– مواطنون: الشركات استهلكت مياهنا والمنسوب ينخفض عاماً بعد عام ووزارتا المياه والزراعة والغرفة التجارية “تتفرج”.
– شركة نادك: اتهاماتكم مرفوضة .. لديكم 150 ألف مزارع وتتهمون 4 شركات زراعية باستنزاف الماء.
– شركة المراعي: استهلاكنا للمياه “مقنن” وأعلافنا نستوردها من الأرجنتين وأوكرانيا وبولندا.
– دراسات تؤكّد أن النمو السكاني والتنوع الاقتصادي جعال حائل بحاجة إلى حجز مياه الأمطار وجلب مياه البحر المحلاة.
– شح المياه زاد من طلب تراخيص حفر الآبار الجديدة وأنشأ سوق سوداء لبيع الماء عبر الصهاريج الكبيرة.
– اللجان الزراعية بحائل تُلزم الأهالي دون الشركات بإجراءات ترشيد استهلاك المياه وتنظيم استخدامها.
بعد تحذير وزير المياه والكهرباء الأخير من خطورة الاستنزاف المستمرة للمياه الجوفية بحائل، ومما تقوم به الشركات الزراعية من هدرٍ لمليارات الأمتار المكعبة في زراعة “الأعلاف”، وأن “الساق” المائي الجوفي الذي تعتمد عليه المنطقة قد استنزف خلال 6 أعوام ما مقداره 14 مليار متر مكعب بما يكفي لـ 400 سنة قادمة، ونظراً لشح الماء المزمن في حائل منذ سنوات.. أبدى “الحائليون” مخاوفهم من مستقبل المياه في منطقتهم.. متسائلين إلى أي درجة أصبح العطش أزمة تهدّدهم في كل عام، وما الحلول المطروحة من الجهات المعنية؟ وهل تحلية مياه البحر وجلبها لحائل أصبحت الحل الوحيد لحل مشكلة عطشها الدائم؟ تساؤلات” الإجابة عنها في التحقيق التالي:
عن مشكلة شح المياه في حائل أشار عدد من الدراسات التي قام بها باحثون سعوديون إلى أن مصدر المياه الحالي بحائل هو مياه الآبار، ومياه السدود التي تم إنشاؤها في إطار تنمية الموارد المائية.. مؤكدة أن هذين المصدرين لم يعودا كافيين في ظل النمو السكاني، والتنوع الاقتصادي المتزايد، وكثرة الطلب على الماء في استخدامات متعددة. كاشفة عن أن حائل أصبحت بحاجة حالياً إلى الاستفادة بشكل أكبر من حجز مياه الأمطار السنوية التي تهطل بنسب عالية، والتفكير في جلب مياه البحر المحلاة لتغطية النقص المتزايد في مدنها، وقراها، والهجر التابعة لها.
وعلى الرغم مما تضمه حائل حالياً من مشاريع حديثة للمياه حيث يوجد 17 سداً، ويجري إنشاء 5 سدود جديدة وغيرها من المشاريع إلا أنها لا تكفي، ويتم التوسع في حفر الآبار لتغطية العجز المائي في ظل ارتفاع حجم الطلب بشكل مطرد؛ الأمر الذي ضاعف من إصدار تراخيص حفر الآبار الجديدة في المنطقة، ورواج سوق سوداء لبيع الماء عبر الصهاريج والشاحنات الكبيرة في ظل السعي الدائم من قبل المواطنين لإيجاد مصدر جديدة لمياه الشرب وري المزارع التي جفت أغلبها.
ويبقى السؤال: أين تذهب مياه حائل الجوفية التي قال عنها المتخصصون قبل سنوات إنها ستكفي لعقود طويلة قادمة؟ أين تسربت وماذا حل بها؟ ولماذا لا يزال يعاني الأهالي أزمة سنوية متكررة في توفير المياه الصالحة للشرب؟ عن ذلك يقول المواطن محمد الشويلعي: إن منع زراعة القمح عام 2008م بقرار من مجلس الوزراء سمح بشكل غير مباشر لشركات الأعلاف بالإنتاج على مدار العام، واستهلاك المزيد من الماء المتناقص. ويؤكد الشويلعي أن عدداً كبيراً من المزارع تحول إلى أراضي “بور” لا تنتج شيئاً بسبب انخفاض منسوب الماء.
أما المواطن خالد الخربوش، فقال: “نعم المؤشرات واضحة على شح المياه، وانخفاضها الكبير مع زيادة الطلب عليها بسبب التوسع العمراني.. مطالباً بالمسارعة في إيجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة التي أصبحت تؤرق الكثيرين ودفعت سكان بعض القرى لهجرتها نهائيا، والانتقال للمدينة”.
ويقول فهيد الشمري “حاجة الناس إلى الماء تزيد، وهناك شح في موارد المياه بحائل بشكل عام، ولا نزال نعتمد على حفر الآبار، وتجميع مياه الأمطار لكنها لم تعد تجدي حيث وصل سعر صهريج الماء إلى400 ريال”. وأضاف أن الشركات الزراعية، وشركات الألبان، وتسمين الأبقار الكبيرة هي التي تسحب الماء من آبارها بشكل يومي، وتهدرها على المحاصيل التي يمكنها استيرادها من الخارج. ويطالب الشمري بحلول عاجلة وتحلية مياه البحر كبقية المناطق التي تعاني شح الماء.
