: مرت عقود، والتنمية تسير في كل اتجاه في مدينة أبها إلا أن بوصلتها لم تتجه نحو جبل أم الركب بشمال المدينة، لتبدأ من خلاله في مشروع “حلم أبها” الذي تتجاوز مساحته 17 مليون متر مربع، وكان أولى لبنات ذلك الحلم هو طائرة الجامبو التي ستتربع على قمم مرتفعات أم الركب وستكون انطلاقة التطوير لها مشروع مطعم الجامبو أحد البدائل السياحية في أبها.
غير أن مشروع مطعم طائرة الجامبو قد تحول لقضية رأي عام تجاذب فيه المسؤولون الانتقادات، وتشوق المواطن لمعرفة متابعات رحلة الطائرة التي قطعت 1470 كيلومترا في 300 ساعة وهي تسير محمولة على الأرض في عملية نقل على متن الشاحنات وصفت بالبدائية، وتسببت في عرقلة حركة السير في عدة مناطق وقطعت الكهرباء عن أغلب المدن التي مرت بها.
الإعلام والطائرة المطعم
كان لقصة نقل الطائرة الجامبو 747 ووصولها إلى منطقة عسير، ردود فعل كثيرة، حيث إن فكرة المطعم الطائرة شهدت زخماً إعلامياً في العديد من وسائل الإعلام، وجميع المصادر أكدت أن الطائرة خارج التشغيل منذ سنوات بسبب حادث انزلاق قبل أربع سنوات، مشيرة إلى وجود اتفاقية بين الخطوط السعودية وأمانة منطقة عسير بموجبها تبرعت بالطائرة لمصلحة أمانة عسير لعمل مشروع استثماري عبارة عن مطعم، والاتفاق مع متعهد لنقلها بطريقة تحفها المخاطر بسبب كبر حجم هيكلها.
وقد كرست وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة توجهها خلال الأيام السابقة للحديث عن قصة الطائرة المطعم، والتي كانت مدينة أبها على موعد معها بعد قرار نقل الطائرة الجامبو 747 من المدينة المنورة إلى أبها عقب تبرع الخطوط الجوية السعودية بها للأمانة.
الكهرباء “أول المتضررين”
بدوره وجه نائب رئيس الشركة السعودية للكهرباء عبد السلام اليمني نقداً لاذعاً للأمانة عبر وسائل الإعلام متحدثاً عن إشكاليات نقل الطائرة وما تسببت به من قطع التيار الكهربائي عن 14 قرية وعن 31 ألف مشترك لمدة تتراوح من 1 إلى 8 ساعات وما أدت إليه عملية النقل من تكليف فرق طوارئ لرفع الأسلاك، مطالبا بتنظيم وتنسيق مسبق عند وجود مثل هذه المشاريع وذلك لتجاوز مثل هذه الخسائر والمشكلات التي تكبدتها الأمانة في سبيل إيصال الطائرة إلى أم الركب.
خصوصية المجتمع والمطعم
فيما حذر مدير عام الشركة الوطنية السياحية بمنطقة عسير المهندس صالح قدح من مواجهة أمانة منطقة عسير إشكاليات تشغيل مشروع الطائرة المطعم، وقال قدح لـ “سبق” إن المشروع جديد وغريب في ذات الوقت وهناك أفكار عالمية مشابهة. وتابع: كان بالإمكان وضع المشروع بالقرب من مطار أبها وذلك لتوفر الرؤية السياحية بشكل أفضل.
وأشار قدح قائلاً: لقد تابعت كل ما تم تداوله حول هذه المشروع ولكن ظلت النقطة الحاسمة في الأمر هي آلية تشغيل مطعم عرضه 6متر ×50 متر للأسر السعودية التي تعرف بخصوصية المكان وكيف يمكن تشغيل هذا الموقع للعوائل أم هل سيخصص للسيدات أو للشباب مؤكداً صعوبة التشغيل بسبب وضع الحواجز التي تكفل الخصوصية.
وقال: إننا نعاني من تشغيل مطعم الجبل الأخضر على الرغم من أنه يقع على مساحة 2000 متر مسطح فكيف سيكون الحال مع مطعم بهذه المساحة الصغيرة إضافة إلى ضيق الدرج المؤدي إلى الطائرة الذي يبلغ عرضه 60 سم، وأضاف لن نختلف في أن المطعم سيكون معلماً سياحياً وفكرة سياحية فريدة تسجل لأمانة منطقة عسير، ولكننا نحتاج الإجابة على أسئلة آلية التشغيل في ظل ظروف المجتمع والخصوصية في هذا المكان الضيق. واقترح “قدح” الاستفادة من الطائرة من خلال إقامة متحف.
الأرض المنسية
ويقول مدير عام النقل والطرق في منطقة عسير المهندس علي آل مسفر لـ “سبق” إن اختبار أمانة منطقة عسير لمنتزه أم الركب الذي يقع شرق مدينة أبها هو اختيار موفق لمنطقة منسية، حيث إن التوجه العمراني في مدينة أبها يتجه نحو الشمال، كما أن محدودية المواقع في أبها تطلبت التوجه إلى منتزه أم الركب الذي اخذ اسمه لوجوده في مرتفع كانوا قديماً يعتبرونه من المواقع الصعبة التي تتسبب في أم الركب.
