تتجدد العادات الرمضانية الجميلة بما تحمله من موروث شعبي لدى أهالي منطقة جازان مع دخول شهر رمضان من كل عام، تتخللها نفحات إيمانية، مستذكرين ما كانوا عليه في الماضي وما أصبحوا عليه اليوم.
وتبرز في شهر رمضان المبارك العديد من المظاهر والعادات الرمضانية التي تنفرد بها أيام وليالي الشهر الفضيل.
ويظهر ذلك جلياً في التقاليد والعادات الاجتماعية الخاصة في الاحتفال بشهر رمضان المبارك والتي تملؤها البساطة والأجواء الجميلة التي يستعد لها الكبار والصغار بِكُل حُب ولهفة من عادات الإفطار والسحور إلى الروحانيات والسمر طيلة أيام وليالي رمضان وحتى استقبال عيد الفطر المبارك.
ويحرض أهالي منطقة جازان طيلة شهر رمضان المبارك على تبادل الزيارات الحميمة بين الأسر، وسط فرحة وبهجة تسود الجميع، فيما تحرص النساء على الاحتفاء بالشهر الكريم بنقش الحناء ولبس الجلابيات الرمضانية المميزة بأشكالها وألوانها الزاهية، وتعليق الفوانيس التي تتخذ أشكالاً مختلفة، والمفارش ذات الطابع الشعبي القديم، وتقديم وجبات الإفطار والسحور في الأواني المنزلية ذات الطابع الشعبي، والتي يحرض الأهالي عليها في تقديم واجب الضيافة للزوار المهنئين بالشهر الكريم في عادة يتوارثها الأهالي.
وفي رمضان تبرز الأكلات الشعبية الرمضانية التي تمتاز بها المنطقة بطهي الأكلات الشعبية الرمضانية، من أبرزها: السمك أو ما يسمى ( بمكشن السمك)، و المغش، و الشربة والسمبوسة والزلابية والمطبق والمخلوطة والفول البلدي -الدجر- ، و الخبز الجيزاني أو ما يعرف باسم العيش أو الخمير، وغيرها من المأكولات الشعبية التي تتزين بها المائدة الرمضانية في جازان، والتي حافظ الأهالي عليها رغم تعاقب الأجيال، ولاتزال تسجل حضورها القوي أمام الوجبات والأطباق الحديثة، فيما يبتدئ الكثير إفطاره مع ارتفاع الآذان بالتمر والرطب والماء المبخر بـ” المستكة” الذي يعطي نكهة زكية والتي اعتادت أغلب العائلات في منطقة جازان عليه.
ويمتاز شهر رمضان في جازان بالتجمعات العائلية التي تحتضنها المنازل، حيث تجتمع العائلات غالباً في منزل الأسرة الكبير الذي يضم جميع أفراد العائلة لتناول وجبة الإفطار، وشرب القهوة والشاي وتبادل الأحاديث الأسرية بين صلاتي المغرب والعشاء، ويحافظ أهالي جازان على عادة تناول الأكلات الشعبية في ساحات الجوامع، وبعض الأحياء في مدينة جيزان ومحافظاتها وذلك بتخصيص يوم للإفطار الجماعي حيث يحضر كل شخص وجبة إفطار من الأكلات الشعبية المشهورة التي يتم إعدادها في المنزل.
وحينما عاد المواطن علي صمان بذاكرته إلى الوراء متلمساً ” أسباب الحنين” إلى “رمضان زمان”، خلص إلى أن ” البساطة” هي ما يميز تلك الأيام الخوالي عن حياة اليوم على الرغم من شظف العيش والافتقار إلى أسباب الرفاهية الموجودة حالياً.
وقال: ” كانت الحياة البسيطة هي ما تجمع الأسرة ويقرب الجيران والأصحاب من بعضهم البعض، حيث لم يكن هناك ما يشبه ضجيج الحياة اليوم وتعقيداتها التي غيرت سلوك وعادات الناس وباعدت بينهم، فقد كان رمضان هو الألفة والمحبة والإخاء والتقرب إلى الله بأفضل صورة”.
فيما وافقه المواطن هادي جوهري، على أن بساطة العيش هي من أجمل ما تحمله الذاكرة عن الماضي الجميل، زاد بقولة: إن ” اجتماع الأقارب في رمضان والرضا في الحياة هو من يجعلنا نتذكر شهر الصوم في الماضي بألوان زاهية وتفاصيل سعيدة” .
وهكذا يظل أهالي المنطقة متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية وأكلاتهم الشعبية في موائد رمضان وخاصة في مناسبات الإفطار الجماعي، التي تشتهر بها الأحياء في المدن والأرياف خلال شهر رمضان المبارك.