نظّم مركز النشاط الاجتماعي بقرية الجعدية بمحافظة أحد المسارحة جنوب منطقة جازان عصر أمس مهرجانًا للخضير (الذرة الرفيعة)، وهو الأشهر في المنطقة، للعام الثالث على التوالي؛ وذلك تجديدًا للموروث، حضره العديد من المزارعين من المحافظة والمحافظات الأخرى، خاصة كبار السن؛ لعرض منتجهم من سنابل القمح بعد قطفها من المزارع التي تتعدد أصنافها، وتشمل الذرة البيضاء والحمراء والشهلاء والشاحبي والذرة القهرية والغرب.
وتمرُّ الذرة قبل الحصاد بتسع مراحل، تبدأ بمرحلة المعاصرة، ثم مرحلة الجضم، وبعدها مرحلة مج العذق، يلي ذلك مرحلة الصفو، ثم مرحلة الخريط، وهو أولى مراحل نمو الحبة “البذرة”، فمرحلة النجيف بظهور نصف الحبة تقريبًا، ثم مرحلة الشويط؛ إذ تكون الحبة طرية، ثم مرحلة الخضير، وأخيرًا الذرة الحمراء كاملة النضج.
وتشهد مزارع جازان هذه الأيام رحلة “الخضير” من كل عام، وهي نتيجة عمل منذ أشهر. فبعد حرث الأرض وبذرها بالحبوب، وبعد أن ارتوت من خير ربها، يخوض المزارعون معركتهم لحماية السنابل، وطرد الطيور التي تحلق فوق مزارعهم. فبعد أن كانوا قديمًا يطاردونها بترديد أصواتهم في مساحات الفضاء تعددت اليوم أدوات الطرد؛ فهناك “المقلاع”، وهو عبارة عن حبل سميك، يُحدث صوتًا شبيهًا بصوت المسدس. و”المضيفة”، وهي طريقة لرمي الطيور بنوع من كدر الطين، وبعضهم يضع الحصى داخل علبة، ويتم رميها بقوة؛ لتُحدث صوتًا مزعجًا للطيور. وتستمر عملية الطرد مدة 15 يومًا.
وتحتفل الأسر هذه الأيام بما يسمى “ليالي الشويط”، وهي شوي السنابل على لهب النار حتى تنضج، ثم تُضرب بالعصى حتى تخرج منها الحبوب، وعادة ما تؤكل في المزرعة.
وللخضير طرق متنوعة في التحضير، من أشهرها “المفالت”، وطريقته أن يُغلى بالحليب مع وضع قليل من الملح على شكل لقيمات، ويُترك على النار حتى يتبخر، ويضاف إليه العسل والسمن. وطريقة “الثريث”، وهي وضع الخضير في تنور، ثم يهرس في حليب، ويضاف إليه السمن والسكر. ومن ألذ الأكلات ما يسمى “مرسة الخضير” التي تعد بعد خبز الخضير في تنور، يفرم، ويخلط بالموز والعسل والسمن. وهناك طرق كثيرة لاستخدامه.
ويعد “الخضير” وجبة غنية تراثيًّا وغذائيًّا، يتهافت عليها الكثير من أبناء جازان، ويمثل موسمًا مهمًّا وجاذبًا وفارقًا في سلسلة المواسم التي تزخر بها جازان، ويعد لها العدة، وتجتذب الكثير من أبناء المناطق المجاورة وزوارها القاصدين للتعرف على موروثاتها وثقافاتها المتنوعة.