تعدّ المتاحف بوابة الشعوب للوصول إلى مخزونها الثقافي، وجسوراً تربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وتطوف بهم إلى عوالم التاريخ والتراث التي شكلت الحضارة والهوية، لذلك حظيت في المملكة بالدعم باعتبارها مقامات ثقافية ملهمة ودليلاً على ما تمتلكه من إمكانات سياحية وثقافية، ووسيلة للترابط المجتمعي بين المواطن والمقيم والزائر.
وتزخر مناطق المملكة بعدد كبير من المتاحف المتنوعة التي تشمل تاريخاً حافلاً لتلك المناطق وسجلاً حياً لتراثها، ومن بين تلك المتاحف متحف ” ساترة الحريصي ” الواقع بجبال الحشر الشاهقة والخلابة في محافظة الداير التي يصل ارتفاع قممها إلى 2300 متر عن سطح البحر، حيث اتخذت من التراث القديم هواية، ومن الحرف اليدوية مهنة منذ الطفولة، في وقتٍ تسير فيه بعض المهن التقليدية إلى الاندثار، إذ تسعى “ساترة” إلى الحفاظ على عدد من المهن الحرفية وإبرازها عبر متحفها الذي يجمع العديد من الأعمال في ” فن صناعة ودباغة الجلود ” ، علاوة على قطع أثرية يعود تاريخها لأكثر من 150 عاماً، وتمثل دليلاً حياً على دور المرأة في القطاع الجبلي بمنطقة جازان، ومشاركتها في أنماط الحياة المختلفة.
ويضم المتحف أنواعاً مختلفة للزينة القديمة والإكسسوارات المصنوعة من الحُلي والمسابح وزينة البيوت والسيارات بأشكال ذات طابع تُراثي، و من أهم ما يمكن التعرف عليه في هذا المتحف المميز هو التعرف على القطع التراثية التاريخية التي تدل على قدم وعراقة الحضارة في منطقة جازان.
ووفقاً لساترة الحريصي، فإن متحفها الخاص يضم أكثر من 2000 قطعة مصنوعة من ” الجلود، والخوص، و أدوات الزراعة والحرْث والحصاد، وأوانٍ للطبخ، وأدوات الكيْل، والملابس التراثية، والحُلي النسائية المستخدمة قديمًا”، فضلًا عن أدوات حصاد البن وتحميص وإعداد القهوة، وكذلك الأواني الخشبية.
وأوضحت أن حصولها على شهادات في الحرف اليدوية كالتطريز والدباغة والجلود، شجعها على الاستمرار في العمل بمتحفها الخاص وممارسة هوايتها في جمع القطع الأثرية القديمة التي تُشكل اليوم ثروة مهمة وذات قيمة تاريخية عالية.