– تشكيل لجنة تضم عدداً من الجهات الحكومية تدرس وضع آلية تساهم في الحد من الفاقد والهدر في سلسلة إمداد الغذاء بالسعودية.
– وكيل وزارة الزراعة: في المجتمع أنماط استهلاكية مبنية على التباهي والإسراف المخل.
– أخصائية التغذية إيمان إسماعيل: أحذر من ارتفاع نسبة السمنة بسبب العادات الغذائية الخاطئة.
– الخبير الاقتصادي فضل البوعينين: الفرد السعودي يستهلك من الطعام ما يفوق حاجته بكثير.
– نسبة الهدر المرتبطة بالمناسبات العامة تتجاوز الـ 70% ترمى دون استهلاك.
– ثقافة الادخار تساهم في تخفيض الأسعار 50% و3 ملايين طفل سعودي يعاني من السمنة
– الأعراس السعودية ساحة للتنافس بولائم “المفاطيح”.
غزوان الحسن – سبق – الرياض: هناك أناسٌ يأكلون حتى التخمة وآخرون ينامون جياعاً، كم من موائد عامرةٍ زاخرة وأخرى خاوية، في الوقت الذي اجتاز فيه جياع العالم الـ 870 مليون جائع، يهدر يومياً 1.3 مليار طن من المواد الغذائية في العالم تلقى في حاويات القمامة وعلى قارعة الطرقات، نتيجة لسلوك وعادات وتقاليد خاطئة تُتبع في غياب واضح لحملات التوعية للحفاظ على هذه النعمة التي من الله علينا بها.
عادات مادية
أجمع غالبية أن العادات والتقاليد التي تحكم الأسر السعودية من ناحية الضيافة والكرم هي أحد الأسباب الرئيسة التي تساهم في هدر كميات الطعام. حيث أشار المهندس “عمر الغنام ” إلى أن العرب معروفون بكرم الضيافة الذي يأخذ أشكالاً متعددة للترحيب بالضيف فالولائم والذبائح والشراب أول ما يتم تقديمه وبكميات كبيرة، تُهدر نصفها أو أكثر بمجرد مغادرة الضيف وخصوصاً أن هناك أنواعاً من الأطعمة تتلف مع مرور الوقت.
وقالت المعلمة “بيان عبدالله”: إن المائدة السعودية لابد أن تكون مليئة بكافة الأنواع والأصناف من الأطعمة، وأنا كربة أسرة لا أستطيع أن أقلل من كميات الطعام الذي أعده في العزائم لأنه يرتبط بالعادات والتقاليد التي تُربط دائماً بين زيادة الطعام والكرم.
ويقول “فهد حامدي ” إن ما يميز العرس السعودي هو كثرة الطعام وذبح “المفاطيح” التي ترهق جيب الخاطب نتيجة لعادات ورثناها من آبائنا حيث تتحول موائد الأفراح إلى ساحة للتنافس على “المفاطيح” ومن يولم أكثر يصبح عرسه فاخراً أكثر، مع العلم أن تلك الولائم تهدر نصفها في نهاية العرس.
أرقام وإحصاءات
وفقاً للإحصاءات الأخيرة مازالت السعودية في مقدمة الدول الأكثر استهلاكاً للأغذية في المنطقة بنسبة 60% ويعتبر الخليج العربي من أكثر المناطق استهلاكاً بنسبة 3.1% سنوياً وهدراً للمواد الغذائية، مع توقع أن يصل معدل الاستهلاك إلى 49.1 مليون طن متري من المواد الغذائية، ويشكل الغذاء ما نسبته 35% من النفايات المنزلية، ونحو 13 مليون طن من المواد الغذائية وبقايا الأطعمة يتم التخلص منها في مكبات النفايات بالسعودية، فيما بلغت عدد الوجبات الغذائية التي تهدر بشكل يومي في المنطقة الشرقية لوحدها 4 ملايين وجبة غذائية، حسبما ذكر مدير العلاقات العامة والإعلام في جمعية “إطعام” خالد الخان لـ “سبق” تكون غالبيتها من قصور الأفراح والعزائم، والفنادق، وتعمل الجمعية على استقبال وفرز الطعام الزائد وتعبئته في الأوعية الخاصة بها ويتم توزيعه لأكثر من 5000 أسرة مستفيدة وإن الجمعية باشرت بفتح فرع لها في الرياض حيث تقدر كميات الوجبات التي تهدر 12 مليون وجبة. وسيتم خلال الثلاثة أشهر القادمة افتتاح فرع القطيف وضواحيها.
إسراف غير مبرر
ومن جانبه أوضح وكيل وزارة الزراعة لشؤون الثروة السمكية المتحدث الرسمي “المهندس جابر بن محمد الشهري .. عن وجود أنماط استهلاكية في السعودية مبنية على التباهي والإسراف المخل، وتحديداً في الولائم والاحتفالات وغيرها من المناسبات الاجتماعية والدينية، وهذا الإسراف غير المبرر، له أضرار على المدى البعيد في زيادة الاستهلاك وانخفاض الادخار على المستوى الوطني وزيادة المخلفات ما يؤدي إلى زيادة التلوث البيئي بكافة أشكاله مما يزيد الأعباء على الدولة لكي تتخلص من هذه النفايات، وصعوبة تغيير النمط السلوكي لدى المواطنين يعد من أهم العوامل التي تعرقل تحقيق أمن الغذاء، ويكلف المستهلك أعباء مالية ليس فقط في شرائه، بل أيضاً في التخلص منه، ووفقاً لبعض الدراسات فإن الغذاء يشكل ما نسبته 35% من النفايات المنزلية وإن هناك أهمية قصوى لأن يتم رفع مستوى الوعي بين المنشآت وتجارة التجزئة والمستهلكين، فضلاً عن إيجاد السبل العلاجية للمحافظة على الأغذية المهملة، واتخاذ التدابير المثمرة لتقليل القدر الممكن من هدر الطعام. وتابع ” الشهري” صدرت الموافقة السامية على تشكيل لجنة تضم عدداً من الجهات الحكومية تدرس وضع آلية تساهم في الحد من الفاقد والهدر في سلسلة إمداد الغذاء، وإعداد التوصيات اللازمة لذلك، شاملة زيادة كفاءة إنتاج الغذاء ورفع أداء سلسلة الإمدادات من المنتج حتى وصوله للمستهلك النهائي ورفع كفاءة التنسيق بين الجهات ذات العلاقة في المراحل المختلفة لإنتاج وتسويق الغذاء وأهمية مراجعة الخطط المتعلقة بتداول الغذاء وتخزينه وتسويقه واستهلاكه.
