عمدت الأندية السعودية، وتحديدًا فرق كرة القدم، إلى خطوة جديدة منذ فترة الانتقالات الشتوية من الموسم الماضي، تمثّلت في استقطابها للاعبين حظوا بالشهرة العالمية في لعبة كرة القدم، من خلال لعبهم لأكبر الأندية العالمية ذات الجماهيرية العالية، والإنجازات الكبيرة والتاريخ العريق في هذه اللعبة الأكبر شعبية على مستوى العالم.
ولعلّ التعاقد الأول جاء عن طريق نادي النصر السعودي الذي استطاع الحصول على خدمات أكثر لاعبي كرة القدم تتويجًا بالكرة الذهبية، وأحد هدّافي كأس العالم والأكثر مشاركة في المونديال العالمي “النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو”، تبعه في ذلك نادي الاتحاد السعودي، الذي وقع عقدين احترافيين مع قائد منتخب فرنسا المهاجم كريم بنزيما قادمًا من ريال مدريد الإسباني، ومواطنه لاعب محور الارتكاز لمنتخب الديوك الفرنسي ونغولو كانتي، وذلك مع بداية فترة الانتقالات الصيفية لهذا الموسم 2023.
واستطاع نادي الهلال عقدَ صفقتين من هذا النوع؛ الأولى كانت مع قائد فريق ولفرهامبتون الإنجليزي لاعب خط وسط المنتخب البرتغالي روبن نيفيز، ومدافع فريق تشيلسي الإنجليزي ومنتخب السنغال خاليدو كوليبالي، فيما كرر النصر تجربته في هذا السياق بنجاحه في التعاقد مع محور الارتكاز لفريق إنتر ميلان اللإيطالي ومنتخب كرواتيا مارسيلو بروزوفيتش بعد منافسة مع نادي برشلونة الإسباني على ضمّ اللاعب والحصول على خدماته، وكذا فعل النادي الأهلي الذي فاز بالحصول على توقيع حارس مرمى تشيلسي الإنجليزي ومنتخب السنغال إدوارد أوسك ميندي.
وهناك أندية سعودية بدأت فعليًّا بدراسة احتياجاتها من اللاعبين للموسم الحالي الذي من المقرّر انطلاقته في شهر أغسطس؛ إذ تعتزم أن تتعاقد مع لاعبين ومدربين يحظون بشهرة عالمية على غرار البرتغالي رونالدو، والفرنسي بنزيما، والبقية الذين سيتنافسون مع فرقهم في منافسات كرة القدم السعودية هذا العام؛ الأمر الذي سيسهم في تحقيق الفرق السعودية لإنجازات أكبر وشهرة أوسع إقليميًّا وعالميًّا، تضمن الارتقاء بسمعة كرة القدم السعودية والوصول بها إلى مستوى أعلى من التنافسية والحضور العالمي.
وعلى مستوى المدربين ينتظر محبّو كرة القدم السعودية منافسة كبيرة واحترافية عالية، في أرض الملعب، وتحديدًا في المواجهات التي ستخوضها الفرق؛ إذ ستكون الخبرة الكبيرة للمدربين سلاحًا مهمًّا لهذه الفرق، لاسيما بعد التعاقد مع أسماء مثل البرتغالي خورخي خوسيس للهلال، والإنجليزي ستيفن جيرارد للاتفاق، والإنجليزي الآخر روبي فاولر للقادسية، ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة صفقات أخرى لمدربين عالميين، للاستفادة منهم في تدريب فرق الدوري السعودي للمحترفين “دوري روشن”، وخصوصًا أن معظم هذه الفرق بدأت فعليًّا معسكراتها الاستعدادية لخوض غمار منافسات الموسم الجديد 2023 – 2024.
