أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر العلن.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام :” إن من المعلوم لدى كل مسلم أن الله جل في علاه، هو المتفضل على خلقه كافة بما لا كفء له من الفضل ولا حد لمنتهاه، فكم لله من أفضال على البريات، وكم أسبغ على العباد من عظيم النعم وجزيل الهبات، ورأس ذلك الفضل وأعظمه التوحيد، وهو الإقرار بأنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له وإخلاص الدين والعبادةِ له كما قال الله عن يوسف عليه السلام (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاس وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُون).
وأوضح أن من فضل الله وكرمه بِعثة الرسل -عليهم السلام- وخاتمهم محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي امتن الله على الأمة ببِعثته فقال عز من قائل (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، ومن فضل الله على هذه الأمة المحمدية الاصطفاءُ وإيراث الكتاب العزيز قال سبحانه ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)، مبيناً أن من مظاهر فضل الله على المؤمنين أن حبب إليهم الإِيمان وزينه في قلوبهم، وبغض إليهم الكفر والكبائر والصغائر وتوبته عليهم وتجاوزه عن خطاياهم وتوفيقهم لتزكية أنفسهم وتوفيقهم وتأديبهم وتعليمهم ما لم يكونوا يعلمون وإرشادهم إلى أنواع المصالح، والتحذير من حبائل الشيطان والعصمة من متابعته، كذلك من فضل الله ومنته ما ينعم به عليهم من الفتح والغنيمة والنصر والظفر والتمكين، ومن فضله عليهم أن يغنيهم من الفقر والفاقة وضيق العيش، كما أنهم يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر، ومن فضل الله على العباد أن جعل لهم الليل؛ ليسكنوا فيه، ويحققوا راحتهم، والنهارَ مضيئًا؛ ليُصَرِّفوا فيه أمور معاشهم، ومن فضل الله على الناس تركه معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم إياه وكفرهم به.
وأكد الدكتور الغزاوي أن في العشر المباركات الخير العميم والفضل العظيم وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، ومن ذلك أنه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر، وكان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد مئزره،حاثاً على الإكثار من الطاعات والابتعاد عن إضاعة الأوقات وعمل السيئات.
وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن فضل ومكانة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، والمنزل العظيمة لليلة القدر وهي تاج الشهر الفضيل، تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربنا عز وجلّ.
وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي:” إن إدراك مواسم الخير من نعم الله العظيمة، وشهود الأزمنة التي يضاعف فيها ثواب العمل الصالح من علامة إرادة الله لعبده الخير، ومهما طال عمر العبد فهو قصير، ومن مواسم الخير من مضاعفة الأجر وكثرة الثواب ما يعدل للزيادة في العمر والفسحة في الأجل “.
وأضاف :” من أدرك رمضان وأمكنه الله من صيامه وقيامه، فقد وهب فرصة فاتت كثيراً من الخلق، فإذا فسح له في أجله حتى بلغ العشر الأواخر منه فقد خُصّ بما يُتحسّر على فقده، ويُحزن على فواته، لإعطائه مهلة يزداد فيها من الخير، ويستغفر فيها من ذنوبه ويسترك ما فاته ويصلح ما فرط فيه ويعمل من الصالحات ما ترتفع به مرتبته في الجنة”.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أن ليلة القدر ذات الشأن العظيم والمنزل الرفيعة، ليلة مباركة خيرها كثير، ليلة العمل والثواب فيها خير من عبادة ألف شهر، ليلة يقضي الله فيها بين خلقه، ويحكم بينهم، ويكتب أقدار عام كامل من أعمارهم، فيفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها، ليلة يكثر فيها تنزّل الملائكة من السماء لكثرة بركتها، والملا كة يتنزّلون مع تنزّل البركة والحمد عند تلاوة القرآن العظيم ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم تعظيماً له، ورضا بما يصنع.
وبيّن الشيخ القاسم أن قيام ليلة القدر مع التصديق بثوابه مع احتساب أجرها جزاؤه مغفرة الذنوب كلها، وقيامه يكون بالصلاة فيها والدعاء والذكر وكثرة الاستغفار ونحو ذلك، ومن حُرم بركتها وخيرها فهو محروم، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتحرّاها ويحثّ أصحابه على تحرّيها في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الأوتار من العشر آكد، فكان – عليه الصلاة والسلام – يكثر العبادة في هذه العشر ويجتهد فيها اجتهاداً، يحيي عامة الليل مجتهداً بالصلاة والذكر والدعاء والاستغفار، وكان صلى – الله عليه وسلم – في هذه العشر يتقلّل من أمر الدنيا ويعتزل الناس، ويوقظ أهل بيته لينالوا من بركة هذه الليالي ويصيبوا من خيرها، فكان يعتكف في مسجده في هذه العشر يتحرّى ليلة القدر، حتى يدركها وهو في عبادة متّصلة بحضور القلب.
وبيّن فضيلته أنه يشرع في هذه العشر الأواخر من رمضان كثرة الذكر والدعاء والمداومة على تلاوة القرآن، والإحسان إلى الخلق بأنواع الصدقات، وتفطير الصائمين، وسدّ حاجات المعوزين، وصلة الارحام، وبرّ الوالدين، والإحسان إلى الجيران، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي – صلى الله عليه وسلم- .