أما خالد المنصور الرشيدي فيطالب بمحاسبة الشركات الزراعية على تجاوزاتها، وهدرها للمياه مع السماح للمواطنين بحفر آبار جديدة؛ فنقص المياه الكبير في حائل يتطلب التفكير في تحلية مياه البحر الأحمر عن طريق تبوك، ومد الخطوط، والخزانات، وتجميع المياه، وتوزيعها على المواطنين.. مؤكدا أن منطقة حائل من أكثر المناطق حالياً اهتماماً بزراعة الأعلاف “البرسيم” بنسبة 70 % وهذا يستهلك الكثير من الموارد المالية.
وكان عدد من أهالي حائل قد قاموا بتقديم شكاوى عدة على وزارة المياه والكهرباء، ووزارة الزراعة، والغرفة التجارية بحائل طالبين معالجة هذه الإشكالية، والحد من استنزاف الشركات الزراعية المياه لزراعة محاصيل، وأعلاف يمكن استيرادها بقيمة أقل دون أن يحصلوا على رد من تلك الجهات التي لا تزال تتفرج على الكارثة دون اتخاذ خطوات لمعالجتها – على حد وصفهم -.
ومن المفارقات – كما يقول المواطنين – أن اللجان الزراعية في الغرف التجارية بحائل، وعند ظهور أزمة المياه ألزمت الأهالي دون الشركات الزراعية بإجراءات ترشيد استهلاك المياه، وتنظيم استخدامها.
ويطالب “الحائليون” الجهات المعنية المسؤولة على الموارد المائية في حائل بالعمل على توفير المياه، وابتكار حلول جديدة من ضمنها تحلية مياه البحر ولاسيما مع تزايد انخفاض منسوب المياه لأعماق بعيدة، وظهور أزمة شح ماء “ضربت” مدن وقرى وهجر حائل عاماً بعد عام ولاسيما – كما يقولون – أن الشركات الزراعية وتحديداً شركات الأعلاف، والألبان، والعصائر، واللحوم في المنطقة هي أكبر مستهلك للمياه الجوفية، وفي استخدامها في ري محاصيلها على مدار العام، في حين تذهب النسبة القليلة الباقية لاستهلاك المواطنين والمزارعين العاديين.
فى تواصل مع مدير عام الزراعة بشركة نادك “حائل” سالم الشادي، وطرح عليه الاتهامات الموجهة من المواطنين للشركات الزراعية في المنطقة، بأنها السبب الرئيس في استنزاف ونقص المياه في حائل. وردّ الشادي قائلاً: “من يتهم الشركات الزراعية، وشركات الأعلاف والألبان بأنها تستنزف المياه الجوفية بحائل هو مخطئ تماماً.. فالشركات عددها 4، في حين أن المواطنين المزارعين يتجاوزون 150 ألف مزارع”.
ويضيف الشادي “السبب في الاستنزاف هو القرار رقم 335 الصادر من مجلس الوزراء عام 2008م الذي أوقف زراعة القمح دون إيجاد بدائل زراعية مناسبة، فتوجّه الجميع لزراعة الأعلاف التي تعد من المحاصيل المستهلكة للماء بكثرة. ويشير الشادي إلى أنه من الظلم اتهام الشركات الزراعية بذلك فالمنطقة بشكل عام تعاني شح المياه.
وعن تحذير وزير المياه والكهرباء بوجود أزمة مياه نتيجة هدر الشركات الزراعية في زراعة الأعلاف، قال “كنا نتمنى من وزير المياه أن يبلغنا كم المتبقي من المياه الجوفية تحت الأرض بدلاً من أن يخوّفنا من استهلاكنا المفرط منه”.. مطالباً بدعم مزارعي حائل للعودة من جديد لزراعة القمح وفق معايير زراعية جديدة، فنحن لا نزال بحاجة إلى هذه السلعة الغذائية المهمة – على حد وصفه -.
من جانبه أوضح مصدر مسؤول في شركة المراعي، “، أن الشركة لها سياساتها وخطواتها الإستراتيجية استمراراً لنهجها في المحافظة على الموارد الطبيعية المحلية، وتحقيقاً للتوجهات الحكومية بهذا الخصوص، وأنها تستخدم عديداً من الخطوات، والإجراءات لتقنين استهلاك المياه في زراعة الأعلاف، والمتمثلة في استخدام تقنيات إنتاج تعيد استخدام المياه، وتوفر في استهلاكها.
وأكّد أن “المراعي” تعتمد على الأعلاف المستوردة من مزارعها في الأرجنتين، وتسعى لإنشاء مزارع في كل من أوكرانيا وبولندا.
الجدير بالذكر أن وفداً من أهالي حائل قام قبل عامين بمقابلة وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله الحصين، للمطالبة بإدراج حائل ضمن الخطة الإستراتيجية المستقبلية المائية لجلب المياه المحلاة من البحر.. وخرجوا من الاجتماع معه دون نتيجة تُذكر.
ويظل السؤال معلقاً: متى تحل إشكالية توفير المياه الصالحة للشرب في حائل؟ ومَن المسؤول عن استنزاف مواردها المائية القليلة؟ ومتى تجلب لها مياه البحر المحلاة لتحقيق أمن مائي آمن للمستقبل؟