وأكّد رئيس مجلس إدارة نادي النصر مسلّي آل معمر على ظفر ناديه بخدمات المهاجم البرتغالي رونالدو في صفقة انتقال حر، إلى نادي النصر والدوري السعودي لا يستهدف كسب مباراة أو بطولة، بل يتعدى ذلك إلى عزمهم في إدارة النادي إلى نقل تجارب اللعب العظيمة، واحترافيته العالية، ليلهم جيلًا من اللاعبين السعوديين الشغوفين بكرة القدم.
ولفت عضو الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سابقًا الدكتور حافظ المدلج، الانتباه إلى أن هذه الخطوة أسهمت في بث مباريات الدوري السعودي حاليًّا عبر 48 منصة إعلامية بعد أن كان ينقل على قناة واحدة فقط؛ إذ بات عدد مشاهدي الدوري يبلغ 360 مليون مشاهد من 129 دولة حول العالم، ناهيك عن الدور الكبير الذي ستنعكس بها هذه الخطوات على اللاعب المحلي الذي أصبح بإمكانه مشاركة اللاعبين العالميين التدريبات والمباريات، على مستوى انضباطيته في التمارين و التغذية، والأثر الكبير فيما يتعلق بتحسن أدائهم الفني والبدني.
بدوره أشار الكاتب والصحفي راشد الفوزان، إلى أن تواجد نجوم الكرة العالمية في المملكة سيروج لكل المنتجات الرياضية التي يستخدمونها أو الأماكن التي يزورونها بالمملكة أو حياتهم اليومية؛ فكل شيء يعتبر مكسبًا وترويجًا للمملكة وأيضًا رياضيًّا، سيكون عامل جذب وشد كبير للعالم، مؤكداً أن مع أكتمال تعاقادات هذا الصيف، سيحقق القطاع الرياضي مكاسب كبيرة فهي ليست كسب عقد لاعب فقط بل أكبر بكثير من ذلك، وهي مكاسب كبيرة مع الوقت تزداد، لاسيما على الصعيد الاقتصادي الذي سيرفع من القيمة السوقية للمسابقات الكروية السعودية عموماً ومسابقة الدوري على وجه الخصوص.
ونوه “الفوزان” في هذا الصدد بالجهود الحثيثة التي سبقت هذه الخطوة فقد شهدت البنية التحتية للرياضة تطوراً كبيراً على نطاق ملف تطوير المنشآت الرياضية والملاعب وتجهيزها بأحدث التقنيات والمرافق الرياضية، وتعزيز برامج الشباب والأكاديميات الرياضية لاكتشاف وتطوير المواهب الشابة، وتحسين مستوى التدريب وتطوير الكوادر التدريبية المحلية، والاستعانة بالخبرات الأجنبية من حيث الطاقم التدريبي والحكام وصولاً إلى تدعيم الفرق بالمحترفين الأجانب الأمر الذي نتج عنه الكثير من المكاسب التي تتعدى جذب الرعاة والجماهير إلى زيادة دخل الأندية و تحقيق الاستدامة المالية للأندية وزيادة عائدات القطاع الرياضي، مستشهداً بفوز المملكة باستضافة كأس آسيا 2027، الذي تقدمت للفوز به بملف يتضمن جملة من الجهود التطويرية التي ستزيد من حظوظ المملكة للفوز باستضافة كأس العالم 2030 وصولاً إلى أن يصبح القطاع الرياضي في المملكة قوة استثمارية عالمية.
وأوضح لاعب المنتخب السعودي السابق ولاعب ناديي الشباب والنصر سابقاً صالح الداود، أن دمج النجوم مع اللاعبين المحليين واختلاطهم سواء في الملاعب أو في التمارين اليومية أو غرف الملابس سيكون له أثر إيجابي، وإحداث نقلة نوعية لقدراتهم ومساعدتهم على تطوير أدائهم وإخراج أفضل ما لديهم من إمكانيات فنية، وتطوير الفكر الرياضي لديهم بما ينعكس على المسابقات الكروية والمنتخبات السعودية.