن نتعامل مع الحكومة كلها فالعلاقة بين المملكة وايطاليا ثابتة وقائمة على هذا الأساس وهو عدم التدخل في الشأن الداخلي.. وهذا هو واقعنا مع أي دولة كانت لا نتدخل في شؤون غيرنا إلا من باب تقديم النصيحة بمعنى أصح.
وحول سؤال يتعلق في شأن وضع المرأة السعودية بين سمو وزير الخارجية أن المرأة السعودية الآن تعمل في كل القطاعات.. وهي تعمل بجدية وعلى المستوى المطلوب، ولفت سموه إلى الدور الذي تلعبه المرأة في شتى المجالات ودلّل سموه بشواهد كثيرة قائلاً: لدينا جزء كبير من أعضاء مجلس الشورى من النساء.. ترتبط بكل الأنظمة ولديها القدرة لإضافة وتعديل ما تراه في الأنظمة التي تتطلع عليها.. وقطاع التعليم بشكل خاص يشهد نهضة نوعية لدرجة أن عدد الطالبات في الجامعات السعودية أكثر من عدد الطلبة، أيضا نتائجهم أفضل، والمرأة في المملكة تأخذ دورها بالكامل.
أما فيما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان، فذلك يعود للمجتمع السعودي، والبرنامج المعد من قبل المشاورات والبحث الذي جرى في كل مكان في المملكة، فهناك حصر لكافة مناطق المملكة حل القضايا الرئيسية المتعلقة بحقوق الإنسان، فقد تم بحث ذلك من قطاعات الشعب كلها، وتم الخروج بتوصيات حيال القضايا الرئيسية والدولة سارية في تنفيذها. وعلقت وزيرة الخارجية حول استقطاب الاستثمارات السعودية لايطاليا بقولها: لقد تمت الموافقة على ذلك من قبل مجلس الوزراء بعد شهر من المشاورات مع مختلف مكونات المجتمع، ويرمي للتوصل إلى تحولات في مجال القوانين الادارية واجراءات وقوانين اخرى، ستنتهي اجراءات الجزء الاول في اكتوبر ثم في ديسمبر وبعدها مطلع العام المقبل لأنه علينا ان نجعل اجواء الاستثمارات اكثر استقطابا، كأن نقدم ضمانات تتعلق بالضرائب ووقت تطبيق المدنية واعتقد ان استقطاب الاستثمارات لايطاليا هي مسألتنا قبل كل شيء. وحول الأدوار الساسية التي تلعبها ايطاليا لدعم استقرار منطقة الخليج في ظل تداعيات الأزمة السورية وتزايد وتيرة التهديدات الإيرانية علقت وزيرة الخارجية الإيطالية قائلة: ايطاليا هي جزء من مجموعة أصدقاء سوريا، وقد عقدنا سلسلة من اللقاءات مع مختلف الأطراف ومنذ البداية تم تسليط الضوء على أهمية الحوار الروسي الأمريكي وكانت ايطاليا ناشطة فيما يتعلق بانعقاد مؤتمر جنيف 2 اذا تم عقده، وسعينا فتح فرصة مع إيران بعد انتخاب الإدارة الجديدة، هذا الانفتاح الحذر نحو الحوار، وزادت قائلة: اننا نعلم الآن ان هناك كثيرا من الدول تسير في ذلك الاتجاه، نحن بذلنا كل الجهود والمبادرات الممكنة كي تنطلق المسيرة السياسية والدبلوماسية، نحن نشطون على الصعيد الإنساني، على الرغم من الظروف المالية الصعبة المعروفة للجميع.
فيما علق الأمير سعود الفيصل قائلاً: المشكلة السورية كارثة.. اكبر كارثة حلت في العالم في هذا القرن.. وهذا يعني الشيء الكثير، سواء على مستوى الضحايا الأبرياء أو على مستوى التدمير للمدن والقرى السورية والتجهيزات الأساسية فالدولة تدمر والشعب يقتل والعالم يفكر كيف يحل المشكلة فليس هناك خيار في هذا ألا احد طريقين اما اننا نترك المجال لحكومة قررت ان تقضي على كل من يعبر عن رأي أو رغبته في اصلاح في البلد، او ان نواجه على المستوى العالمي والدولي، وخاصة في اطار مجلس الامن… بأن يواجه هذا التوجه للحكومة السورية أو ان يساعد الجيش الحر في الدفاع عن نفسه، أما ان نترك هذا ولا نفعل ذاك، فهذا امر في الحقيقة مؤسف ولا يعبر عن ثقة في النظام العالمي وهو بذلك سيكون نظام كما يقولون “لا يرحم.. ولا يترك رحمة الله تنزل”.
