صحيفة “الرياض” في افتتاحيتها بعنوان ( المملكة والدور العالمي ) : ليس ثمة مبالغة في القول إن العالم يمر بأهم مرحلة جيوستراتيجية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تبعها من إعادة صياغة للسياسة الدولية، ورسم خرائط النفوذ والهيمنة على الصعيد العالمي. فالحرب في أوكرانيا ليست أقل من زلزال ضرب بنية المجتمع الدولي، وبُنى السياسة التي استقرت لثلاثة عقود إثر آخر تحديثاتها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وتموضع الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة، وقائدة للعالم.
وأعتبرت ان ما يجري الآن في العالم هو حالة سيولة غير مسبوقة، ومخاض عالمي عسير، يوحي بولادة نظام جديد يتعذر التنبؤ بملامحه، وهو نظام سيمس منطقتنا بلا شك، غير أن هذه المرحلة المبهمة لإعادة تشكيل العالم، تشهد دوراً فاعلاً للمملكة في إعادة رسم خريطة السياسة الدولية، مستندة إلى مكانتها المتعاظمة في العالم، وإلى أهميتها السياسية والاقتصادية، وقد بدا هذا واضحاً في تموضع المملكة المدروس خلال الصراع المتصاعد بين روسيا والغرب على خلفيات الحرب في أوكرانيا، فقد أعلت المملكة من أهمية مصالحها بمنأى عن الضغوط الغربية لزيادة إنتاج النفط، فيما كان الموقف السعودي محكوماً بمصلحة المملكة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على استقرار سوق النفط، وهي سياسة متوازنة وعادلة للجميع، على خلاف طريقة تعامل الولايات المتحدة مع أزمة الغاز في أوروبا ما دفع مسؤولين أوروبيين لمهاجمة «الانتهازية الأميركية».
وأضافت : وسط قرع طبول الحرب في العالم، والتخويف من حرب نووية تقود لنهاية البشرية كما وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن الحقيقة أن العالم مقبل على شكل جديد لخارطة القوى العالمية، وربما ترشيد لتوسع السياسة الغربية ومحاولاتها التدخل في شؤون الدول الداخلية، أو فرض قيم وسياسات لا تناسب الجميع، ومما لا شك فيه أن المملكة باتت فاعلاً مؤثراً في السياسة الدولية، وتلعب دوراً حاسماً وحيوياً في تحديد ملامح هذا العالم الجديد.