قبل أكثر من 88 عامًا، كانت منطقة جازان تعيش في حروب داخلية بين أطراف مختلفة وأنهكت قبائلها بالنزاعات، وكان اقتصادها يعتمد على الزراعة وميناء عثّر الأقري المندثر الذي يقع قرب ميناء بيش (تحت الإنشاء حاليًا)، وحالت تلك النزاعات والحروب دون أن تتقدم المنطقة التي كانت تتكون من إمارات صغيرة -في حقبة الأدارسة وغيرهم- تصل بعضها – وفق روايات متواترة- إلى محافظات في مناطق الجوار وفق التقسيم الإداري حاليًا، فأرسل جلالة الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه- قواته لحمايتها بناءً على رغبة رجالات من جازان في تلك الحقبة الزمنية؛ كونها كانت جزءًا من الدولة السعودية الأولى.
وعادت جازان إلى الحكم السعودي، وكان أول مندوب لجلالة الملك عبدالعزيز بجازان هو صالح بن عبدالواحد، وكانت عودة جازان للحكم السعودي الأقل دموية واقتتالاً؛ كون الأغلب من الهجر والمشايخ كانت لهم الرغبة بالعودة للحكم السعودي، بعدما حضرت قوات العثمانيين إلى بعض الشواطئ بعد فشلهم في السيطرة على المدن والمراكز بقوة المواجهة من القبائل ذلك الوقت نظرًا لتفكك الإمارات.
ومنذ دخلت جازان تحت الحكم السعودي، وكان في ذلك الوقت بمسمى “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، شهدت المنطقة انتعاشًا اقتصاديًا وفتحاً للطرقات، وبدأت مأسسة الحركة التعليمية، نظرًا لكون المنطقة كانت تحتضن الكثير من العلماء والمثقفين والأدباء والشعراء، ومنذ ذلك الوقت وإلى ما بعد 88 عامًا، ولازالت التنمية تتواصل.
وشهدت المنطقة الاهتمام الكبير من القيادة العليا، فقد وقف حكام ذلك البلد على احتياجاتها ميدانيًا ابتداءً من جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وأبنائه البررة من بعده، وكان لوقفاتهم الدور الكبير في تنمية المنطقة، وتوفير الخدمات لساكنيها، وتوفير ميزانيات ضخمة من أجل ذلك، ومنها أكثر من 20 مستشفى حكوميًا ما بين جاهز وتحت الإنشاء، وطرق دولية تربطها بالمدن والمناطق الأخرى، ومئات من المدارس والمدينة الجامعية الكبيرة، والمخططات السكنية، وكذلك مشاريع لازالت لم تنته في الإسكان، وخدمات المياه والطرق.
أما المشروع العملاق الضخم الذي ينتظر أن يشكل نقلة نوعية ضخمة في اقتصاد المنطقة والمملكة بشكل عام فهو “مصفاة جازان”، والتي ينتظر أن تفتتح خلال العام 2019، لتحدث طفرة جديدة تكشف عن تحولات المنطقة الضحمة، وكذلك اكتمال مشروع مدينة الصناعات الأساسية والتحويلية الذي سيستثمر المليارات، ومشروع “طريق الحرير” الذي سيُثقل الكفة الاقتصادية للمنطقة.
وفي ذلك اليوم الذي يتم للمملكة منذ إعلان توحيدها 88 عامًا، تحتفل جازان، من أقصى الحد الجنوبي إلى شمالها، ومن شرقها إلى شواطئها، في مشاعر شاكرة للقيادة على ما قدمت ودعمت به المنطقة، لتجعلها في صفوف المناطق المتقدمة، عبر فعاليات متنوعة في مختلف المناطق .