أما وزيرة الخارجية الإيطالية فعقبت قائلة: عقدنا لقاءات ثنائية وضمن لقاءات مجموعة اصدقاء سوريا.. التقينا بمسؤول المعارضة السورية الجربا ونعتقد انه بعد سنتين من عدم الحراك من قبل مجلس الامن هناك ديناميكية جديدة اطلقت، ونأمل ان تكون ايجابية، بدء عملية جديدة امر صعب جدا ومتعب، وهذا يعود الى الوضع الذي تتشكل منه القوى على وجه الارض، نحن نعطي اهمية للمجتمع المدني الذي سيعقد لقاءه في اسطنبول قريبا ان يكون قادرا على تقديم موقف او تمثيل المجتمع المدني، وهذا سيتم الى عقد مؤتمر جنيف 2 ونأمل ان يكون ذلك في منتصف نوفمبر.
فيما أجاب سمو وزير الخارجية: نحن سمعنا القول الايراني والنغمة الايرانية الجديدة في الحديث، وابداء الرغبة في تحسين العلاقات الايرانية بدول الجوار وفي الاطار العالمي ونرحب بهذا التوجه كل الترحيب، ولكن العبرة في الاجراء، والأثر العملي لهذا التوجه فإذا ترجم القول الى عمل فستتطور الأمور الى الافضل، اما اذا لم يترجم الى عمل فسيبقى حديثا على الهواء ويذهب تأثيره، نحن سياستنا ان تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل، فإيران وجميع الدول لها الحق في تطوير التكنولوجيا النووية، ولكن انتشار الأسلحة النووية محرم على الدول التي وقعت على الاتفاقية، وبالتالي هو محرم على ايران، نحن لسنا في اطار سباق تسلح نووي بيننا وبين ايران ولكن ما نصر عليه هو ان تلتزم ايران بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وان يتخذ مجلس الأمن القرار الذي يكفل بالتزامها بنصوص هذه الاتفاقية.
وحول التهديدات التي تواجهها المنطقة من البرنامج النووي الإيراني ودور ايطاليا في دعم استقرار المنطقة علقت الوزيرة الإيطالية قائلة: ليس لدي ما أضيفه على ما قيل، هناك نواح جديدة فيما يتعلق بالرئاسة، يمكن أن تقطع العلاقات بسرعة كبيرة كما قطعت العلاقات مع الإدارة السابقة لإيران، فتح العلاقات يتطلب عملا وحذرا، ونحن حذرون في هذا الشأن لان الوقائع يجب ان تتكلم، نحن نعلم ان بعض التصريحات للإدارة الحالية لإيران تختلف عن سابقتها، نعلم انه من الممكن يتم اطلاق محادثات بين دول 5 + 1 بشأن الملف النووي وشخصيا يسرني استئناف الحوار بين دول الاتحاد الاوربي وايران في شأن حقوق الانسان، الذي انقطع في السابق، وايران كانت جزءا من المشكلة في سوريا، ويجب ان تتحمل مسؤوليتها لتكون جزءا من الحل ايضا.
ووقع سمو وزير الخارجية امس اتفاقية تعاون مشترك بين المملكة والحكومة الإيطالية في مجال التعاون السياسي بين المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية وبين معهد الدراسات الدولية الإيطالي. مثل الجانب السعودي صاحب السمو الأمير السفير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية لشؤون المعلومات والتقنية، ومن الجانب الإيطالي السفير فرناندو نيلي فيروسي. كما وقعت اتفاقيتان في فيلا مداما، تهدف إلى التعاون بيّن الهيئة العامة للسياحة والآثار والمتاحف الإيطالية، بحضور سمو وزير الخارجية وعدد من المسؤولين في الوزارة، وقع الاتفاقية من الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.