وقال آل مسفر إن أمانة عسير وفقت في الفكرة وفي الموقع واعتبر أن فكرة نقل الطائرة هي فكرة عالمية وليست جديدة، وقد شاهدنا نموذج نقل السفينة الضخمة كوين من سواحل أمريكا الشرقية إلى سواحلها الغربية.
وتابع آل مسفر أن الموقع في أم الركب استراتيجي وسيساهم وجود المطعم في هذا الموقع في دعم الخدمات لكافة القرى الواقعة شرق أبها، مشدداً على أن ما أقدمت عليه أمانة عسير خطوة جريئة لإضافة معلم جديد لمنطقة عسير، مؤكداً أن التغيير والأفكار الجديدة غالبا ما تجد نقدا وجدلا في المجتمع وان بالضرورة على المواطن أن يتسع تفكيره وثقافته إلى مثل هذه الأفكار التي ستظهر نتائجها فيما بعد، وذكر أن مطار أبها قد استفاد من طائرة بفكرة مماثله لإقامة مطعم صغير على متن طائرة 737.
وأشار آل مسفر إلى أن على الأمانة أن تدرك أهمية إنجاح هذه التجربة بتوفير مطعم مميز يستحق في تصميمه كافة المصاعب التي لقيها هذا المشروع ليظهر إلى حيز الوجود بصورة تليق بأهل منطقة عسير.
“إضافة سياحية”
من جهته بين مدير عام فرع الهيئة العليا للسياحة والآثار بعسير محمد العمرة أن مشروع الطائرة المطعم قد أخذ زخما إعلاميا كبيرا وقوبل بالرفض تارة وبالقبول تارة من مختلف فئات المجتمع.
وقال إننا نعتبر هذا المشروع إضافة سياحية لمنطقة عسير من ناحية الفكرة والتوجه مبينا انه بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع بكافة استراتيجياته كمنتج سياحي سيبرز كمعلم سياحي فريد في منطقة عسير.
واعتبر العمرة أن منطقة عسير تعتبر من أهم المناطق البارزة سياحيا والمتنوعة من ناحية الشكل السياحي الجغرافي ما بين السهل والجبل والوادي والبحر مما يتطلب تعددية الأفكار السياحية التي تقدم المنطقة سياحيا بشكل يليق بجمالياتها.
وتابع قائلاً إن المنتج السياحي النهائي هو الحكم والفصل في هذا الأمر حيث أن تطوير مثل هذا المشروع والاهتمام به يمكن أن يؤدي إلى وجود منتج سياحي فريد مؤكداً أن أمين منطقة عسير يتطلع إلى تشغيل المشروع من خلال طرحه للاستثمار ليخرج بصورة مشرفه للمنطقة ووصف التجربة بكونها جريئة وبأنها مبادرة من الأمانة التي منحت جزءاً من ميزانيتها لتطوير السياحة في المنطقة وان أي إضافة سياحية في منطقة عسير هي مكسب لسكان المنطقة وداعم اقتصادي واجتماعي وسياحي لا يمكن تجاهله.
أحد البدائل
فيما أكد أمين منطقة عسير المكلف المهندس علي الحسنية بأن الأمانة عازمة على طرح عدداً من الفرص الاستثمارية في عدد من مواقع مدينة أبها، وخاصة في مشروع حلم أبها الذي يتربع على 17 مليون متر مربع.
وكذلك مواقع أخرى بالمدينة وكشف الحسنية أنه استغرق تفكيك طائرة الجامبو 747 لقرابة 20 يوما بينما سيستغرق تركيبها فترة وجيزة. وألمح الحسنية إلى أن الموقع الذي تقع فيه الطائرة حالياً مسفلت ومجهزة بالإنارة، ويطل على مدينتي أبها وخميس مشيط حيث سيمنح رؤية بانورامية مميزة، مبيناً أن الطائرة قد قطعت خلال الرحلة قرابة 1470 كلم وبإجمالي قارب 300 ساعة من العمل والسير المتواصل.
وأوضح قائلاً: أمانة عسير تعمد لإيجاد بدائل جذب سياحيا التي تشكل رافداً وداعماً قوياً في دفع عجلة التنمية والسياحة الداخلية بالمنطقة، كاشفا أن مشروع حلم أبها يحتوي على عدد كبير من المساحات الخضراء والملاعب بالإضافة إلي مشاريع متنوعة أخرى ومقاهي والمطاعم والساحات البلدية التي ستكون بصمة رائعة في المنطقة، وأضاف: أن هذه البدائل ستكون بمثابة بدائل سياحة أخرى الانتظار للمتنزهين عند حلول المساء بعد عودتهم من المصايف والمنتزهات التي تزخر بها منطقة عسير.