ظل رد الولايات المتحدة والناتو، بشأن الضمانات الأمنية الروسية في شرق أوروبا غير معروفًا لدى وسائل الإعلام، واكتفت واشنطن بالقول إنها عرضت على روسيا “مسارًا دبلوماسيًّا جادًا” لحل الأزمة الأوكرانية. فيما أعلنت موسكو منذ أيام استلام الرد الخطي من واشنطن والناتو بشأن الضمانات الأمنية.
الرد الخطي على الضمانات الأمنية الروسية، أعلنت موسكو قبل نحو أسبوع أن سفير واشنطن لديها سلمها إلى نائب وزير الخارجية الروسية ألكسندر جروشكو.
أمس الاثنين، تلقت واشنطن رسالة من موسكو حول مطالبها الأمنية بخصوص الأزمة الأوكرانية. وكانت موسكو اقترحت ضمانات خطية، وفي مقدمتها التعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أبدا وبوقف توسع الحلف شرقًا.
لم تكشف الولايات المتحدة عن ردها لوسائل الإعلام وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، عنها، إنها تضمنت رفضًا للمطالب الروسية فضلاً عما وصفه بالمقترحات الإيجابية التي يتعين متابعتها.
تسريب يكشف الرد الأمريكي
كشفت صحيفة “”إل باييس” الإسبانية، في نسختيها الإنجليزية والإسبانية عن وثائق كشفت رد الناتو وواشنطن بشأن المقترحات الأمنية الروسية. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” جون كيربي، صحة ما سرّب عن فحوى الرد الأمريكي السري لموسكو، حول الضمانات الأمنية التي اقترحتها روسيا على واشنطن والناتو.
وقال كيربي، إن واشنطن لم تنشر الرد على المقترحات الأمنية الروسية، لكنها كشفت حاليًا، ما يؤكد أن ما تقوله الولايات المتحدة لا يتضمن تناقضات بين التصريحات العامة والمناقشات الخاصة.
ماذا قالت واشنطن بشأن الضمانات الروسية؟
في التسريب الذي كشفت عنه الصحيفة الإسبانية، نشر وثيقتين تضم إحداهما الرد الخطي على الضمانات الأمنية الروسية من قبل روسيا ومؤلفة من 5 صفحات، والأخرى رد الناتو المكونة من 4 صفحات.
وجاء في الرد الأمريكي وفقًا للصحيفة وما نشرته وكالة “رويترز” عنها، استعداد واشنطن للتفاوض مع روسيا وإبرام اتفاقات متبادلة في حال التزمت موسكو بها، لوضع آليات للتعامل مع المخاوف الأمنية المتبادلة.
وأعربت واشنطن في ردها عن استعدادها لمناقشة تبني إجراءات شفافة والتزامات متبادلة مع روسيا تتضمن عدم نشر منظومات صاروخية هجومية وقوات دائمة بمهام قتالية في أوكرانيا، في حال وافقت موسكو على نفس الشيء، ومناقشة إجراءات تهدف لزيادة الشفافية بشأن المناورات العسكرية البرية في أوروبا، ووضع آلية للإبلاغ عن المناورات العسكرية وخفض المخاطر النووية.
وكشفت الوثائق، عن استعداد واشنطن والناتو، لمناقشة الإجراءات المتبادلة مع موسكو، لتجنب الحوادث الخطيرة في الجو والبحر، كما طمأنت روسيا بعدم وجود صواريخ من طراز “توماهوك كروز” في رومانيا وبولندا.
وعرضت الولايات المتحدة الشفافية بشأن مواقع الصواريخ الرومانية والبولندية إذا فعلت موسكو الشيء نفسه في موقعين في روسيا، يختارهما الناتو.
ودعت في الوثيقة، إلى عقد اتفاقية بديلة لمعاهدة “ستارت 3” بشأن أنواعًا جديدةً من الأسلحة النووية، فضلاً عن الرقابة على الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
ودعمت سياسة حلف الشمال الأطلسي “الأبواب المفتوحة” في إشارة لرفض طلب موسكو بشأن إغلاق باب مناقشة انضمام أوكرانيا أو دول أخرى شرق أوروبا إلى الناتو، مشددة في ردها على أنه لا يمكن إحراز تقدم في ظل استمرار التصعيد الروسي.
الناتو: استقرار العلاقات في مصلحة الجميع
جاء في رد الناتو، أنه يعزز سياسة الباب المفتوح ويؤكد على حق جميع الدول في اختيار اتفاقياتها من حيث الأمن “بعيدًا عن التدخل الخارجي”، مشيرًا إلى أنه تحالف “دفاعي” ويلتزم بالمبادئ والاتفاقيات الأساسية لأمن أوروبا، وأن استقرار العلاقة بينه وبين موسكو في مصلحة الطرفين.
ودعا إلى انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية وجورجيا ومولدوفا، في إشارة إلى شبه جزيرة القرم.
وطالبت بزيادة الإجراءات الهادفة إلى تعزيز الشفافية بشأن المناورات العسكرية، وتحديث “وثيقة فيينا” الخاصة بالرقابة على التسلح، وكذلك خفض المخاطر ضمن منظمة معاهدة الأمن والتعاون في أوروبا.
يشار إلى أن “وثيقة فيينا” هي اتفاق بين الدول المشاركة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتنفيذ تدابير بناء الثقة والأمن، وتشمل شروطها التبادل السنوي للمعلومات العسكرية بشأن القوات الموجودة في القارة.
وشدد الناتو، مثل واشنطن، على أنه لا يمكن إحراز أي تقدم في المسائل موضع المناقشة مع روسيا، إلا في حال خفضت موسكو تصعيدها على الحدود الأوكرانية.
وكانت روسيا تقدمت في 17 ديسمبر الماضي، بمقترحات لضمان أمنها إلى الولايات المتحدة والناتو، في خضم مناقشات لا تزال مستمرة بين موسكو والغرب الذي يتهمها بحشد قواتها والتحضير لغزو عسكري لأوكرانيا. وتضمنت الاقتراحات الروسية، وقف توسع الناتو شرقًا، والالتزام بعدم نشر أنظمة صواريخ جديدة قرب الحدود الروسية تهدد أمن موسكو.
وفي 26 يناير الماضي، تسلمت موسكو ردًا من واشنطن والناتو بشأن مقترحاتها الأمنية في شرق أوروبا، وطالبت وقتها الولايات المتحدة، روسيا بعدم نشر نص ردها على الضمانات الأمنية.