ينتظر خمسة شباب سعوديين بدء الاختبارات التي ستنظمها مؤسسة “مارس وان” الهولندية لأكثر من 200 ألف متسابق حول العالم، لتختار من بينهم 40 شخصًا تتم تصفيتهم في مرحلة أخيرة إلى 4 فقط من الجنسين، تمهيدًا لإرسالهم في رحلة بلا عودة إلى الكوكب الأحمر “المريخ”.
وطبقًا للبيانات التي نشرها الموقع الرسمي لمشروع السفر إلى المريخ، فقد تم قبول خمسة فقط من السعودية لخوض الاختبارات، هم: يحيى بكار (طالب مقيم بالولايات المتحدة، 25 عامًا)، محمد باحاريث (رئيس شباب نادي الأعمال، 28 عامًا)، وآخر يُدعى حمد (مصرفي، 25 عامًا) وعماد القرني (مصمم جرافيكس، 28 عامًا)، بالإضافة إلى عبد الله الزهراني (طيار، 36 عامًا).
ومن المتوقع أن تبدأ مؤسسة “مارس وان” الاختبارات في وقت لاحق من العام الجاري تستمر حتى العام المقبل، حيث يخضع المتسابق في التصفية قبل النهائية إلى نظم محاكاة صارمة، مع التركيز على اختبار القدرات المادية والعاطفية والرياضية والنفسية، لتختار من بينهم رجلين وسيدتين سوف يتم تدريبهم لمدة 7 سنوات، سيشكلون الفوج الأول المسافر إلى الكوكب الأحمر، في رحلة تستغرق 7 أشهر كاملة.
وكانت مؤسسة “مارس وان” أغلقت باب التقدم للرحلة في 9 سبتمبر الماضي، بعد تلقيها 202 ألف و586 طلبا للمشاركة في الرحلة، من 140 دولة.
الموت فوق سطح المريخ
وتقدم فعليا للمشاركة في الرحلة 40 شابًا عربيًا، 11 منهم من مصر، و5 من السعودية، و4 من العراق والأردن، و3 من لبنان والجزائر والمغرب، واثنان من الإمارات، ومتطوع واحد من كل من فلسطين وقطر وسوريا وتونس وليبيا.
وقامت المؤسسة، بفتح باب التطوع أمام الناس كافة من جميع دول العالم، للمشاركة في الرحلة، بشرط واحد، هو الموافقة على الذهاب إلى المريخ دون التفكير في العودة إلى الأرض مرة أخرى، لأن المتطوعين سوف يقضون المتبقي من حياتهم على الكوكب الأحمر ويموتون هناك، حيث ترى المنظمة، أن الحفاظ على حياة الطاقم المشارك في الرحلة وتوفير الماء والغذاء لهم، أيسر بكثير من إعادتهم إلى الأرض مرة أخرى، والأهم من ذلك أنه أكثر أمانا.
فتوى التحريم
ومؤخرًا، أصدرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية بالإمارات بيانًا قالت فيه إنّ أي محاولة للذهاب إلى المريخ ستكون بمثابة المهمة الانتحارية بالغة الخطورة على الأفراد، فمثل هذه الرحلة أحادية الاتجاه ستشكل خطرا حقيقيا على الحياة، وهو ما لا يمكن تبريره في الإسلام مطلقا، خاصةً أن هناك احتمالا قائما بألا يتمكن الأشخاص الذين سيتوجهون إلى المريخ من البقاء على قيد الحياة، معتبرة أنّهم سيواجهون نفس عقاب الأشخاص المنتحرين.
لكن شركة “مارس وان” الهولندية، ردّت على موقعها ببيان تمّنت فيه أن يتذكر رجال الدين أن الإسلام يحث على الاستكشاف ويتيح للمسلمين فرصة التعرف على قدرة الخالق، مستشهدة بالآية القرآنية “ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”.
وأضافت أنّ “استكشاف الفضاء مثله مثل استكشاف الأرض، سيكون له أخطاره ومزاياه، وقد تبدو فكرة إرسال بشر إلى المريخ اليوم فكرة غاية في الخطورة، لكن سيتم إرسال 8 رحلات خاصة بنقل بضائع إلى هناك قبل الإنسان” مذكرة بأنّها ستوفر كل الإجراءات التي ستجعل من الأمر سهلا ومن ذلك “توفير معدات آلية بتحضير الأجواء الصالحة للسكنى، وتوفير المياه والمناخ الذي يتيح القدرة على التنفس بشكل مريح كما هو الحال على الأرض”.
لكنّ دائرة الأوقاف، أكدت في بيان لـCNN بالعربية ورود سؤال إلى لجنة الفتوى الشرعية بالهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، حول حكم سفر الإنسان إلى المريخ بلا عودة، وأضافت أن اللجنة الشرعية أصدرت الجواب التالي: بناء على النصوص وإجماع العُلماء، لا يجوز السفر إلى المريخ بلا عودة إذا كانت الحياة غير متحققة فيه واحتمالات الموت أكثر من احتمالات الحياة ، لما فيه من تعريض النفس للهلاك.
وشدّدت في ختام البيان على أنّ “الهيئة لا علاقة لها بتحريف السؤال والفتوى اللذين تناقلتهما وسائل الإعلام ونسبا إلى الهيئة”.
4 أشخاص.. مجرد بداية
وتتمنى “مارس وان” ألا يكون إرسال أول أربعة أشخاص هو نهاية المطاف، حيث تتوقع أن يكون ذلك مجرد بداية، وسوف تتبعهم بمجموعة من المستوطنين تباعا كل عامين، وستكون هناك مساكن خاصة في انتظار أعضاء المستوطنة البشرية الأولى، وستوفر الطاقة لهم عبر بطاريات شمسية، أما الماء فستتم معالجته واستخدامه أكثر من مرة، وسيكون عليهم زراعة بعض النباتات ليقتاتوا عليها.
واشترطت المنظمة أن يتمتع المتطوع بحالة بدنية جيدة، بينما لم تشترط فيه أي مستوى تعليمي أو خبرات خاصة، واكتفت بضرورة أن تكون سنه فوق الـ18 دون حد أقصى للعمر، لذلك نجد أن من بين المتقدمين 7 أشخاص فوق سن الـ70، أكبرهم الأمريكية مارجوري جيان بيجرز البالغة من العمل 80 عاما، بينما تقدم العشرات من مختلف دول العالم ممن لم تتجاوز أعمارهم الـ18 عاما.
وبحسب الموقع الإلكتروني الرسمي للمشروع، فإن عام 2016 سيشهد إرسال 25 ألف كيلو جرام من الطعام إلى جانب قمر صناعي، بينما سيتم إرسال مركبة استكشافية عام 2018 لسطح المريخ للبحث عن أفضل الأماكن للاستقرار على الكوكب، وفي عام 2021 ستكون جميع المؤن المطلوبة قد وصلت، بالإضافة إلى مركبة استكشافية أخرى وسيتم إرسال الآلات اللازمة لتصنيع المياه والأكسجين وصنع المناخ الأرضي على سطح المريخ لتنطلق أول رحلة في 14 سبتمبر 2021 وعلى متنها 4 أشخاص، سوف يقومون ببناء مستوطنة لتصل أول دفعة من السكان عام 2023 والذين سيجلبون معهم معدات وأدوات للاستقرار، وفي عام 2033، سيصبح عدد المستوطنين 20 فردا.
يُشار إلى أن المؤسسة حصلت على تبرعات لتمويل الرحلة من سعوديين بقيمة 150 دولار (ما يُعادل 562.5 ريال) ضمن 218 ألف دولار جمعتها من 85 دولة حول العالم.