في إحصائية ذات دلالة عن حجم التغيرات المواكبة لتحول العالم إلى الاقتصاد الرقمي، أعلن البنك الدولي أن قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي بلغت 11.5 تريليون دولار، أو 15.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2019، ويتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 25 في المئة خلال أقل من عقد من الزمان، لكن دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” عن مؤشرات التحول الرقمي في العالم منذ كارثة الأزمة المالية في 2008 إلى أزمة فيروس كورونا المستجد، بينت أن عدد المتسوقين بواسطة الإنترنت زاد بأكثر من الضعف خلال هذه الفترة، وارتفعت قيم مبيعات الأعمال للمستهلك من أقل من تريليون دولار إلى 3.8 تريليون دولار، وأن القيمة السوقية المجمعة لشركات أمازون وأبل وفيسبوك وجوجل ومايكروسوف، ارتفعت من نحو 500 مليار دولار، إلى أكثر من 7.5 تريليون دولار.
وعلى غير ما يفترض البعض من أن قيام الاقتصاد الرقمي على نظم الحاسوب سيقلص فرص العمل والكسب المتاحة أمام الأفراد في العالم، أوضح البنك الدولي في إحصائيته السالفة، أن الموجة المستمرة من الابتكارات العملية التي يعتمد عليها الاقتصاد الرقمي، قادرة على إزالة أي عقبات تحول بين الناس والفرص، خصوصاً الفئات الأشد فقراً والأكثر معاناة وتأثراً؛ فبفضل المنصات الرقمية أصبح بإمكان الأفراد – أينما كانوا – الوصول إلى قدر غير مسبوق من المعلومات، والعمل بوظائف عبر الإنترنت، والالتحاق بدورات إلكترونية، والاستفادة من الخدمات المالية الإلكترونية عبر الهاتف، كبديل سهل وآمن للنظام المصرفي التقليدي، بالإضافة إلى أن أنظمة تحديد الهوية الرقمية أتاحت لملايين المهمشين إثبات هويتهم، وممارسة حقوقهم، والاستفادة من الخدمات الضرورية.
ورغم أن السعودية تسلمت رئاسة قمة مجموعة العشرين 2020 في أول ديسمبر (كانون الأول) 2019، وعرضت برنامج رئاستها في هذا التاريخ، الذي سبق إعلان الصين عن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد، فإن توقعات السعودية بشأن ما ستؤديه التكنولوجيــا الرقميــة من التحول إلى الاقتصاد العالمي والتأثير الكبيــر علــى الأفـراد والأســواق والحكومــات، جاءت صادقة تماماً؛ إذ بينت منظمة “أونكتاد” في دراستها المشار إليها التي نشرت في أبريل الماضي، أن أزمة فيروس كورونا أدت إلى تسريع عملية الاستفادة من الحلول والتطبيقات والخدمات الرقمية، ما أدى إلى تسريع التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، رغم أنها كشفت عن هوة واسعة بين الدول في إمكاناتها للاستيعاب الرقمي.
ولا شك أن هذه الهوة بين الدول في التحول صوب الاقتصاد الرقمي، تعزز من جدوى إدراج السعودية للقضية ضمن برنامجها لرئاسة قمة مجموعة العشرين لتستفيد كل دول العالم من الفرص الكامنة في الاقتصاد الرقمي، وقد تجسد اهتمام المملكة بالاقتصاد الرقمي في منحه إطاراً مستقلاً حمل عنوان “تمكين الاقتصاد الرقمي”، من بين سبعة إطارات ضمها محور “تشكيل آفاق جديدة”، وتؤسس السعودية رؤيتها للاقتصاد الرقمي على اعتباره التحول الآخذ في التشكل حالياً، ومن ثمّ تدعو إلى التمكين له من خلال بحث السياسات والخطط والتشريعات التي يتطلبها، ومعالجة التحديات التي تواجهه، متعهدة في هذا الصدد بأن مجموعــة العشــرين ستستمر فــي معالجــة التحديات التي تواجه الاقتصاد الرقمي خلال رئاســتها المملكــة، ومنها تمكين القطــاع الخــاص مــن الاستفادة مــن الاقتصــاد الرقمــي، تحديــد إطــار عمــل لاقتصــاد موثــوق يتمركــز حــول الإنســان.