اشتهرت منطقة جازان ومحافظاتها كافة ؛ بالعديد من المهن والحرف اليدوية التقليدية ، التي ارتبطت بحياة الأهالي واستخداماتهم اليومية في معيشتهم منذ سنوات طويلة ، واستطاع الحرفيون المحافظة على كثير من المهن والحرف التقليدية تلك ، ونقلها للأجيال ، فظلت صامدةً رغم تطور الحياة ، وأصبحت شاهدًا لأسلوب الحياة الذي كان سائدًا في فترات زمنية ماضية .
ورغم جهود الحرفيين والحرفيات إلا أن بعضًا من تلك المهن اندثر مع الأيام وتطورات الحياة وتغير أنماطها ، ومن تلك المهن المندثرة مهنة ” صناعة الأصباغ ” قديمًا ، ومنها صناعة ” النيلة ” التي كانت تمتهنها نساء محافظة فيفاء في حقب زمنية ماضية .
واشتهرت صناعة ” النيلة ” كمنتج اقتصادي يُباع ويُقايض به في الأسواق والمحال التجارية ، حيث يمنح صبغة طبيعية بلونه الأزرق الذي يُستخرج من بعض الأشجار المحلية المنتشرة في جبال فيفاء .
وأوضح علي العبدلي من أهالي محافظة فيفاء ، أن النساء سواء في محافظة فيفاء والمحافظات الجبلية الأخرى بالمنطقة ، استخدمن قديمًا نوع من الأشجار المحلية التي تسمى محليًا ” الخَدِيش ” ، حيث يتم قطف أوراق تلك الأشجار ومن ثمّ تجفيفها ، ووضعها في عود منحوت من الخشب يُعرف محليًا ب ” اميْحَز ” ، ثم تبدأ الحرفيات بإضافة الماء الحار وهرسها وتقليبها بعصا خاصة لها رؤوس مدببة تم صنعها بطريقة هندسية لضمان إتقان العمل .
وتواصل الحرفيات عملهن بين هرس الأوراق وتقليبها لتكوين عجينة ناعمة جدًا ، ليتم وضعها في قطعة قماشٍ ، ويتم تعليقها ليتسرب الماء وتبقى العصارة وبعد أن تجف يتم تقسيمها إلى قطع صغيرة تكون جاهزة للتسويق .
وإلى جانب صناعة ” النيلة ” هناك الكثير من الألوان التي اشتهرت نساء فيفاء بصناعتها قديمًا ، حيث كانت الحرفيات يصنعن الصبغة ” الصفراء ” التي كانت تُصبغ بها ملابس الرجال خاصة ؛ بعد استخراجها من لحاء شجرة القَاع ، إلى جانب صناعة صبغة اللون ” البني ” بعد استخراجها من خشب السدر المسمى “سِلب ” لصباغة ملابس النساء قديمًا .