سمنة ووفيات
وأشارت أخصائية التغذية “إيمان إسماعيل ” إلى العادات الغذائية الخاطئة داخل المجتمع، ما يؤدي إلى هدر نسب كبيرة من الطعام،وقالت: على الفرد أن يكون حسن الاختيار فيما يحتاج، ضاربة مثلاً ببعض العادات الغذائية الخاطئة ومنها العزومات والبوفيهات المفتوحة التي تجذب العين ما يجعل الفرد يأخذ أكثر من احتياجه، وبالتالي ينتج عنه هدر نسب كبيرة من الطعام.وتابعت “إسماعيل ” حديثها محذرة من ارتفاع نسبة السمنة في السعودية وتأثيرها على الجسم بسبب العادات الغذائية الخاطئة فيصبح الشخص عرضة لأمراض السكري وارتفاع الكولسترول والضغط، وقالت: هناك 3 ملايين طفل يعاني من السمنة في المملكة، كما أن هناك 45% من نسبة الذكور و51% من نسبة الإناث يعانون من السمنة، ما ينتج عنة حالات وفاة سنوية تصل إلى 20000 والسبب دائما راجع إلى السمنة وأمراض القلب والسكري الناتجة منها. وحول عدد السعرات التي يحتاجها الفرد يومياً، أفادت إسماعيل: تختلف السعرات على حسب عمر الشخص فالطفل من 4 إلى 8 سنوات يحتاج 1742 سعراً حرارياً أما عمر 9 الى13 عاماً فيحتاج 2279 سعراً، ومن عمر 14 -18عاماً تحتاج تلك الفئة العمرية 3152 سعراً حرارياً، وما فوق فيحتاج 3067 سعراً حرارياً. ولفتت إلى أن هناك زيادة كبيرة في نسبة البروتين التي يتناولها الفرد يومياً، مؤكدة أن الرجل لا يحتاج سوى 9. جرام من البروتين لكل كيلو جرام في الجسم، أما المرأة فتحتاج 8. من البروتين لكل كيلوجرام، وعلى الفرد أن يتناول الوجبة التي يجتمع فيها كافة العناصر الغذائية.
انخفاض في الأسعار
وتحدث الخبير الاقتصادي فضل البوعينين قائلاً إن الفرد السعودي يستهلك من الطعام ما يفوق حاجته بكثير،ما يؤدي إلى هدر أكثر من 50% منه، وإن نسبة الهدر المرتبطة بالمناسبات العامة تتجاوز الـ 70% ترمى دون استهلاك (مخلفات مناسبات )، وهذه النسب المرتفعة من الهدر تتسبب في استنزاف ميزانية الفرد التي ترهقه فوق طاقته في الوقت الذي من الممكن أن نوفر منها لو رشدنا في استهلاك الطعام، مبيناً أنه لو استطاع الفرد السعودي تخفيض نسبة استهلاكه اليومي من الطعام 30% لساهم في دور كبير في انخفاض أسعار المواد الغذائية والطعام ما لا يقل عن 15% أما فيما يتعلق بالأطعمة ذات الصلاحية المحدودة وسريعة التلف مثل (الفواكه والخضار كالطماطم ) لو خفض المواطن مشترياته بحدود حاجته اليومية منها بنسبة 50% لخُفضت أسعارها بالمثل وذلك نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب. واعتبر ” البوعينين” زيادة الاستهلاك من الأمور المؤثرة سلباً على الاقتصاد العام، كون الاقتصاد يعتمد وبشكل أساسي على الادخار وليس الاستهلاك لذلك نجد أن الأسر السعودية لا تتمتع بثقافة كفاءة الادخار وأصبح التوجه إلى البنوك والقروض وغيرها من الأمور لسد حاجاته، وعلى سبيل المثال (تعتمد غالبية الأسر محدودة الدخل على طلبات من محال الوجبات السريعة والتي لا يقل سعر الوجبة فيها عن 100 ريال تخيل لو طلبت الأسرة طلباً واحداً يومياً لكان معدل مصروفها يصل إلى 3000 ريال سعودي يمكن الاستعاضة عنه بثلثي المبلغ وشراء أطعمة وحاجيات الأسرة ويكون بذلك حصلت على كمية من الطعام الكافي وبسعر أوفر وقلصت كمية الهدر، وحول نسبة إنفاق الموظف أو الفرد من راتبه الشهري على الأطعمة قال: ” البوعينين ” إن هناك بندين أساسيين في الرواتب يتم فيها الاستهلاك وهي الشقة والطعام، ولكن هناك نقطة مهمة يجب ملاحظتها وهي انخفاض نسبة إنفاق الأسرة السعودية على التعليم إلى أبعد الحدود حيث لا يعيرونه جانباً كبيراً كما يعيرون جانب الطعام والصرف الذي يذهب غالبيته للهدر ( إطعام العقول خير من إطعام البطون).