بعد إجازة طويلة امتدت لأكثر من شهرين ونصف، يعود أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة في مراحل التعليم العام لمدارسهم غداً، في بداية عام دراسي جديد يحدوهم معه الأمل في أن يجدوا مدارسهم مزوّدة بالكفاءات التعليمية والإدارية، ومجهزة بالأدوات المدرسية الحديثة التي تكفل بحول الله تعالى بدء العام الدراسي الجديد، بكل جدٍ ومثابرة “نصياً” كما جاء في تصريحات وزارة التربية والتعليم.
لكن الواقع في بعض المدارس بعدد من مناطق المملكة، جاء على عكس التصريحات الإعلامية، حيث إنه ورغم الميزانية السنوية الضخمة وتخصيص 3.5 مليار ريال للتأهيل والترميم، و800 مليون ريال لتأمين وسائل الأمن والسلامة في المدارس، إلا أن هناك مدارس لم يكتمل فيها الأثاث وأخرى لم تُنجز صيانتها بعد، ما تبرز معه التساؤلات عن جدوى التصريحات ومصير المليارات التي تخصص لتهيئة المدارس، خاصة أن فترة الإجازة طويلة وكفيلة بصيانة وترميم المباني التعليمية، في ظل وجود مدارس دون أثاث، ودورات مياه محطمة.
وأنهت وزارة التربية والتعليم استعداداتها لبدء العام الدراسي الجديد 1434/ 1435هـ من خلال تنفيذ الخطط المعدة لبداية العام الدراسي والتي شملت تجهيز المباني المدرسية وإيصال المقررات الدراسية، إضافة إلى إنهاء أعمال الصيانة وتوفير متطلبات العمل التعليمي على اختلافها.
وأكد أمين عام إدارات التربية والتعليم الدكتور راشد الغياض، أن وزارة التربية والتعليم تعمل إضافة إلى تنفيذ مهامها السنوية المعتادة على تكثيف عمليات الاستعداد للعام الدراسي الجديد قبل بداية العام بفترة طويلة ويتم فيها إعداد الخطط والتنفيذ والمتابعة تربوياً وتعليمياً وإدارياً وفنياً وفق مجموعة من المحاور. وأضاف أنه تم الاستعداد مبكراً ووصلت الاستعدادات قبل بداية العام الدراسي بأسبوع.
وعن التجهيزات المدرسة والأمن والسلامة قال: “اكتفت إدارات التربية والتعليم من مقاعد الطلاب والطالبات والسبورات لكون تأمينها يتم لا مركزياً من قبل إدارات التربية والتعليم، وجارٍ العمل على توفير (28000) مقعد إضافي مركزياً لكل من: جازان والرياض ومكة المكرّمة”.
وأكمل: “ولأهمية الأمن والسلامة المدرسية في مدراس البنين والبنات كافة، تم الانتهاء من توزيع ميزانية مخصصة لجميع إدارات التربية والتعليم لتأمين احتياج المدارس من أدوات الأمن والسلامة وجارٍ التنسيق مع الجهات المعنية لتعزيز جوانب التدريب على تطبيق تعليمات السلامة في المدارس”.
وعن جاهزية المباني المدرسية أكد د. “الغياض” أنه تم تسلم (422) مبنى جديداً وسيصل العدد قبل بدء الدراسة إلى (483) مبنى، والعمل جارٍ على تجهيزها لاستقبال الطلاب والطالبات في أول يوم من العام الدراسي ستعمل على التخلص من نحو (700) مبنى مستأجر، كما تم انجاز (ترميم، وتأهيل، وإضافات) في (659) مبنى مدرسياً ويتوقع وصول العدد إلى (766) مبنى قبل بدء العام الدراسي لتستقبل الطلاب والطالبات.
كما تم توفير (90141) مكيفاً لسد احتياج المدارس كما تم توفير عدد (17000) برادة وجار العمل لتوفير (11000) برادة عن طريق إدارات التربية والتعليم وستكون جاهزة قبل بدء العام الدراسي إن شاء الله”.
وأكد الدكتور راشد الغياض، أن عمليات الاستعداد تتابع من قِبل لجان مختصّة في كل إدارة تربية وتعليم ولجنة مركزية في الوزارة تضم جميع قطاعات الوزارة، وتقدم تقارير أسبوعية لقيادات الوزارة يتم من خلالها دعم أداء إدارات التربية والتعليم في جميع المحاور لتقديم أفضل الخدمات التعليمية للطلاب والطالبات في المدارس لتحقيق الأهداف المرجوة وفق توجيهات سمو وزير التربية والتعليم والنواب.
أما في الواقع وعلى عكس التصريحات رصدت ملاحظات على عدد من المدارس، قبل انطلاقة الدراسة، ما يرجح معه وبنسبة كبيرة أنه وبعودة الطلاب والطالبات غداً، ستظهر ملاحظات أخرى كما هي العادة في كل عام.
وفي تبوك، رصدت الجهات المعنية -بينها الرقابة والتحقيق- ملاحظات وتأخر أحد المقاولين في انجاز مشروع صيانة وترميم الابتدائية السعودية، حيث اكتشف بأن المدرسة تحتاج لفترة من أجل تشغيل عدد من دورات المياه التي وجدت مكسرة الأرضيات والجدران وتحتاج لأيام من أجل إعادة تأهيلها، فيما استنفرت إدارة التربية والتعليم خلال اليومين الماضيين في محاولة لتلافي بعض الملاحظات وتشغيل بعض دورات المياه بالمدرسة لحين اكتمال صيانتها كاملة.
وفي محافظة الخرمة بمنطقة مكة المكرمة، تعاني الابتدائية الثالثة للبنات من نقص الأثاث وعدم تجهيز غرفة الإداريات والمعلمات رغم إشعار إدارة المدرسة لمكتب التربية والتعليم عن وضع المدرسة منذ أشهر.
وفي صور رصدت فصول داخل المدرسة بلا طاولات، واتجاه المعلمات للجلوس على “بساط” مع عدم توفر أجهزة تكييف في ساحة الطالبات.
وتشير المعلومات إلي أن الدور الثالث المخصص لطالبات المرحلة الابتدائية رصدت عليه ملاحظات تهدد سلامة الطالبات، وسط مطالبات بتوفير الأثاث للمدرسة وسرعة صيانة الدور الثالث والتحقق من وضعه حرصاً على سلامة الطالبات.
وفي منظر غير حضاري، أحاطت “حشائش” الصرف الصحي، ومياه المجاري بالابتدائية 238 للبنات في حي ديراب بالعاصمة الرياض، ما يهدد بتفشي الأوبئة والأمراض مع تكاثر الحشرات والبعوض في محيط المدرسة.
ويقول المواطن عبدالهادي حمود القحطاني، تسرب مياه الصرف الصحي حول المدرسة مستمر منذ أكثر من أربعة أشهر حتى تكوّنت المستنقعات والحشائش، ما بات تصدر معه روائح كريهة تهدد بالتلوث وانتشار الأمراض والأوبئة.
وطالب “القحطاني” الجهات المعنية بتدارك الإشكالية بالتعامل مع تسربات الصرف الصحي في الشوارع المجاورة للمدرسة وإزالة الحشائش وشفط المستنقعات حرصاً على سلامة الطالبات وسكان الحي.